الأربعاء 08 أيار 2024 الموافق لـ 28 شوال 1445هـ

» إضـــــاءات قــــرآنــية

القرآن والمعارف الفطرية


يمكن أن نلخص النظرية الإسلامية في نقطتين يذكرهما القرآن:

الأولى: ينفي القرآن وجود معلومات للإنسان سابقة على ولادته، كما يقول أفلاطون في المثل. يقول تعالى: ﴿واللهُ أخْرجكُمْ منْ بطُون أمّهاتكُمْ لا تعلمون شيئاً وجَعَلَ لكُمُ السّمع والأبصار والأفئدةَ لعلّكم تشكرُونَ﴾.

وبموجب هذه النقطة يولد الإنسان من دون أي معارف سابقة.

الثانية: أن الله تعالى زوّد النفس الإنسانية في أصل الخلقة بإمكانية اكتشاف وفهم طائفة من حقائق الكون من غير طريق الحس والتجربة. وهذه المعارف لا يكتسبها الإنسان، وإنما يعرفها، وتكفي وحدها لهذه الطائفة من المعارف، ولا يزيد دور القرآن والأنبياء في هذا المجال على (التذكير).

ومن يتأمل في كتاب الله يجد أن للأنبياء مهمتين: التعليم والتذكير، والتذكير غير التعليم. يقول تعالى عن المهمة الأولى للأنبياء: ﴿ويُعَلّمُكُمُ الكِتَابَ والْحِكْمةَ﴾. ويقول تعالى عن المهمة الثانية ﴿فَذَكِّر إنّما أنْتَ مذكّرٌ﴾ والقرآن ذكر. يقول تعالى: ﴿وإنّهُ لتَذكِرَةٌ للمُتّقين﴾. ويقول تعالى: ﴿إنّ هذهِ تذكرَةٌ فمنْ شاء اتخذَ إلى ربّهِ سبيلاً﴾.

وإذا علمنا أن مهمة الأنبياء التعليم، والتذكير بالغيب، والقيم، والتكليف، وليس من مهمة الأنبياء حقول المعرفة الحسية والتجربية التي يتلقاها الناس بالحس والتجربة، نعلم أن هناك طائفة من المعارف الغيبية والقيم التي لا سبيل للحس إليها، ولا يحتاج فيها الإنسان إلى تعليم، ويكتفي فيها بالتذكير، وذلك لا يكون إلاّ إذا كان الله تعالى قد غرس القدرة على فهم وإدراك هذه المعارف في نفس الإنسان في أصل الخلقة، ب مثل معرفة الهدى والضلال، والخير والشر، والعدل والظلم، ومعرفة الله، وما يشبه ذلك.

النزوع الفطري بين السلب والإيجاب:

على نحو الإجمال نقسم الآراء في مسألة الميل والنزوع الفطري إلى ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الأول:

الاتجاه الأول نفي النزوع الفطري في نفس الإنسان، واعتبار الأمور التي يتصوّر الإنسان أنه ينزع إليها بصورة فطرية من البُنى الفوقية في المجتمع، والتي ينتحلها الإنسان، ويتبناها بصورة اجتماعية، وليست من النزوع الفطري في أصل الخلقة، من دون وجود عوامل خارجية فلا يحكم الإنسان، ولا يميل بصورة طبيعية إلاّ إلى أمرين:

إشباع الغرائز، وكسب المنافع المادية (فيما إذا كان الثاني لا يؤول إلى الأمر الأول) وليس للإنسان نزوع وميل طبيعي غير هذا أو ذاك. ومآل هذا الكلام في الحقيقة إلى نفي الشطر الثاني من شخصية الإنسان، وهو الشطر السامي المتعالي من الشخصية. ففي النظرية الدينية تتألف شخصية الإنسان من شطرين: الشطر الحيواني الذي خلقه الله من قبضة من الطين، والشطر الإنساني المتعالي، والذي هو نفخة من روح الله.

