من كلام الإمام الخامنائي (دام ظلّه)
المهدي الموعود: أملُ البشرية:
أيّها الشباب الأعزاء لا زالت شمس ساطعةٌ تعيش بيننا بفضلٍ من الله وعونٍ وإرادةٍ منه، فهي بيننا تحمل عنوان بقيّة الله في أرضه، وحجّته على عباده، وصاحب الزمان.
إنّ حضور ذلك الوجود المقدّس الحجّة(عجل الله فرجه الشريف) بين الناس يُعدُّ مصدراً للبركة، والعلم، والنوارنية، والجمال، وجميع الخيرات.
إنّ عيوننا المظلمة وغير المؤهّلة لا يمكنها رؤية ذلك الوجه الملكوتي من قريبٍ، لكنّه كالشمس المضيئة، يرتبط بالقلوب ويتّصل بالبواطن والأرواح، ولا موهبة لإنسانٍ عارفٍ أفضل من شعوره بأنّ وليّ الله، والإمام الحق، والعبد الصالح، والعبد المصطفى من بين جميع العباد، والمخاطب بخطاب الخلافة الإلهيّة على الأرض، موجودٌ إلى جنبه فيراه ويتواصل معه.
المهدي الموعود: داعي الله وربّاني آياته:
إنَّ الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) هو استمرارٌ لحركة الأنبياء(عليهم السلام)، والدعوات الإلهيّة منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا. وهذا يعني أن تلك الحركة العظيمة، والدعوات الإلهيّة من خلال بعث الأنبياء لم تتوقّف أبداً، حيث كان الإنسان بحاجةٍ إلى الأنبياء والدعوات الإلهيّة، ولا تزال هذه الحاجة قائمةً إلى يومنا هذا، وكلّما تقدّم الزمن اقترب الإنسان من تعاليم الأنبياء أكثر.
إنّ سلسلة أولئك الدعاة إلى الله لم تنقطع، وإنّ بقية الله الأعظم(عجّل الله فرجه الشريف) استمرارٌ لتلك السلسلة، إذ نقرأ في زيارة آل ياسين: "السلام عليك يا داعي الله وربّاني آياته" أي إنك تشهد إن دعوة إبراهيمَ، وموسى، وعيسى، وجميع الأنبياء(عليهم السلام)، والمصلحين، ورسالةَ خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله) متمثّلةٌ في الإمام بقية الله الأعظم(عجّل الله فرجه الشريف)، فإنّه وارثٌ لهم وحاملٌ لوائهم، ويدعو الناس جميعاً إلى المعارف نفسها التي جاء بها الأنبياء إلى الإنسانيّة طوال التاريخ.
المهدي الموعود: المنتظِرُ للفرج
ليس معنى انتظار الفرج أن يجلس الإنسان دون أن يفعل شيئاً ودون أن يهتم لأي عمل إصلاحيّ، ويغتبط فقط بأنه ينتظر الإمام المهدي(عجّل الله فرجه الشريف)، هذا ليس انتظاراً. ما هو الانتظار؟ إنه انتظار اليد الإلهيّة الملكوتيّة القاهرة القويّة كي تأتي وتزيل الظلم بمساعدة الناس أنفسهم وتُغلِّب الحق، وتسوِّد العدل في حياة الناس وترفع راية التوحيد، وتجعل البشر عباداً حقيقيين لله. ينبغي الاستعداد لهذه المهمة. وأية خطوةٍ باتجاه تكريس العدالة هي خطوةٌ باتجاه ذلك الهدف السامي. هذا هو معنى الانتظار. الانتظار حركةٌ وليس سكوناً أو إهمالاً أو قعوداً كي تجري الأمور لوحدها. الانتظار حركةٌ، الانتظار استعدادٌ، علينا الحفاظ على هذا الاستعداد وهذه الجهوزيّة في أنفسنا وفي بيئتنا المحيطة بنا.
المهدي الموعود: واجبُ الانتظار
إنَّ الانتظار يضع على عاتق الإنسان واجباتٌ وتكاليفٌ، وهذا يتطلَّب إعداد الذَّات، وأن نكون ضمن مواصفات الزمن الذي ننتظر، وأن نعلم أنّ حدثاً كبيراً سوف يقع. فحينما ننتظر العدل، والحق، والتوحيد، والإخلاص، والعبودية لله، فيجب علينا أن نقرِّب أنفسنا من هذه الأمور، ونعرِّف أنفسنا العدلَ ونعدّها لتقبل الحق.
كذلك يجب عدم الغفلة عما يُتداول ويُقال حول قضايا الانتظار وعصر الظهور، ويجب أن تكون معارفنا عن هذه القضيّة مستندةً إلى أسانيدَ ووثائقَ يمكن الوثوق بها والركون إليها، فبعض الأمور الموجودة بخصوص علامات الظهور غير قطعي، إنما هي أشياءٌ لم ترد في الروايات المعتبرة الجديرة بالاستناد، ولا يمكن الوثوق بها. فإذا وقع الخطأ والانحراف سوف تُهجَر الحقيقة، ويُشتبه فيها، وتتوفّر الأرضية لتضليل أذهان الناس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: صدى الولاية 112 – شعبان 1433 هـ .