السبت 04 أيار 2024 الموافق لـ 24 شوال 1445هـ

» قراءات ومـــراجعــات

قراءة علمية في كتاب (الحركات الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري)

منشورة في مجلة الحياة الطيبة، العدد 23، خريف 2011م

بطاقة الكتاب
* التصنيف: الفكر السياسي.
* الموضوع: الحركات الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري.
* تأليف: آية الله الشهيد الشيخ مرتضى مطهّري.
* ترجمة: صادق العبادي.
* بيانات النشر: ط1، بيروت، دار الهادي، 1422هـ.ق/ 2001م.
* عرض وتقويم: لبنان حسين الزين.


انطلقت منذ قرن مضى حركات تحرّرية جسدها رجالات كبار، خطّوا للأمّة نهجها الإصلاحي والنهضوي، فأضحى نهجهم منارةً للشعوب، ومصدر دروس وعبر على ساحة التاريخ والواقع المجتمعي الإنساني؛ فالنهضة التي أحدثوها أوجدت تغييرات مهمّة وأساسية‌ في حياة الشعوب المستضعفة، وألهمتها فلسفة العزّة والكرامة، وقد رسموا للشعوب مؤشراتٍ واضحةَ المعالم وممكنةَ التحقيق؛ إذا ما راعتها الشعوب المستضعفة في العالم تحقّقت لها مقوّمات التقدّم والرقي والمنعة أمام الأعداء. ومن هذه المؤشّرات:
1. إسلامية الدستور والأحكام.
2. تحكيم الرؤية الإسلامية في مجالات الحياة كافّة.
3. الاستقلال السياسي ورفض التبعية.
4. الصمود والثبات أمام الأعداء ومؤامراتهم.
5. نشر ثقافة الوعي في المجتمع.
6. تعزيز الثقة بالذات والاعتماد على مكوّنات المجتمع الإسلامي ومقدّراته.
7. تحقيق العدالة الاجتماعية.


وعليه فحينما يتم إرساء مثل هذه الدعائم في بلد عندها يستطيع الشعبُ أن يسيرَ في طريق بناء صرح حضارة جديدة وعظيمة. وكل واحدة من هذه الخصوصيات تستقطب أنظار الشعوب بنحو من الأنحاء؛ بحيث تنظر الشعوب الأخرى فترى مظاهر العزّة والكرامة فتنجذب وتتفاعل معها؛ لتتحقّق فيها مقوّمات الثورة ووقودها الحي؛ فتعلن انطلاق مسيرتها التحرّرية، محطّمة كلّ قيد في سبيل تحقيق الاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية.  فالنهضة مشروطة بوجود عاملين أساسيين؛ إذا ما توافرا في مجتمع من المجتمعات، فسوف تتحطّم أمامه وجوه الاستبداد والتبعية، هما: 1. وجود قانون إسلامي؛ يستند على إرادة شعبية واعية. 2. الوعي بوجود قدرة لدى المجتمع الإسلامي على الابتكار والإبداع في شتى ميادين الحياة؛ بما يؤدّي إلى التحلّل من قيود التبعية البغيضة.  لذا فاتّساع موجة الصحوة الإسلامية في العالم رهنٌ بتوافر هذه المقوّمات ورفع الموانع والعقبات التي تعترض مسيرة تقدّم الأمة الإسلامية ورقيّها، وعندها تتحقّق للأمّة الإسلامية منعة أمام مؤامرات المستكبرين والأعداء؛ لتصبح أفعالهم واهنة مضطربة حيال الحركة الرصينة والخطوات الراسخة للأمّة الإسلامية نحو الصحوة والعزّة والتحرّر.

عرض الكتاب:
هو عبارة عن خطبة كتبها آية الله الشهيد الشيخ مرتضى مطهّري ليلقيها في حفل كان سيُقام يوم الرابع عشر من شهر شعبان المعظّم سنة 1398هـ.ق(1978م)، لكنّ السلطات الأمنية التابعة لشاه إيران منعت إقامة الحفل، فتمّ نشرها مطبوعة بعد ذلك، وقد تمّ جمعها ضمن كتاب، حيث ترجم أكثر من مرّة، ويجسّد هذا الكتاب الفكر السياسي للشهيد مطهّري آنذاك؛ حيث يتجلّى فيه عمق تحليله للحركات الإسلامية التي وقعت على امتداد القرن الرابع عشر الهجري، ومحاولة كشفه عن جذور الثورة الإسلامية الإيرانية الضاربة في أرض الحركات الإسلامية التي حدثت خلال القرن الهجري المنصرم، واستخلاص العبر منها، وتكوين الرؤى الإصلاحية، ورسم معالم الانتصار الحتمي للنهضة الإسلامية، والتنبّؤ بحدوثه.

مفهوم الإصلاح:
شرع الشهيد مطهري في تحديد مفهوم الإصلاح، مبيّناً معانيه؛ التي منها: التنظيم والترتيب، متتبّعاً الموارد التي تناول فيها القرآن الكريم مفردة (الإصلاح)؛ التي منها: 1. الإصلاح بين فرديْن. 2. الإصلاح الأسري. 3. الإصلاح الاجتماعي؛ وهو موضوع البحث؛ حيث سمّى القرآنُ الكريم الأنبياء(عله) بالمصلحين، كما جاء على لسان نبي الله شعيب(ع): {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} . لذلك يعتبر الشهيد مطهري، أنّ كلّ مسلم هو (داعية إصلاح)؛ فكلُّ إصلاح اجتماعي يقوم به المسلم هو نوعٌ من (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، ولكن ليس كلّ أمر بمعروف أو نهي عن منكر هو بالضرورة إصلاحاً. ويعتبر الشهيد مطهّري أنّ هناك فرقاً بين الخدمة الاجتماعية والإصلاح الاجتماعي، حيث إنّ الإصلاح الاجتماعي يختزن فكرة (التغيير الاجتماعي) نحو الهدف المطلوب، بينما جهود بعض الصالحين من العلماء العظام والمفكّرين قد لا تصبّ في خانة التغيير وإن كانت أعمالهم فيها  خدمة كبيرة جداً للمسلمين، ولكنّها ليس إصلاحاً اجتماعياً. ولذا لا يُعَدّون مصلحين.
ثمّ يشير إلى أنّ الإصلاح في فكر الرسول(ص) والأئمّة(عله) هو عبارة عن تغيير الواقع وقلع جذور الفساد، وإرساء دعائم الحياة الاجتماعية الراقية والعادلة.

الحركات الإسلاميّة في التاريخ الإسلامي:
صنّف الشهيد مطهّري الحركات في زمن العباسيين والأمويين إلى ثلاثة أصناف: 1. حركات صادقة في دعوتها للإصلاح. 2. حركات تستغلّ دعوة الإصلاح للإفساد. 3. حركات بدأت كحركة إصلاحية وانتهض بالإنحراف. وكنماذج على ذلك؛ حركات العلويين أيام الحكم العباسي والأموي، التي كانت ذات أهداف إصلاحية بعكس غيرها من الحركات الشعوبية(ضدّ سياسة التبعيض الأموي) والعنصرية، التي طالبت في البداية بالعدالة الإسلامية، ثمّ انتهت إلى شعار منحرف؛ هو الدعوة للعنصرية الإيرانية.
ويرى الشهيد مطهّري أنّ بعض هذه الحركات كانت فكرية أو اجتماعية، فحركة الإمام الغزالي كانت حركة فكرية سعت إلى إحياء الدين بعد ما أصابه من انحرافات. وحركة العلويين في خراسان ضد المغول، كانت حركة اجتماعية ضدّ الحكام. وأمّا حركة (إخوان الصفا) فقد كانت فكرية واجتماعية معاً، وهناك حركات أخرى كانت فكرية، مثل: (الأشاعرة)، و(الأخبارية الإمامية في القرن العاشر)، و(الوهابية في القرن الثاني عشر)، وغيرها.
 
روّاد حركة الإصلاح في العالم الإسلامي:
اعتبر الشهيد مطهّري أنّ الركود الفكري الذي ساد في العالم الإسلامي والاستعمار الغربي لهذا العالم؛ الذي دام عدّة قرون، أوجدا ردّة فعل من قِبَل بعض دعاة الإصلاح؛ بهدف النهوض بالعالم الإسلامي وإيجاد حركة توعية وإحياء وتجديد في المجتمع الإسلامي، وقد توقّف عند بعض الشخصيّات الإصلاحية في القرن الرابع عشر الهجري، منهم:

السيد جمال الدين الأفغاني:
يَعدُّ الشهيدُ مطهّري السيدَ جمال الدين الأفغاني بمثابة أوّل رائد للحركات الإصلاحية في القرن الهجري المنصرم؛ حيث استطاع أن ينفذ إلى الواقع الاجتماعية ليعاين مشاكله عن كثب، وليستخلص سُبُل الصلاح والتغيير، وهو في ذلك لم يأل جهداً في الانتقال من مكان إلى آخر؛ بهدف إيصال كلمة الحقّ؛ حيث لم تحدّه قيود المكان ومقتضاياته؛ مجسّداً بفكره منهجاً استوعب معظم مجالات الحياة الاجتماعية. وقد ذهب السيد جمال الدين إلى أنّ الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي هما عاملان أساسيان في تأخّر الأمّة. وتوصّل إلى نتيجة مفادها: أنّ الأمة لا يمكن أن ترتقي وتأخذ دورها إلاّ بالرجوع إلى الإسلام الأصيل، وأنّ هذا الرجوع متوقّف على عملية تصفية البدع والخرافات. وكذلك دعا إلى الوحدة الإسلامية باعتبارها معياراً يكشف عن الأيادي العلنية والسرية للمستعمرين الذين يثيرون النفاق والتفرقة بكل أشكالها الدينية وغير الدينية. ونوّه الشهيد مطهّري بوجود تاثير كبير للسيد جمال الدين على علماء الشيعة، خصوصاً في ثورة التنباك؛ التي وجّه فيها العلماء ضربة قاسية ضد حكم الشاه وضد الاستعمار البريطاني، وثورة الدستور في إيران؛ التي كانت بقيادة علماء الدين آنذاك.
ثمّ بيّن جملة من خصائص السيد جمال الدين، منها: 1. تنوّره ودعوته المسلمين لتعلّم الفنون الجديدة والعلوم الحديثة. 2. دعوته لمحاربة الأمّيّة والجهل. 3. دعوته للاستفادة من المعارف الغربية على مستوى العلوم، مع الحذر من الأخذ بمنهجية التفكير الغربي، وتجنّب تفسير المفاهيم الإسلامية برؤية غربيّة.
 
اقتراحات السيد جمال الدين لحلّ المشاكل الاجتماعية:
بيّن الشهيد مطهّري بعض المشاكل الاجتماعية التي عاينها السيد جمال الدين، وحاول إيجاد حلول واقعية لها، وسعى إلى إصلاحها، منها: 1. استبداد الحكّام. 2. الجهل واللاوعي المنتشران بين عامّة المسلمين. 3. سيطرة الخرافات والأساطير، والابتعاد عن الإسلام الأصيل. 4. الخلافات المذهبية والتفرقة بين المسلمين. 5. توسّع نفوذ الاستعمار الغربي ودوره.
وقد حاول السيد جمال الدين أن يُوجد الحلول العملية لهذه المشاكل، بالاستفادة من خبراته العلمية والعملية التي تحصّل عليها من خلال سفراته وعلاقاته وخطبه وكتبه وما نشره في المجلات وما أسّسه من أحزاب وجمعيات. وقد ساعده عدم الزواج على مدى ستّين عاماً أن يبقى دائم الحركة والعمل. ومن الحلول التي توصّل إليها: 1. الكفاح ضدّ المستبدّين. 2. التسلّح بالعلوم والفنون الجديدة. 3. الرجوع إلى الإسلام الأصيل ومحاربة الخرافات. 4. الإيمان بالإسلام كإيديولوجية. 5. الكفاح ضدّ الاستعمار الخارجي. 6. السعي للوحدة الإسلامية. 7. بعث روح الثورة والنضال والجهاد في المجتمع الإسلامي المتحضّر. 8. الكفاح ضدّ روح الانهزامية تجاه الغرب.
وقد شرط السيد جمال الدين شرطاً يتوقّف عليه بلوغ هذه الغايات، وهو يكمن في إيمان الجماهير بأنّ النضال السياسي وظيفة شرعية ودينية، وأنّ لا فصل بين الدين والسياسة، والاطمئنان بأنّ الوصول إلى السعادة لا يتمّ إلاّ عبر الإسلام، حيث إنّ للإسلام عقيدة وأيديولوجية كاملة ولا يحتاج إلى العقائد الأخرى.
وقد عدّ الشهيد مطهّري أنّ السيد جمال الدين كان أوّل من رفع شعار ضرورة الوحدة الإسلامية أمام الغرب، ولم يكن المقصود من فكرة الوحدة السياسية عنده؛ الوحدة الدينية بين المذاهب... وهذا أمرٌ غير عملي، إنّما المقصود الوحدة السياسية، وتشكيل الصفّ الواحد للمسلمين أمام العدو المستعمر. ومن هنا، فإنّ الأفغاني طرح (طريق الخلاص) وهو (أصل الجهاد) المنسيّ، واعتبر أنّ ترك هذا الأصل هو عاملٌ كبيرٌ لانحطاط المسلمين.
 
أهداف السيد جمال الدين:
يمكن تلخيص الأهداف الإصلاحية التي سعى السيد جمال الدين لتحقيقها في المجتمع، وفق الآتي: 1. تحقيق الوحدة الإسلامية في مختلف مجالات المجتمع. 2. نشر الوعي والعلم والتبصّر بالزمان والمكان بين المسلمين. 3. التحرّر من الاستعمار والاستعباد. 4. الاستفادة من العلوم في الغرب بروح ورؤية إسلامية لا غربية. 5. العودة إلى الأصالة الإسلامية، ومحاربة البدع والأساطير. 6. التسلّح بروح الجهاد؛ لرفض الظلم والاستبداد والاستعباد.  

تقويم الشهيد مطهّري لحركة السيد جمال الدين:
يوجد عدّة نقاط وجدها الشهيد مطهّري مغيّبة عن اهتمام السيد جمال الدين في رؤيته الإصلاحية، مع كونها محورية في حياة المجتمع، منها: 1. أنّه لم يُبدِ رأيه تجاه النظام الإقطاعي الذي كان متفشّياً في المجتمع الإسلامي آنذاك. 2. لم يكن له نظرية إسلامية واضحة حول الأسرة والنظام التعليمي. 3. لم يطرح بشكل واضح رؤيته للنظرية السياسية الإسلامية في الحكم. وقد التمس الشهيد مطهري عذراً للسيد جمال الدين في ذلك؛ وهو أنّ نضاله المستمرّ ضد الاستعمار والاستبداد لم يسمح له أن يتفرّغ لهذه القضايا النظرية، إذ كان يعتقد بأنّ الكفاح ضدّ الاستعمار والاستبداد هو المرحلة الأولى للثورة والبعث الإسلامي، وأنّ المسلمين لو نجحوا في المرحلة الأولى لعرفوا ماذا يفعلون في المرحلة الثانية، ولكن يمكن – أيضاً -، أن نعتبر السكوت والفراغ نوعاً من النقص في أعمال السيد جمال الدين. وقد تناول الشهيد مطهري في شخصية السيد جمال الدين خصائص بارزة ذاتية وغيرها، منها: 1. امتلاكه ذكاءً قوياً ومواهب خارقة. 2. قدرته العالية على التأثير في مخاطَبيه. 3. ثقافته الإسلامية الواسعة؛ حيث درس العلوم الإسلامية على يد ثلّة من كبار العلماء. 4. معرفته بالعصر الحديث. 5. معرفته بالعالم الإسلامي؛ حيث سافر إلى أكثر من بلد، وعاين مشاكلها الاجتماعية عن كثب. 6. وعيه بقضايا المجتمع الإسلامي في شتى المجالات.
 
الشيخ محمد عبده... رائد التجديد والاجتهاد:
من الشخصيات التي تناولها الشهيد مطهّري بالدراسة – أيضاً -، كشخصية إصلاحية هو الشيخ محمد عبده؛ تلميذ السيد جمال الدين الأفغاني وصديقه، حيث كانت همومهما مشتركة، ولكن ما كان يميّزه عن السيد جمال الدين هو مسألة (الإسلام والحاجات العصرية)؛ حيث كان الشيخ محمد عبده يبحث عن حلٍّ يستطيع به التوفيق بين الإسلام وعملية التقدّم والتنمية في المجتمع المصري، متجاوزاً الجمود الفكري والقشري عند بعض علماء الدين آنذاك.

المنهج الإصلاحي عند الشيخ محمد عبده:
حمل الشيخ محمد عبده همّ المسؤولية الاجتماعية من منطلق كونه عالماً دينياً، لذا سعى إلى أن يبحث عن موازين وضوابط محدّدة لمواجهة حالة الإفراط والتفريط، فحاول إدخال مبادىء فلسفة الحقوق في الاجتهاد وإيجاد نظام حقوقي جديد في الفقه؛ ليكون قادراً على الإجابة في المسائل العصرية والتمييز بين العبادات والمعاملات؛ أي التمييز بين الأمور الأخروية والأمور الدنيوية، وكان يعتبر أنّ الإجماع في الفقه يوازي الرأي العام، وأنّ أصل الشورى هو أصل الديمقراطية نفسه. وقد عمل على إثبات أنّ الإسلام عقيدة وأيديولوجية يمكن أن يحقّق سعادة الدنيا والآخرة؛ من خلال إظهار حيوية الإسلام فيما شرّعه من تشريعات، وشرع في شرح الأصول الأخلاقية في الإسلام، كما سعى في سبيل قضية اتّحاد العالم الإسلامي، ومحاربة العصبيات المذهبية.
 
مقارنة بين الشيخ محمد عبده والسيد جمال الدين:
استعرض الشهيد مطهّري أوجه الاختلاف بين كلّ من الشيخ محمد عبده والسيد جمال الدين الأفغاني، وقد حصرها في نقطتين: 1. أنّ السيد جمال الدين آمن بالتغيير الثوري، وأمّا الشيخ محمد عبده فكان من أنصار التغيير التدريجي. 2. أنّ السيد جمال الدين كان يعتقد أنّ من أولى الواجبات والمسؤوليات هي قلع جذور الفساد السياسي أولاً، في حين أنّ الشيخ محمد عبده كان يعتقد بأنّ التربية والتعليم الديني هما الوظيفة الأولى ويجب أن تسبق هذه التربيةُ العملَ السياسي. ورغم هذا الاختلاف فإنّ مواقف الشيخ محمد عبده تتقاطع مع السيد جمال الدين، وتكمّل بعضها بعضاً، خصوصاً لجهة القضايا الآتية:
* ضرورة العودة إلى المنابع الأصيلة للفكر الديني.
* التوجيه العقلي والمنطقي لأحكام الشريعة الإسلامية.
* تجنّب التفرقة والاختلافات المذهبية ومحاربتها.
* التأكيد على إحياء الاجتهاد في الفقه.
* السعي من أجل معرفة روح الدين الإسلامي، والتصدّي للخرافات والنظرة القشرية للدين.


عبد الرحمن الكواكبي.. المفكّر والمناضل:
من الشخصيات الإصلاحية في العالم العربي التي تعرّض لها الشهيد مطهّري؛ هو الشيخ عبد الرحمن الكواكبي، حيث أفاد بأنّه كان مفكّراً إسلامياً ثائراً ضدّ الاستبداد، خصوصاً العثماني، وله في هذا المجال كتابان (طبائع الاستبداد) و(أم القرى)؛ طرح فيهما أفكاره الإصلاحية، ورؤيته حول الوحدة الإسلامية.

المنهج الإصلاحي عند الشيخ الكواكبي:
كان الشيخ الكواكبي، كالسيد جمال الدين الأفغاني، يعتقد بضرورة تسلّح المسلمين بالوعي السياسي، وقد عدّ أنّ ما يُوقف الحاكم عن التعسّف والاستبداد هو مراقبة الجماهير لأعمال الحكّام ومحاسبتهم، ولذا سعى لرفع الوعي السياسي عند الجماهير، وإعطاء الدور الكبير للنشاط السياسي بالتلازم مع الوعي الديني، كما أكّد على تماسك الدين والسياسة ووحدتهما، خصوصاً وأنّه كان يعتقد بأنّ الإسلام دين سياسي.
ومن الهموم التي شغلت الكواكبي: مسألة الوحدة؛ حيث اعتقد أنّ معرفة الناس بأصل التوحيد توصلهم إلى أقوى مواقع النضال ضدّ الاستبداد. وقد أكّد في منهجه الفكري والسياسي على مسألة الحرية، وهي ما جعله معرض انتقاد بعض العلماء؛ الذين فضّلوا استتباب الأمن على حساب العدل والحرية. ومن آراء الكواكبي أنّ العلوم ليست على مستوى واحد في إضفاء الوعي الاجتماعي، بل على العكس، فإنّ بعض العلوم تساعد على الاستبداد، ولذلك فإنّ الحكّام المستبدّين لن يخافوا من نشر بعض العلوم، حتى أنّهم كانوا يدعون لها ويشجّعون نشرها، ولكنّهم كانوا يخافون بشدّة من بعض العلوم الأخرى التي كانت تعطي للجماهير الوعي والشعور السياسي والاجتماعي، أو تُحرّك إحساس الجماهير للمطالبة بالحرية والكفاح ضدّ الاختناق السياسي وضغوط الاستبداد.

أسباب أفول الفكر الإصلاحي في العالم العربي:
ادّعى بعض الأفراد رفع راية الإصلاح والسير على نهج رجالات الإصلاح العظام، كالسيد جمال الدين الإفغاني، والشيخ محمد عبده، إلا أنّهم انحدروا في ظلمة العصبية، وأدّى بعضهم دوراً تخريبيّاً بدلاً من أن يكون إصلاحيّاً، والسبب الرئيس في أفول الحركة الإصلاحية يكمن في تأثّر النهضة الإسلامية بالوهابيّة وأفكارها السطحية والقشرية والجامدة، وتحوّل الحركة الإصلاحية إلى حركة سلفية.

محمد إقبال... رائد الفكر الإصلاحي الحديث:
توقّف الشهيد مطهّري عند أحد روّاد الفكر الإصلاحي الحديث، وهو الشاعر محمد إقبال، الذي اعتبره ناشطاً سياسياً وكاتباً ومصلحاً. ثمّ تعرّض لبيان بعض خصائصه، منها: 1. معرفته بالثقافة الغربية معرفة جيّدة. 2. امتلاكه معرفة عميقة بالأفكار الفلسفية والاجتماعية؛ جعلته يؤمن بأنَّ الغرب يفقد الإيديولوجية الإنسانية المتكاملة على عكس المسلمين الذين يملكون هذه الإيديولوجية. 3. دعوته إلى حلّ مشاكل المجتمع الإسلامي دون مخالفة أصول الشريعة الإسلامية، وتشجيعه على فتح باب الاجتهاد بوصفه الجهاز المحرّك للإسلام. 4. امتلاكه بُعداً روحياً عرفانياً إشراقياً عميقاً، حيث قرن إحياء الفكر الديني بإحياء القضايا الروحية والأخلاقية الإسلامية. 5. كونه رجل عمل ونضال فضلاً عن كون رجل فكر، حيث انخرط في العمل السياسي وحارب الاستعمار البريطاني في الهند، وكان من مؤسّسي دولة باكستان الإسلامية. 6. امتلاكه قدرة شاعرية عميقة، وقد وضعها في خدمة أهدافه الإسلامية، ورغم أنّه ينتسب إلى المذهب السنّي، فإنّ كثيراً من أشعاره تبرز ولاءً خاصّاً، وحبّاً فائقاً لأهل بيت النبي(ص)، حيث نظم أشعاراً ثورية وحكمية باللغة الفارسية في مدح أهل البيت(عله)؛ لا نرى نظيراً لها بين شعراء الفرس من أهل الشيعة.
 
فلسفة العودة إلى الذات عند إقبال:
يرى الشهيد مطهّري أنّ محمد إقبال يمتلك فلسفة يسمّيها (فلسفة العودة إلى الذات)؛ فهو يعتقد أنّ الشرق الإسلامي فقد هويته الأساس، وحتى يسترجع هويّته لا بدّ من استردادها. كما يذهب إلى أنّ الفرد يُبتلى بداء (تزلزل الشخصية) أو (فقدان الشخصية)، ولذلك يبتعد عن نفسه، وكذلك المجتمع فإنّه يصاب بالداء نفسه؛ لأنّه يملك روحاً وشخصية كما الفرد، فيفقد عندها الإيمان بالذات والكرامة الذاتية؛ وذلك يسبّب سقوطه وهزيمته رأساً. وهو ما أصاب المجتمع الإسلامي المعاصر، الذي إذا أراد العودة إلى الذات لا بدّ من العودة إلى الإسلام والثقافة الإسلامية. ولذا، فإنّ أهمّ وظيفة للمصلحين في المجتمع الإسلامي هو إرجاع الإيمان للمسلم، والاعتقاد بشخصيته الذاتية؛ المتمثّلة بالثقافة والعقيدة الإسلامية، وهذه هي فلسفة الذات أو العودة إلى الذات.

نقاط الضعف عند إقبال:
أورد الشهيد مطهّري بعض نقاط الضعف عند إقبال، التي اعتبرها نقصاً في أعماله، ويمكن تحديدها في نقطتين: 1. عدم امتلاكه للمعرفة العميقة بالفكر والثقافة الإسلامية، وكذلك الفلسفة والعرفان. 2. عدم اطّلاعه عن قرب على أوضاع التيارات والحركات والنهضات الإسلامية، كما أنّ تقويمه لبعض الشخصيات في العالم الإسلامي وبعض الحركات الاستعمارية؛ كانت تقويمات خاطئة، فهو يعتبر الحركة البهائية في إيران، وقيام أتاتورك في تركيا، وغير ذلك من حركات سلفية متخلّفة، حركات إصلاحية وإسلامية.

الحركات الإصلاحيّة الشيعيّة ودور العلماء فيها:
اعتبر الشهيد مطهّري أنّ الحركات الإصلاحيّة في الوسط الشيعي تختلف عمّا هي عليه في الوسط السنّي؛ حيث لكلّ منهما خصائص ووضعيات، فعلى الرغم من أنّ التاسيس النظري عند الشيعة لطريقة العمل السياسي قلّ ما بُحِث، بخلاف البحث عند أهل السنّة، إلا أنّه عمليّاً ظهرت حركات إصلاحية وثورية عند الشيعة بنحو أعمق وأكثر ممّا ظهر في الوسط السنّي، ومن هذه الحركات التي قادها علماء الدين آنذاك: 1. حركة التنباك، التي قامت ضدّ الاستعمار البريطاني، وانتهت بإلغاء امتياز التنباك في إيران، وإضعاف الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي. 2. ثورة العشرين في العراق ضدّ الوصاية البريطانية، التي انتهت باستقلال العراق. 3. ثورة الدستور في إيران، التي انتهت إلى نظام ملكي دستوري. 4. النهضة الإسلامية في إيران، التي أسّست لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية.
أمّا سبب عدم وجود حركات ثورية على الساحة السنّية فيرجع إلى أنّ علماء السنّة كانوا ضمن جهاز حكومي تابع للسلطة، في حين أنّ علماء الشيعة كان لهم جهاز مستقل عن السلطة من جميع النواحي المعنوية والمالية والاجتماعية وغيرها، وكانت نقطة قوّة الحركات الشيعية كامنة في اعتمادها على الناس والجماهير، الذين ساندوها في مختلف الحقبات التاريخية.

تحليل حول النهضة الإسلامية في إيران:
يعتبر الشهيد مطهّري أنّ دراسة نهضة ما وتحليلها أيام فورانها أكثر ضرورة من دراستها في مراحل لاحقة (بعد انتهائها أو انتصارها)، وإن كانت دراسة النهضة أمر ضروري للمعاصر واللاحق؛ لأخذ العبر، وتصحيح المسار، والمحافظة على المنجزات.
وقد بيّن الشهيد مطهّري عدّة طرق ومؤشّرات يمكن من خلالها معرفة ماهيّة أية نهضة وحقيقتها، هي الآتية: 1. جماهيرية النهضة؛ من خلال دراسات أوضاع الأفراد والجماعات التي تتحمّل أعباء النهضة. 2. إلهيّة القيم في النهضة؛ حيث إنّ النهضة ينبغي أن تقوم على أساس الوعي الإلهي أو المعرفة الإلهية، وبالاستناد إلى الفطرة الإلهية التي تدفع الإنسان تلقائياً إلى التعلّق بالذات الإلهية المطلقة، وتجعله ينفر عن كلّ ما هو ناقص ودنيء ويثور عليه، ومن ذلك الظلم والاستبداد. 3. الكشف عن علل الثورة وجذورها التي هيّأت أرضيّة النهضة.4. معرفة الأهداف التي انطلقت من أجلها النهضة، وتسعى لتحقيقها، والمحافظة عليها. 5. شعارات النهضة؛ حيث إنّ النهضة الإسلامية حملت شعارات يمكن اختصارها في أربعة أمور: العودة إلى الإسلام الأصيل – التغيير والإصلاح الاجتماعيين – تحكيم مبدأ الأخوّة والمساواة في المجتمع – تطبيق أحكام الشريعة.

قيادة الثورة الإسلامية في إيران:
حدّد الشهيد مطهّري جملة من المواصفات والخصائص التي ينبغي توافرها في قيادة الثورة، هي الآتية: 1. أن يكون القائد عالماً وعارفاً بالإسلام. 2. أن يكون عالماً بالأهداف والفلسفة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية للإسلام. 3. أن يكون عالماً بالرؤية الإسلامية المتكاملة للحياة. 4. أن يكون مستوعباً للإيديولوجية الإسلامية حول الحياة استيعاباً كاملاً من حيث التطبيق، فضلاً عن النظرية.
ثمّ يؤكّد الشهيد مطهّري على ضرورة استخراج الرؤية الإسلامية في العلوم كافّة؛ لأنّ النهضة والحركة بحاجة إلى قاعدة فكرية وثقافية ترتكز عليها في جميع مجالات الحياة، وإذا لم تتوافر هذه القاعدة؛ فسيؤدّي ذلك إلى انزلاق النهضة في أحضان الآخرين، ويعرّض مسيرة النهضة للتغيير. وقد أفاد أنّ الثقافة الإسلامية الغنيّة تستطيع أن تكون القاعدة الفكرية والثقافية لهذه النهضة؛ شرط مناسبتها لمقتضيات العصر، وأن يحمل لوائها علماء الدين المختصّين، والعالمين بالزمان والمكان.
وفي معرض ردّه على بعض الشبهات المطروحة حول تسلّم علماء الدين لزمام قيادة المجتمع وعدم جدوائية دورهم في هذا الصدد؛ لأنّهم يحوّلون الإسلام الحركي إلى أمر مؤسّساتي سُكُوني؛ بما يعطّل الحياة ويشلّ تقدّمها في المجالات كافّة، يشير الشهيد مطهّري إلى عدّة نقاط تصلح للإجابة على هذه الشبهات، هي الآتية: 1. إنّ وجود حركة بلا سكون يستدعي اللانظام وعدم الوصول إلى مرحلة التكامل؛ ذلك أنّ القرآن الكريم الذي يعلّمنا ويوصينا بالهداية والحركة، يوصينا كذلك بالصراط المستقيم؛ وهو الثبات على ولاية الله تعالى، والاعتماد على أصول أبدية ثابتة، بها قوام الحياة المتغيّرة وصلاحها. 2.  إنّ الإسلام ليس بذاته متحرّكاً أو في حالة حركة، بل هو ثابت، والحال أنّ المجتمع الإسلامي الذي يدور مدار الإسلام والصراط المستقيم هو في حالة حركة حتى يستقرّ ويثبت بالصراط المستقيم. 3. إنّ ما ذهبت إليه الشبهات المتقدّمة، وإن انطبق على بعض الحركات التي ظهرت على مسرح التاريخ، إلاّ أنّها لا تنطبق على التراث الإسلامي وثقافته الأصيلة التي تدافع عنها القيادة الدينية؛ من أمثال: السيد جمال الدين الأفغاني(قده)، والإمام الخميني(قده)، والسيد الطالقاني(قده،) وغيرهم. 4. هل يوجد قيادات أخرى، غير القيادة الدينية التقليدية، تمتلك مؤهّلات قيادة المجتمع الإسلامي إلى صلاحه ورقّيه؟
وفي ردّه على شبهة ضرورة انتقال السلطة من علماء الدين إلى المثقفين على غرار ما حصل في أوروبا في القرون الوسطى؛ للتشابه بين الوضعين(الوضع في إيران والوضع في أوروبا في تلك الحقبة)، يجيب الشهيد مطهّري على هذه الشبهة بالآتي: 1. ليست إيران اليوم كأوروبا؛ فلا يمكننا أن نجيز طرح الحلول نفسها التي طُرِحت في أوروبا آنذاك؛ لاختلاف المعطيات بينهما. 2. ليس الإسلام كالمسيحية، حيث إنّ الإسلام دين حركي وثوري ينشد الحرية والجهاد والشهادة.
وفي معرض ردّه على شبهة كون رجال الدين يشكّلون مانعاً وحاجزاً تجاه التغيير والحركة، يجيب على ذلك بعدّة إجابات، هي: 1. الإسلام بذاته حقيقة وهدف وليس مصلحة ووسيلة، ومن يستطيع استثمار هذا الهدف على أحسن ما يمكن يكون هو المخوّل لقيادة المجتمع الإسلامي. 2. إنّ ضرورة التخصّص في شتى المجالات الحياتية تُحتمّ الرجوع إلى أهل الاختصاص في بيان الرؤية الإسلامية لحياة المجتمع الإسلامي وكيفية تطبيقها؛ وهذا غير متاح إلا لعلماء الدين المتخصّصين، الذين يمتلكون الرؤية الإسلامية وتطبيقها. 3. يوجد نماذج تاريخية بارزة لعلماء دين مصلحين؛ كأمثال السيد جمال الدين الأفغاني؛ الذين استطاعوا أن يستثمروا الإسلام وقيمه في سبيل التغيير والإصلاح، ولم يكونوا مانعاً أمام تقدّم المجتمع ورقيّه.  ثمّ يشير الشهيد مطهّري إلى أنّ قادة الثورة والنهضة الإسلامية هم الفقهاء والمراجع العظام الذين حملوا على أكتافهم همّ توعية الأمّة، وبادروا إلى النضال والكفاح من أجل إعلاء كلمة الحقّ وإنفاذ العدالة الإلهية. ويؤكّد الشهيد مطهّري على ضرورة دراسة تاريخ النهضة ومراحلها وتحليلها؛ لاستلهام الدروس والعبر، والمحافظة على قيم النهضة والثورة ومكتسباتها.

آفات الحركة الإسلاميّة:
يطرح الشهيد مطهّري جملة من الآفات التي يمكن أن تصيب أيّة نهضة أو حركة، هي الآتية: 1. تغلغل الفكر الأجنبي؛ عبر طريقين: أحدهما: طريق الأعداء؛ بفعل توسّع رقعة التغيير، ممّا يتيح للخارج الدخول إلى ساحة التغيير وبثّ المفاهيم المغلوطة؛ بغية حرف الثورة عن قيمها وأهدافها. ثانيهما: طريق الأصدقاء؛ عبر الحذر ممّن يقدّمون الأفكار والنظريات الدخيلة على الإسلام بلباس الإسلام والدين؛ بغية تشويه المفاهيم الإسلامية. 2. الإفراط في دعوة التجديد الفكري؛ بما يعرّض ثوابت الإسلام إلى الاجتهادات الذوقية.  3. خطورة عدم إتمام مسيرة النهضة بواسطة علماء الدين؛ حيث إنّ مرحلة هدم آثار الاستبداد والديكتاتورية في المجتمع، لا بدّ لها من مرحلة متمّمة تكون بمثابة إعادة إعمار وبناء، ولا شكّ بأنّ المرحلة الثانية أدقّ وأخطر؛ لذا على علماء الدين الاستمرار في مسيرة التغيير والإصلاح حتى بعد انتصار الثورة. 4. تسلّل العناصر الانتهازية؛ التي تحاول قدر المستطاع أن تستفيد من مقدّرات الثورة؛ لاعتلاء المراكز والمسؤوليات؛ بهدف تحقيق مصالحهم الشخصية. 5. الغموض في البرامج المستقبلية عند الإسلاميين؛ حيث دلّت التجارب على أنّ عدم وضوح البرنامج المستقبلي للحركات الإسلامية يُفقد هذه الحركات الكثير من طاقاتها البشرية. 6. فقدان الإخلاص في العمل الثوري؛ حيث إنّ النهضة الإلهية يجب أن تنطلق من الله وتسير بالله وتنتهي بالله تعالى؛ ليُكتَب لها النجاح والفلاح.

شروط نجاح المصلحين:
يختم الشهيد مطهّري بحثه في بيان جملة من شروط المصلحين، مستفيداً من كلام لأمير المؤمنين؛ الإمام علي(ع) في هذا الصدد، وهي الآتية: 1. ترك المصانعة؛ ومن مصاديقها التساهل والتغاضي والخجل والمداهنة في تطبيق حكم الله تعالى. 2. الابتعاد عن المضارعة؛ بأن لا يتأثّر المصلح بالصفات السلبية للمجتمع، وأن ينطلق في إصلاحه من مبدأ تهذيب النفس قبل تهذيب المجتمع. 3. الابتعاد عن المطامع؛ حيث إنّ امتلاك النفس المتحرّرة من كلّ قيود نفعية وشخصيّة شرط أساس لنجاح المصلح الديني.  

نظرة في الكتاب:
تُعدّ هذه الدراسة من الدراسات المهمّة في مجال توصيف حركة أبرز رجالات الإصلاح  والنهضة الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري وتحليلها؛ لجهة المنطلقات والأهداف والبرامج الإصلاحية والمآلات، حيث قدّم الشهيد مطهّري في هذا الصدد تحليلاً حيوياً دقيقاً وعميقاً؛ انطلاقاً من مخزونه الفكري والثقافي الإسلامي، وبفعل معايشته لإحدى أبرز النهضات والثورات نجاعة في القرن المنصرم؛ وهي الثورة الإسلامية في إيران؛ ما أتاح له البحث عن جذور الثورة ومحاولة استخلاص التجارب والرؤى الإصلاحية؛ التي يمكن من خلالها فهم قيم الثورة الإسلامية وأهدافها، والسعي للمحافظة على مكتسباتها ومقدّراتها.
وفي صدد تقويم الكتاب، يمكن التوقّف مع بعض الأمور، التي ينبغي إيرادها، لجهة المضمون والمنهج والشكل، وهي الآتية:
1. عنوان الكتاب (الحركات الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري)، يوحي بدراسة نشأة الحركات ومنطلقاتها الفكرية وكيفية عملها في المجتمع كحركة مجتمعية، في حين أنّ الكتاب قد تناول الفكر النظري ومنهج عمل رجالات هذه الحركات دون الحركات نفسها. فالأولى أن يعنون الكتاب بعنوان: (رجالات الإصلاح الإسلاميون في القرن الرابع عشر الهجري).
2. المنهج الصحيح في دراسة الحركات والنهضات السياسية التاريخية يقوم على أساس استقاء المعلومات من بيئة النهضة نفسها؛ بالرجوع إلى قادتها وشعبها، دون الرجوع إلى ما يُنقَل عنها. وهذا ما لم يُتَح للشهيد مطهّري الالتزام به في دراسته السياسية التاريخية هذه؛ لدى دراسته لأكثر من حركة من الحركات التي تناولها بالدرس والتحليل.
3. لم يُوضح الشهيد مطهّري مصادر استقائه للمعلومات عن الحركات والنهضات التي ذكرها ولم يعاصرها.
4. لم يتناول الشهيد مطهّري بالتفصيل والتحليل بعض الحركات المفصلية في التاريخ السياسي الشيعي في القرن الهجري المنصرم؛ وهي حركة التنباك، وحركة الدستور وثورة العشرين في العراق، وذلك على غرار ما فعل في الحركات السنّية وحركة السيد جمال الدين الأفغانين واكتفى بالحديث عنها على نحو مختصر. كما أنّه لم يتعرّض للحركات التلفيقية الإصلاحية التي كانت تدعو للمزاوجة بين الدين والعصرنة(الجبهة الوطنية الثانية والثالثة - حركة تحرير إيران(نهضة حرية إيران)، وكذلك للحركات التلفيقية الراديكالية  التي دعت إلى المزاوجة بين الإسلام والاشتراكية(منظمة مجاهدي خلق).
5. أخذ الشهيد مطهّري على محمد إقبال اللاهوري بأنّه لم يطلع عن كثب على الحركات النهضوية في العالم الإسلامي آنذاك؛ فلا يستطيع أن يؤدّي تقويماً دقيقاً لهذه الحركات. مع أنّ هذا الإشكال ينسحب على الشهيد مطهّري نفسه؛ إذ لم يُتاح له
2449 مشاهدة | 06-03-2016
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة








 






Copyright: Al-Mostafa international University All Rights Reserved