الحسين (عليه السلام) وجده المصطفى (ص): تماثل في الموقف والتكليف
هل كان أصحاب الحسين (عليه السلام) في ليلة عاشوراء مستعدّين لتلك المواجهة الصعبة؟ ولماذا استمرّوا في نصرة سيد الشهداء، مع أنّ الحسين (عليه السلام) قد برّأ ذمّتهم، وجوّز لهم الانصراف؟ وحينها سيكون وحده يواجه هذا الجيش الجرّار، وقد أمر الله النبي أن يجاهد الكفار حتّى لو وصل به الأمر أن يبقى لوحده في الميدان، قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ}[1]، فالحسين مستعدّ للقتال حتّى لو كان وحيداً، وهذا يدلّل على أنّ موقف الحسين (عليه السلام) في قتال بني أمية يضاهي ويماثل موقف النبي (صلى الله عليه وآله) في قتال الكفار، وهذا لم يكن للإمام علي (عليه السلام); لأنّ وظيفة الإمام علي (عليه السلام)، وكذلك الإمام الحسن(عليه السلام) أن يستنصر المسلمين في قتال أعدائه فإن نصروه جاهدهم وإن لم يفعلوا فلا يبقى لوحده في الميدان ويسقط عنه التكليف، أمّا الإمام الحسين (عليه السلام) فوظيفته الشرعية أن يبقى ولو كان وحده، كما أمر الله نبيّه (صلى الله عليه وآله) في الآية الآنفة الذكر.
هل اختبرت نيّة أصحابك؟
وهكذا ثبت الإمام الحسين(عليه السلام)، وثبت معه أهل بيته وأصحابه، وكان الإمام(عليه السلام) قد ورث الشجاعة من جدّه (صلى الله عليه وآله) الذي كان الإمام علي (عليه السلام) يقول عنه: "لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله(صلى الله عليه وآله).."[2]، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي، وأمّا الحسين فإنّ له شجاعتي وجودي"[3]. والملفت في سيرة سيد الشهداء (عليه السلام) أنه غربل وصفّى واختبر أصحابه منذ خروجه من مكة المكرمة، وهذا ما كان يثير قلقاً عند الحوراء زينب (عليها السلام) حين قالت له في كربلاء: "أخي، هل استعملت من أصحابك نياتهم فإنّي أخشى أن يسلّموك عند الوثبة واصطكاك الألسنة!"[4]، ولكن الحسين (عليه السلام) كان مطمئناً من وقوف هؤلاء الأبطال في هذا الزلزال الرهيب وقوف الجبال الرواسي، وكانت المهمة صعبة، وكربلاء لا ترضى أن يكون أبطالها إلاّ عمالقة في الإنسانية، وقمم في الفضيلة.
ولذلك لا تجد باحثاً أخلاقياً، ولا باحثاً قانونياً يستطيع أن يسجّل مخالفة أخلاقية أو قانونية ارتكبها أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) رغم صعوبة الظروف وشدّة الموقف.
آية الله الشيخ محمد سند - بتصرف
[1] النساء (4): 84.
[2] ميزان الحكمة 5: 224، الحديث 14886.
[3] ميزان الحكمة 1: 153، الحديث 1114.
[4] موسوعة كلمات الامام الحسين : 493، علاج سيفه وكلامه مع اخته.