الأربعاء 08 أيار 2024 الموافق لـ 28 شوال 1445هـ

» مفاهيــــم إســـلامــية

آداب الجهاد


قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً﴾1.

أسباب النزول:

بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه في سرية إلى بني غطفان، فلقوا رجلاً منهم قد هرب بغنم له إلى جبل، وكان قد أسلم فقال لهم: "السلام عليكم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله" فبادروا إلى قتله، واستاقوا غنمه، فنزلت الآية2.

توضيح المعاني:

﴿ضَرَبْتُمْ﴾: هاجرتم أو سافرتم.
﴿فَتَبَيَّنُو﴾: من التبيّن بمعنى التمييز.
﴿عَرَضَ﴾: متاع.

الإشارات والمضامين:

1- وجوب تحقّق المجاهدين من إسلام أو كفر القوى المواجهة:
الضرب هو السير في الأرض والسفر وتقييده بسبيل الله يدلّ على أنّ المراد به هو الخروج للجهاد. والتبيّن هو التمييز، والمراد به التمييز بين المؤمن والكافر بقرينة قوله: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا...﴾3، وتكرار لفظ ﴿فَتَبَيَّنُو﴾ مرتين في الآية للتأكيد على مسألة التحقُّق والتبيُّن4.

2- حرمة قتل أفراد العدو في حال إظهار الإسلام:
المراد من "إلقاء السلام" بقرينة "لست مؤمناً"، إظهار الإسلام بقول الشهادتين أو الكلام الحاكي عن إسلامه5. ويمكن أن يُستفاد من سبب نزول الآية حرمة القتل، لأنّ قول ﴿لَسْتَ مُؤْمِنً﴾ لمن أظهر إسلامه، كان مقدّمة لقتله، وقد نهي عن هذا الأمر فيها.

3- اكتساب المغانم ليس من الأهداف المشروعة للجهاد:
المراد من ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ﴾ طلب المال والغنيمة6. وبناءً على دلالة هذه الآية، يجب أن لا يكون غرض المسلمين من الجهاد تحقيق أهداف مادية واكتساب المغانم، لأن الهدف من الجهاد الإسلامي ليس التوسّع، وجمع المغانم7.

4- تشجيع المجاهدين على اكتساب المغانم الأخروية:
جملة ﴿...فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ...﴾ تعني: أنّ ما عند الله من المغانم أفضل من مغنم الدنيا الذي يريدونه، لكثرتها وبقائها، فهي التي يجب عليهم أن يؤثروها8.

5- قتل الأشخاص للحصول على المغانم من الأساليب الجاهلية المرفوضة:
يظهر أنّ كلمة "كذلك" فيها إشارة إلى جملة ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ﴾. وعليه: فالمقصود من قوله تعالى: "مِن قبل"، أي قبل الإسلام الذي هو عصر الجاهلية، حيث كان الناس يقتل بعضهم بعضاً لأجل مال الدنيا وبلا أي مبرّر9.

6- من النعم الإلهية امتناع المجاهدين المسلمين عن قتل الأشخاص بهدف الحصول على المغانم:
معنى المنّة: النعمة الكبيرة10، ومعنى جملة ﴿فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ﴾: أي إنّ الله أعطاكم إيماناً صارفاً لكم عن ابتغاء عرض الحياة الدنيا إلى ما عند الله من المغانم الكثيرة، فإذا كان كذلك فيجب عليكم أن تتبيّنوا الفرق بين الأمرين11.

7- التحذير الإلهي للمجاهدين للإلتزام بالأوامر والنواهي الإلهية:
يظهر من جملة ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً﴾، بيان علّة الأمر بالتبيُّن والتحقُّق، والنهي عن الهجوم على العدو في حال أظهر إسلامه، وهذا تحذير لمجاهدي الإسلام من أجل الالتزام بالأوامر والنواهي الإلهية.

قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾12.

لما وصلت قافلة المشركين بسلام وأخذ أبو سفيان عيره، أرسل إلى قريش أن ارجعوا، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نَرِد بدراً، - وكان بدر موسماً من مواسم العرب -، فنقيم بها ثلاثة أيام، وننحر الخراف، ونطعم الطعام، ونسقي الخمور، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبداً، فلمّا وردوا بدراً، كان المسلمون بانتظارهم، فكانت المعركة، وسُقوا كؤوس المنايا، وناحت عليهم النوائح13.

هذه الآية تشرح للمسلمين كيفية خروج جيش قريش للنزول في منطقة بدر وقتال المسلمين، وتُحذّر المسلمين من هذا الأمر14.

توضيح المعاني:

﴿بَطَرً﴾: من البطر وهو الطغيان في النعمة ويقابله حالة الشُّكر.
﴿وَرِئَاء﴾: من الرياء وهو إظهار المحاسن حتى يراها الآخرون مع إخفاء المساوئ.

الإشارات والمضامين:

1- ضرورة تجنّب المجاهدين لحال الطغيان والبطر أثناء الخروج للجهاد:
على المجاهدين أن لا يخرجوا من ديارهم إلى قتل أعداء الدين بطرين، مرائين بالتجملات الدنيوية. أي هناك نهي عن سلوك طريق كفار قريش الذين كانوا يخرجون إلى القتال بالبطر، والمرائاة، والصد عن سبيل الله15.

2- ضرورة تجنّب المجاهدين الرياء أثناء الخروج للجهاد:
الرياء هو إظهار المحاسن حتى يراها الآخرون مع إخفاء المساوئ، وفي الآية نهي من الله عزّ وجلّ للمجاهدين عن اتخاذ طريقة مشركي قريش في معركة بدر، حيث خرجوا للرياء، وسعياً لتمجيد الناس لهم ومدحهم، لامتلاكهم الثروة، والقدرة، والشجاعة16. وبما أنّ الإخلاص هو في مقابل الرياء، يُستفاد من هذه الآية وجوب إخلاص المجاهدين في سبيل الله، وأن يكون خروجهم للقتال من منطلق الإخلاص لله وحده.

3- هدف المشركين من إعلان معركة بدر:
الحدّ من انتشار الإسلام، ودفع الناس إلى معاداة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإبعاده عن الدعوة، وأذيَّة الذين استجابوا لدعوته. والمقصود من "سبيل الله" هو الإسلام، فيكون المعنى: منع انتشاره17.

4- تهديد المشركين الظالمين بالمجازاة والعقاب:
جملة ﴿...وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ معناها: إنّه عزّ وجلّ عالم بأعمالهم، وسيجازيهم بسبب أعمالهم (الطغيان، الرياء، والصد عن سبيل الله)18.

5- الالتفات إلى أنّ الله عز وجل محيط بأعمال الإنسان تُجَنِّبُهُ الطغيان، والرياء، والصدّ عن سبيل الله19:
إذا التفت المجاهدون واعتقدوا بأنّ الله عليم ومحيط بأعمالهم، فلن يغترّوا بالقوة، ولن يعملوا ليرضوا الناس، ولن يصدّوا عن سبيل الله.


* كتاب آيات الجهاد، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


--------------------------------------------------------------------------------

1- سورة النساء، الآية 94.
2- تفسير مجمع البيان، ج 3، ص 163.
3- تفسير الميزان، ج 5، ص 41.
4- تفسير مجمع البيان، ج 3-4، ص 146.
5- تفسير راهنما، ج 3، ص 523.
6- تفسير الميزان، ج 5، ص41.
7- تفسير نمونه، ج4، ص 74 (تفسير الأمثل).
8- تفسير الميزان، ج5، ص 41.
9- تفسير راهنما، ج 3، ص 525.
10- م، ن ج 3، ص 525.
11- تفسير الميزان، ج5، ص 41.
12- سورة الأنفال، الآية 47.
13- تفسير مجمع البيان، ج 3-4، ص 843 / بتصرف.
14- تفسير المنار، ج10، ص 27.
15- تفسير الميزان، ج 8، ص 96.
16- تفسير المنار، ج10، ص 26-27.
17- م. س، ح 10، ص 26 – 27.
18- تفسير مجمع البيان، ج3-4، ص 843.
19- تفسير راهنما، ج6،ص512.
 

2145 مشاهدة | 03-02-2014
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة