الإعداد النبوي لدور فاطمة (صلّى الله عليه وآله):
كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوجه الأنظار والعقول والقلوب الى مقام فاطمة (عليها السلام) ودورها الشامخ في حركة الرسالة، لتكون آراؤها ومواقفها مقياساً للحكم على آراء ومواقف الآخرين في حالة التباس المفاهيم واختلاط العناوين، وتأرجح الموقف.
ولم يكن هذا التوجيه عاطفة أبوية لأنه (صلّى الله عليه وآله) لا يقول قولاً ولا يتخذ موقفاً إلا بأمر من الله تعالى.
فقد وجه الأنظار إلى مقامها السامي فقال: "خير النساء العالمين أربع: مريم واسية وخديجة وفاطمة".
وجعل أذاها أذى له (صلّى الله عليه وآله) فقال (صلّى الله عليه وآله): "فاطمة بضعة مني يؤذيني ما أذاها ويبغضني ما أبغضها".
وجعل رضاها وغضبها تجسيداً ومصداقاً لرضا الله تعالى وغضبه فقال: "إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك".
وكان (صلّى الله عليه وآله) اذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلى به ركعتين ثم يأتي فاطمة ثم يأتي أزواجه.
وقال ابن عمر: إن النبي (صلّى الله عليه وآله) كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهداً فاطمة (عليها السلام). وكان (صلّى الله عليه وآله) يمر ببيت فاطمة طيلة ستة أشهر، إذا خرج إلى صلاة الفجر فيقول: "الصلاة يا أهل البيت، ثم يقرأ أية التطهير".
إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله) عن مظلومية الزهراء (عليها السلام):
في خبر طويل عن النبي (صلّى الله عليه وآله) بظلم أهل البيت (عليهم السلام)، أنه قال:"وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبَيّ، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جلّ جلاله، زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته: "يا ملائكتي انظروا إلى امتي فاطمة سيدة إمائي، قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خِيفتي، وقد أقبلت بقلبها إلى عبادتي، أُشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النّار".
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): "وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يُصنع بها بعدي، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، ومُنعت إرثها، وكُسر جنبها، وأُسقط جنينها، وهي تنادي: يا محمداه فلا تُجاب، وتستغيث فلا تُغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي أُخرى، وتستوحش إذا جَنّها اللّيل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدْتُ بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزة، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول:"يا فاطمة، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين."
ثم يبتدي بها الوجع فتمرض، فيبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: يا رب إنّي قد سئمت الحياة وتبرّمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي، فيُلحقها الله عزّ وجلّ بي، فتكون اوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتُقدم علي محزونة مكروبة مغمومة، مغصوبة (إشارة إلى غصبها حقها عليها السلام)، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وأذلّ من ذلّها، وخلّد مَن ضَرب جنينَها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين".