معنى (ساخ): أي: غاص، وساخت الأرض: أي: انخسفت، وساخ في الأرض، أي: دخل فيها، فمعنى (ساخت الأرض بأهلها): أي: غاصوا فيها، والمراد من قوله: (لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها): لولا وجود الإمام المعصوم حيّاً في الأرض لغاصت الأرض بأهلها. ويرشد إلى هذا المعنى ما ورد في حديث عن الإمام الباقر(ع)، قال: (لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله)(1)، ففي قوله: (لساخت...) كناية عن هلاك البشر وفنائهم.
وروي عنه (ع) أنّه قال: (لو بقيت الأرض يوماً واحد بلا إمام لساخت الأرض بأهلها، ولعذّبهم الله بأشدّ عذابه.. إنّ الله تبارك وتعالى جعلنا حجّة في أرضه وأماناً في الأرض لأهل الأرض، لن يزالوا بأمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم، فإذا أراد الله أن يهلكهم ثمّ لا يمهلهم ولا ينظرهم، ذهب بنا من بينهم ورفعنا إليه، ثمّ يفعل الله تعالى بهم ما شاء وأحبّ)(2).
وعن أمير المؤمنين(ع) قال: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهر مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً)(3).
والدليل من القرآن الكريم:
قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم) (الأنفال:33)..
فقد روي عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: (قلت لأبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام): لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ(ص) والإمام؟ فقال: (لبقاء العالم على صلاحه، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام؛ قال الله عزّ وجلّ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم)، وقال النبيّ(ص): (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون...)(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 1: 179 الحديث (12) كتاب الحجّة، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجّة.
(2) إكمال الدين وإتمام النعمة: 204 الحديث (14) الباب الحادي والعشرون.
(3) نهج البلاغة لمحمّد عبده 4: 37 (147) ومن كلام له(عليه السلام) لكميل بن زياد.
(4) علل الشرائع 1: 123 العلّة التي من أجلها يحتاج إلى النبيّ والإمام(عليهما السلام).