عن أبي حمزة الثمالي قال: هذه رسالة علي بن الحسين إلى بعض أصحابه:
إعلم أن لله عز وجل عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنه سكنتها، أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت فيها بعضها أكبر من بعض، فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق،
ثم ما أوجب الله عز وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك، على اختلاف جوارحك، فجعل عز وجل للسانك عليك حقاً، ولسمعك عليك حقاً، ولبصرك عليك حقاً، وليدك عليك حقاً، ولرجلك عليك حقاً، ولبطنك عليك حقاً، ولفرجك عليك حقاً، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال.
ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقاً، فجعل لصلاتك عليك حقاً، ولصومك عليك حقاً، ولصدقتك عليك حقاً، ولهديك عليك حقاً. ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق.
فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك. وكل سائس إمام.
وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيتك بالملك، من الأزواج وما ملكت الإيمان.
وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة وأوجبها عليك: حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك، ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى. ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك ثم حق ذوي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك، ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه. ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال، وتصرف الأسباب.
فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه، ووفقه لذلك وسدده.واعلم ان هذه القوق فصّلها الإمام زين العابدين بأحسن بيان فاقرأ هذه الرسالة الجليلة واغتنم منها.1
1- بحار الأوار ج71 ص2.