ومآل رأي هؤلاء في نفي النزوع الفطري لشخصية الإنسان هو نفس الشطر الثاني لشخصية الإنسان. واعتبار الإنسان تراكماً من الغرائز والنوازع الحيوانية والبحث عن المنفعة، وبغض النظر عن هذين العاملين لا يؤمن هؤلاء بوجود أصول فطرية للقيم والأخلاق، والإيمان بالله والعمل في سبيل الله. ويفسرون (الدين) و(الأخلاق) بأنّهما مؤسسات وبُنى فوقية لحماية مصالح الناس. فإن الحياة الاجتماعية ضرورة يحتاجها الإنسان من دون شك، ولا يستغني عنها بحال. والحياة الاجتماعية تعرّض الإنسان لمنافسة شديدة في إشباع رغباته وتحقيق منافعه، بسبب محدودية المساحات التي تلبى حاجات الإنسان الغريزة وحاجاته الاقتصادية وهذه المنافسة بالضرورة تؤدي إلى حالات العدوان من ناحية الأقوياء على الضعفاء… فيحتاج الإنسان إلى مؤسسة تحمي حقوقه ومنافعه المادية والحاجات الغريزة للإنسان وهذه المؤسسة هي (الدولة) و(القانون).

ولما كانت مؤسسة (الدولة - القانون) غير قادرة لوحدها على حماية الإنسان من حالات العدوان احتاج الإنسان إلى مؤسسة أخرى إلى جنب هذه المؤسسة لحماية مصالحه المادية، ورغباته الغريزة. وهذه المؤسسة (الدين) و(الأخلاق).

وتقوم المؤسسة الدينية الأخلاقية بنفس المهمة في حياة الإنسان إلاّ أنّهما - بنفس التوجيه الذي يذكرونه للمؤسسة الأولى - مؤسسة فوقية لحماية أمن الإنسان ومصالحه، ولا توجد في نفس الإنسان حاجة إلى الدين والأخلاق بصوره فطرية في أصل الخلقة، وإنما تقتضيها مصالح الإنسان ومنافعه.

الاتجاه الثاني:

الاتجاه في تفسير الدين، والأخلاق هو التفسير الماركسي، وإذا كان الاتجاه الأول في تفسير الدين، والأخلاق هو أفضل الاتجاهين الرافضين للفطرة، فإن الاتجاه الثاني أسوأهما، وأبعدهما عن الموضوعية.

تذهب الماركسية إلى أن الدين والأخلاق مؤسسة فوقية لحماية مصالح الطبقة المستثمرة (بالكسر) في مقابل ثورة الطبقة المستثمرة (بالفتح) فإن الطبقة المستثمرة (بالكسر) تعمل على امتصاص جهد وعرق الطبقة الكادحة، واستغلالها استغلالاً تجارياً. وما تتمتع به هذه الطبقة من مال هو جهد الطبقة الكادحة، تسرقه هذه الطبقة منها وتستغله. ومن الطبيعي أن هذا الاستثمار اللاإنساني، والسرقة لجهود الطبقة الكادحة تثير الطبقة الكادحة، وتفجّر حالة الثورة والتمرد داخل هذه الطبقة.

فتحتاج الطبقة المستثمرة (بالكسر) لحماية مصالحها اللا مشروعة إلى مؤسستين فوقيتين، تحميان مصالح ورؤوس أموال واستثمارات هذه الطبقة من ثورة أصحابها الشرعيين.

وهاتان المؤسستان هما:
(الدولة والقانون) أولا.
و(الدين والأخلاق) ثانيا.

فإن للدين والأخلاق، كما تقول الماركسية دورا كبيرا في تخدير الشعوب، وصرفها عن حقوقها، وتوجيهها إلى الصبر والقناعة وتثقيفها بأن كل ما يجري في السياسة والمجتمع يجري بقضاء وقدر، له أثر تخديري على الشعوب في مقابل عدوان الطبقة البرجوازية، كما تقول الماركسية.

* كتاب الفطرة / اية الله محمد مهدي الاصفي


2052 مشاهدة | 06-01-2016
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة