عن إبراهيم بن العبّاس أنّه قال: ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا، وشاهدت منه ما لم أشاهده من أحد، وما رأيته جفا أحداً بكلامه قطّ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قطّ، ولا اتَّكأ بين يدي جليس له قطّ، ولا رأيته يشتم أحداً من مواليه ومماليكه، وما رأيته تفل قطّ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسُّم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس، وكان قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح، وكان كثير الصوم، ولا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: "ذلك صوم الدهر" وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه.
وعن محمد بن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا عليه السلام على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم.
وعن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا عليه السلام، ولا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور. ولقد سمعت عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام يقول: "كنت أجلس في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون، فإذا أعيا الواحد منهم من مسألة أشاروا إليّ بأجمعهم وبعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عنها"1.
* في رحاب سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الشيخ الطبرسي، إعلام الورى، ج2، ص64.