السبت 23 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 13 جمادى الاولى 1446هـ

» كـــــلامـــكـــم نــــــور

الإمام على فراش الموت

الإمام على فراش الموت:
بعد أن ضُرب أمير المؤمنين عليه السلام قال: احملوني إلى موضع مصلّاي في منزلي، يقول محمّد بن الحنفيّة: فحملناه إليه وهو مدنف والناس حوله، وهم في أمر عظيم باكين محزونين، قد أشرفوا على الهلاك من شدّة البكاء والنحيب، ثمّ التفت إليه الحسين عليه السلام وهو يبكي، فقال له: يا أبتاه من لنا بعدك؟ لا (يوم) كيومك إلّا يوم رسول الله صلّى الله عليه وآله، من أجلك تعلَّمت البكاء، يعزّ والله عليَّ أن أراك هكذا، فناداه عليه السلام فقال: يا حسين يا أبا عبد الله ادن منّي، فدنا منه وقد قُرِحت أجفان عينيه من البكاء، فمسح الدموع من عينيه ووضع يده على قلبه، وقال له: "يا بنيّ ربط الله قلبك بالصبر، وأجزل لك ولإخوتك عظيم الأجر، فسكِّن روعتك واهدأ من بكائك، فإنّ الله قد آجرك على عظيم مصابك"، ثمّ أُدخل عليه السلام إلى حجرته...

وأقبلت زينب وأمّ كلثوم حتى جلستا معه على فراشه، وأقبلتا تندبانه وتقولان: يا أبتاه من للصغير حتى يكبر؟ ومن للكبير بين الملا؟ يا أبتاه حزننا عليك طويل، وعبرتنا لا ترقأ،... فضجّ الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب، وفاضت دموع أمير المؤمنين عليه السلام عند ذلك، وجعل يقلِّب طرفه وينظر إلى أهل بيته وأولاده، ثمّ دعا الحسن والحسين عليهما السلام وجعل يحضنهما و يقبلهما، ثمّ أغمي عليه ساعة طويلة وأفاق.....

وقعدت لبابة عند رأسه، وجلست أمّ كلثوم عند رجليه، ففتح عينيه فنظر إليهما، فقال: الرفيق الأعلى خيرٌ مستقراً وأحسن مقيلاً، ضربةٌ بضربة، أو العفو إن كان ذلك.
ثمّ عرق ثمّ أفاق، فقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله يأمرني بالرَّواح إليه عشاءً، ثلاث مرات2.

يوصي بقاتله:
ولمّا أفاق ناوله الحسن عليه السلام قعباً من لبن، فشرب منه قليلاً ثمّ نحّاه عن فيه، وقال: احملوه إلى أسيركم، ثمّ قال للحسن عليه السلام: بحقي عليك يا بنيّ إلّا ما طيبتم مطعمه ومشربه، وارفقوا به إلى حين موتي، وتطعمه ممّا تأكل وتسقيه ممّا تشرب حتى تكون أكرم منه، فعند ذلك حملوا إليه اللبن وأخبروه بما قال أمير المؤمنين عليه السلام في حقّه، فأخذه اللعين وشربه.

وكان اللعين قد جيء به مكتوفاً... فقالت له أمّ كلثوم وهي تبكي: يا ويلك، أمّا أبي فإنّه لا بأس عليه، وإنّ الله مخزيك في الدنيا والآخرة، وإنّ مصيرك إلى النار خالداً فيها، فقال لها ابن ملجم لعنه الله: ابكي إن كنت باكية فوالله لقد اشتريت سيفي هذا بألف وسممته بألف، ولو كانت ضربتي هذه لجميع أهل الكوفة ما نجا منهم أحد3!.

مع الطبيب:
وجُمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني، ولمّا نظر إلى جرح أمير المؤمنين عليه السلام دعا بِرِئة شاة حارّة واستخرج عرقاً منها، فأدخله في الجرح ثمّ استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ، فقال له: يا أمير المؤمنين، اعهد عهدك فإنّ عدّو الله قد وصلت ضربته إلى أمِّ رأسك4.

قال محمّد بن الحنفيّة: بتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبي، وقد نزل السمّ إلى قدميه، وكان يصلّي تلك الليلة من جلوس، ولم يزل يوصينا بوصايا يعزّينا عن نفسه، ويخبرنا بأمره إلى حين طلوع الفجر5.

الوصية العامة:
يقول عليه السلام في وصيّته: "بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب، أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، صلّى الله عليه وآله، ثمّ إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.

ثمّ إنّي أوصيك يا حسن وجميع أهل بيتي وولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربّكم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقو، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: "صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام"، و"أن المبيرة الحالقة للدّين فساد ذات البين"، ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهوّن الله عليكم الحساب.
الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم، فقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: "من عال يتيماً حتى يستغني أوجب الله عزّ وجل له بذلك الجنّة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار".

الله الله في القرآن، فلا يسبقكم إلى العمل به أحدٌ غيركم.
الله الله في جيرانكم فإنّ النبي صلّى الله عليه وآله أوصى بهم، وما زال رسول الله صلّى الله عليه وآله يوصي بهم حتى ظننّا أنّه سيورّثهم.

الله الله في بيت ربّكم، فلا يخلو منكم ما بقيتم، فإنّه إن ترك لم تناظرو، وأدنى ما يرجع به من أَمَّهُ أن يغفر له ما سلف.
الله الله في الصلاة، فإنّها خير العمل، إنّها عمود دينكم.

الله الله في الزكاة، فإنّها تطفئ غضب ربّكم.
الله الله في شهر رمضان، فإنّ صيامه جنّة من النار.

الله الله في الفقراء والمساكين، فشاركوهم في معايشكم.
الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم، فإنّما يجاهد رجلان: إمام هدى، أو مطيع له مقتدٍ بهُداه.

الله الله في ذرية نبيّكم، فلا يُظلمنّ بحضرتكم وبين ظهرانيكم، وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.
الله الله في أصحاب نبيّكم الذين لم يُحدِثوا حَدثاً ولم يُؤووا مُحدِث، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أوصى بهم، ولعن المُحدِثَ منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدِث.

الله الله في النساء وفيما ملكت أيمانكم، فإنّ آخر ما تكلّم به نبيكم عليه السلام أن قال: أوصيكم بالضعيفين: النساء وما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة الصلاة، لا تخافوا في الله لومة لائم، يكفكم الله مَن آذاكم وبغى عليكم، قولوا للناس حُسناً كما أمركم الله عزّ وجل، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي الله أمركم شراركم ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم عليهم، وعليكم يا بنيّ بالتواصل والتباذل والتبار، وإيّاكم والتقاطع والتدابر والتفرّق، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثمّ والعدوان، واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيّكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته6.

2- الطوسي: الأمالي، ص365.
3- المجلسي: بحار الأنوار، ج412، ص288-289.
4- الأصفهاني أبو الفرج: مقاتل الطالبيين، ص23.
5- المجلسي: بحار الأنوار، ج42، ص290.
6- راجع حول هذه الوصية: الكليني: الكافي، ج7، ص49 / الحراني ابن شعبة: تحف العقول، ص197-199 / الطوسي: تهذيب الأحكام، ج9، ص176-178 وغيرهم مما هو كثير.

2028 مشاهدة | 06-07-2015
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة