عن عطية العوفي قال: خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري زائراً قبر الحسين بن علي فلما وردنا كربلاء، دنا جابر من شاطئ الفرات، فاغتسل، ثمّ اتزر بإزار وارتدى بآخر، ثمّ فتح صرّة فيها سعد فنثره على بدنه، ثمّ إنّه لم يخط خطوة إلاّ ذكر فيها الله تعالى حتى إذا دنا من القبر قال: المسنيه يا عطية، فألمسته، فخر على القبر مغشياً عليه، فرششت عليه شيئاً من الماء، أفاق قال: يا حسين، يا حسين، يا حسين، ثلاثاً، ثمّ قال: حبيب لا يجيب حبيبه، وأنّى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك، وفرّق بين رأسك وبدنك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين، وابن سيد الوصيّين، وحليف التقى، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء، وابن فاطمة سيدة النساء...
قال عطية: ثمّ جال ببصره حول القبر فقال: السلام عليكم أيتّها الأرواح الطيبة التي بفناء الحسين أناخت برحله، أشهد أنكم قد أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين.
لقاء جابر بالإمام زين العابدين عليه السلام
بينا جابر وعطا ومن معهما كانوا يزورون الحسين عليه السلام إذ بسواد قد طلع عليهم من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره فإن كانوا من أصحاب عُمر بن سعد فارجع إلينا، لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين عليه السلام فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى.
مضى العبد، فما أسرع أن رجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، هذا زين العابدين قد جاء بعمَّاته وأخواته.
فقام جابر يمشي حافي القدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين، فقال عليه السلام له: ( أنْتَ جابر )؟ قال: نعم يا ابن رسول الله فقال الإمام عليه السلام: (يا جابر هاهُنا واللهِ قُتلت رجالُنا، وذُبحِت أطفالُنا وسُبيَت نساؤنا، وحُرقَت خِيامُنا).
* سبايا ال الرسول / الشيخ فاضل المالكي.