حكى أحد العلماء و قال: كنت جالساً قرب تلّ الزينبية وبجانبي رجل واقف، وفي الأثناء وقعت عيني على المرحوم آية الله العظمى السيّد أبو الحسن الأصفهاني أكبر مراجع زمانه حيث خرج مع مرافقيه من حرم الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام. فالتفتّ إلى الرجل وإذا به ينطلق منفعلاً نحو السيد الأصفهاني وهو يقول بصوت عال: سوف أشتمه بئس شتيمة!.
وبعد دقائق رأيته عاد باكيًا وعليه آثار الخجل والندامة! سألته عن السبب لهذه المفارقة العجيبة بين الموقفين؟ فقال: لقد شتمت السيد حتى باب منزله، و هو لا يرد، و عند الباب توقف و طلب مني ان انتظره، دخل ثم رجع وبيده مبلغًا من المال، أعطاني ذلك وقال لي: راجعنا لدي كل مضيقة تعترضك، إذ أخشى أن تراجع غيرنا فلا يقضي حاجتك. ولكن لي إليك حاجة واحدة ! وهي أنني أتحمل كل شتيمة موجهة إليّ شخصيًا، و لكن أرجوك أن لا تشتم عرضي و أهل بيتي، فإني لا أتحمل ذلك، وأضاف الرجل وهو يرتعش: إنّ هذه الكلمات التي قالها لي السيّد الأصفهاني - أعلى الله مقامه - تركت أثرًا بالغًا في أعماقي حتى كدت أخرّ إلى الأرض، وهذه دموعي جرت بلا إرادة مني، وإني أشعر برعشة في أعماقي كما تراني.
قصص و خواطر من أخلاقيات علماء الدين، ص167