يصف آية الله السيد محمد الحسينيّ الطهرانيّ تواضع أستاذه العلامة آية الله السيّد محمد حسين الطباطبائي(رحمه الله) قائلاً: كان في على درجةٍ من التواضع، والأدب، والأخلاق، بحيث كنت أقول له: "إن شدة تواضعك تدفعنا إلى قلّة الأدب في حضورك، بالله عليك فكّر بحالنا هذا، ولا تشدّد على نفسك".
ويضيف التلميذ واصفاً أستاذه: منذ ما يقارب أربعين عاماً، لم يُشاهد أن اتكأ على مسندٍ في المجلس، كان دائماً يحتفظ بفاصلةٍ بين ظهره والجدار تأدّباً واحتراماً للجالسين، وما أمكنني مرّةً أجلس مكاناً أدنى من مكانه، رغم كثرة ترددي على مجلسه للاستفادة من علمه.
عندما كنت أدخل عليه فأمتنع من الجلوس في مكانٍ أرفعٍ أو في مستواه، كان يمتنع هو من الجلوس أيضاً، فنبقى واقفين حتى يقول مازحاً: "إذن ينبغي أن نجلس عند عتبة الباب أو خارج الحجرة"!..
ذات مرةٍ زرته في مشهد المقدسة، فوجدته جالساً على مسندٍ مرتفعٍ عن الأرض عملاً بنصيحة الطبيب، إذ كان يعاني من أزمةٍ في القلب.. وبمجرّد أن دخلت عليه قام من مكانه وطلب منّي الجلوس على المسند، فامتنعت كالعادة، فصرنا واقفين هكذا، حيث يصرّ أحدنا على الآخر بالجلوس على المسند، ولكنّه غلبني عندما قال: "اجلس، كي أقول لك كلمةً"!.. فتأدّباً ورغبةً في معرفة ما يريد قوله لي، وطاعةً لإصراره جلست على المسند، وجلس هو على الأرض.. ثم قال: إن الجملة التي كنت أريد أن أقولها لك.. هي "أن الجلوس على المسند ألين".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: المهتدي البحراني: قصص وخواطر، ص51.