* الشيخ حسن أحمد الهادي
قيمة معرفة أهل البيت(ع):
تعتبر معرفة أهل البيت(ع) وولايتهم والإيمان بهم، وأنهم آل بيت رسول الله(ص) المطهّرون، وولاة الأمر وخلفائه على العباد والبلاد أساس وركيزة البنية الإيمانية والعقائدية للإنسان المسلم، وقد حثّت الروايات على معرفتهم، وحذّرت من عدم معرفتهم.
أ- الحثّ على معرفة أهل البيت(ع): "عن رسول الله(ص): من مّنَّ الله عليه بمَعرِفةِ أهلِ بيتي وولايتهم فقد جمع الله له الخيرَ كُلّه"(أمالي الصدوق: 383/ 9).
وقال سلمان الفارسي: "دخلت على رسول الله(ص) يوماً، فلمّا نظر إليّ قال: يا سلمان، إنّ الله عزّ وجلّ لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلا جعل له اثني عشر نقيباً... قُلتُ: يا رسول الله، بأبي أنتَ وأمي، ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سَلمانُ، من عرَفَهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم، فوالى وليَّهم وتبَرّأ من عدُوّهم فهُو والله مِنّا، يردُ حيثُ نرد، ويسكُن حيثُ نسكن"( البحار: 53/ 142).
وعن الإمام الباقر(ع): "إنما يعرف الله عزّ وجلّ ويعبُده من عرّف الله وعرف إمامَه منّا أهل البيت"( علل الشرائع: 9/ 1.
ب- ذم عدم معرفتهم(ع): (عن رسول الله(ص) قال: من ماتّ لا يَعرِف إمامَهُ ماتَ ميتةً جاهلية" (الكافي: 2/20/6).
وعنه أيضاً (ص) قال: "من مات وليس له إمامٌ من وُلدي ماتَ ميتةً جاهلية، ويُؤخذُ بما عمل في الجاهلية والإسلام< (عيون أخبار الرضا(ع)، 2/58/21)
2- أهم خصائص أهل البيت(ع): أهل البيت(ع) أفضل الخلق وأكملهم وأزكاهم وأطهرهم، وقد ذكرت أوصافهم في عشرات الروايات، نذكر أهمها:
أ- الطهارة والعصمة: قال الله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (الأحزاب، 33).
- عنه (ص) قال: "أنا وعلي والحسن والحسين وتسعةٌ من ولدِ الحسين مطهّرون معصومون"(عيون أخبار الرضا(ع) 1/64/30).
- وعنه (ص) قال: "الأئمة بعدي إثنا عشر عدّدُ نُقباء بني إسرائيل، كُلُّهم أمناء أتقياء معصومون"(جامع الأخبار، 62/ 80).
وقال الإمام علي(ع): "إنّما أمَر الله عزّ وجل بطاعةِ الرسول لأنّه معصومٌ مطهر، لا يأمُر بمعصيته. وإنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطّهرون، لا يأمُرون بمعصيته< (الخصال: 139/158).
ب- عدلُ القرآن: "عن رسول الله(ص): إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتُم به لن تضلّوا بعدي، أحدُهما أعظمُ من الآخر: كتابُ الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض، وعترتي أهلُ بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلُفوني فيهما"(سنن الترمذي: 5/663/ 3788).
ج- خزنة علم الله وتراجمه وحيه: "عن الإمام الباقر(ع) قال: "نحن خزّان علم الله، ونحنُ تراجمَةُ وحي الله"(الكافي: 1/192/3). وفي عدّة روايات أنهم ورثة علم الأنبياء(ع).
د- عندهم علم الكتاب: عن الإمام علي (ع) في قول الله تبارك وتعالى: {قُل كفى بالله شهيداً بيني وبينكُم ومن عِندَه علم الكتاب}: أنا هو الذي عِندَه علم الكتاب"(بصائر الدرجات: 216/ 21) عن سلمان الفارسيّ).
هـ- يعلمون إذا شاؤوا: سأل أبا عبد الله(ع) عن الإمام يَعلم الغيب؟ فقال: لا ، ولكن إذا أراد أن يعلم الشّيء أعلمَه الله ذلك< (الكافي، 1/257/4).
و- أفضل الخلق: "أنا وأهل بيتي صفوةُ الله وخيرته من خلقه"(إحقاق الحق، 9/ 483).
ز- معدن الرسالة: "عن رسول الله(ص): نحنُ أهلُ بيتِ شجرة النبوّة، ومعدن الرسالة، ليس أحدٌ من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري"(إحقاق الحق، 9/ 378).
ح- أبواب الله: "عن رسول الله(ص): نحنُ باب الله الذي يُؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون"(فضائل الشيعة، 50/7).
ط- أركان العالم وأمان أهل الأرض: عنه النبي (ص) "النُجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمانٌ لأهل الأرض، فإذا ذَهبَ أهلُ بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون"(ينابيع المودة: 1/71/2).
3- ولايتهم ومودتهم ووجوب طاعتهم:
لقد تحدّثت الروايات الواردة عن النبي(ص) وعترته الطاهرة عن فضل حبهم، وأنه كحب رسول الله(ص)، وحثّ الناس على حبهم، وأنهم خلفاء الله، وأوصياء نبيه(ص)، وفي مودتهم وولايتهم صراط النجاة وطريق الحق:
أ- خلفاء الله وأوصياء النبي(ص): "قال عن الإمام الرضا(ع) الأئمة خُلفاء الله عزّ وجلّ في أرضه"(الكافي: 1/193/1). وعن النبي (ص): "أنا سيّدُ النبيين، وعليّ بن أبي طالب سيّدُ الوصيين، وإنّ أوصيائي بعدي إثنا عشر، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم"(كمال الدين، 280/29).
ب- الحثّ على تحبيبهم إلى الناس: الإمام الصادق(ع): رحم الله عبداً حبّبنا إلى الناس ولم يُبّغضنا إليهم< (الكافي: 8/229/293). وعن الإمام علي(ع): "من أحبّ الله أحبّ النبي، ومن أحبّ النبي أحبّنا، ومن أحبّنا أحبّ شيعتنا"(تفسير فرات الكوفي: 128/146).
ج- معرفة حقوق أهل البيت(ع): عن رسول الله(ص): "والّذي نفسي بيده لا ينفعُ عبداً عملُه إلا بمعرفة حقّنا"(أمالي المفيد، 44/2).
د- مودة أهل البيت(ع): { ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} (الشورى23).
هـ- موالاة أهل البيت وطاعتهم: المودة والحب والطاعة من العناوين التي ترتكز عليها الولاية لذلك ورد الحثّ على الطاعة والولاية مقترناً بالحب في الكثير من الروايات منها:
عن النبي(ص): "تمسّكوا بطاعة أئمتكم ولا تُخالفوهم، فإنّ طاعتهم طاعة الله، وإنّ معصيتهم معصية الله"(الدر المنثور، 5/178). وعن الإمام الرضا(ع): "كمال الدين ولايَتُنا والبراءة من عدونا"(مستطرفات السرائر: 149/3.
4- التحذير من الغلّو في أهل البيت(ع): تعتبر حركة الغلاة من أخطر الحركات ضرراً على الإسلام والمجتمع الإسلامي، لأنها حركة عقائدية تستهدف ضرب الإسلام من الداخل وبعناوين جذّابة، لهذا نجد أن مواجهة الأئمة(ع) لها كانت شديدة وقاسية إلى حد تكفير الغلاة، وهذا ما برز في الأحاديث بوضوح منها:
أ- التحذير من الغلو: قال الإمام علي(ع): إيّاكم والغلّوَّ فينا، إنّا عبيدٌ مربوبون، وقولوا فضلنا ما شئتم"(الخصال: 614/10). عن الإمام الصادق(ع): "إحذروا على شبابكم الغُلاة لا يُفسدونهم ، فإنّ الغلاة شرٌّ خلق الله، يُصغرون عظمة الله ويدَّعون الرّبوبيّة لعباد الله. والله، إنّ الغُلاةَ أشرّ من اليهود والنّصارى والمجوس والّذين أشرَكوا"(أمالي الطوسي: 650/1349).
وقد تبرّأ أهل البيت من الغلاة وحكموا بهلاكهم وكفرهم، قال الإمام علي (ع): "لا تتجاوزوا بنا العُبودية، ثمّ قولوا ما شئتم ولن تبلُغوا، وإيّاكم والغلّوّ كغلّوّ النصارى، فإنّني بريءٌ من الغالين< (الإحتجاج، 2/453/314) وعنه (ع): يهلِكُ فيّ رجلان: مُفرطٍ غالٍ ومُبغضٌ قالٍ"(شرح نهج البلاغة 20/220).
وقد حدّد أهل البيت(ع) ميزان الحبّ والعلاقة معهم، فقال رسول الله(ص): >يا عليّ، إنّ فيك مثلاً من عيسى بن مريم: أحبّه قومٌ فأفرطوا في حبّه فهلكوا فيه، وأبغضَهُ قومٌ فأفرطوا في بغضه فهلكوا فيه، واقتصد فيه قومٌ فنجوا< (أمالي الطوسي: 345).