بسم الله الرحمن الرحيم
أهنّئ جميع طلبة جامعة المصطفی (ص) والفضلاء والأساتذة الکرام والموظفين والمسؤولين الأعزاء بالعام الجديد والربيع الرائع، وأشکرهم جميعاً لما بذلوه في السنة المنصرمة من الجهود المشکورة والخدمات القيّمة وأشيد بهم وأذکّر العاملين في هذه الجامعة الطيبة بالنقاط التالية:
الأولی: ينبغي أن نفتح في ربيع الطبيعة نافذة لربيع المعرفة، وأن نجعل القلوب والأنفس تطير في سماء المعنوية؛ لأنّ الربيع الحقيقي هو «التجديد المعنوي والکمال الإيماني والنشاط العبادي واللذة الروحية». ويحتاج الدخول في هذا المجال إلی التطهير الباطني والتزکية والتوبة وإبعاد النفس من المعاصي. ولا بد أن تستمرّ هذه الرسالة المهمّة وتتضاعف أهميتها خاصة للمؤسسة العلمية والدينية والحوزوية کجامعة المصطفی (ص) وکذلك للأساتذة والموظفين والمسؤولين؛ حيث أنّ روّاد الأفکار والقضايا الإسلامية الرفيعة وأصحاب حوار الثورة الإسلامية هم الأجدرون بالتخلّق والالتزام بالأخلاق الإلهية وتهذيب النفس.
إنّ الآفاق المنشودة والتحدّيات الموجودة والوظائف العظيمة لجامعة المصطفی (ص) کلها تثقّل رسالة کافة الأعزاء والمرتبطين بهذه الجامعة والمجتهدين في هذا المجال، وينبغي أن نوجد عزماً جديداً وإرادة جديدة في أنفسنا ونؤدّي وظائفنا ومسؤلياتنا بإخلاص وإيثار أکثر من قبل.
الثانية: لا تزال مکانة الحوزة وأصالتها کمؤسسة متأصلة في التاريخ الإسلامي تحظی بمفاخر کثيرة، وتعتبر جامعة المصطفی (ص) غصناً من هذه الشجرة الطيبة وجزءاً من هذا الأصل الثابت والبنيان المرصوص، وهي تفتخر بهذه الأصالة والصلة المعرفية والتاريخية. ولهذا لا بد من المحافظة علی «الهوية الحوزوية» و«أصل العناية بالرسالة» و«أصالة الأخلاق والتربية» في کافة الإنجازات والنشاطات والتخطيطات في داخل البلد وخارجه، ويجب عدم التنازل عن هذا الأصل الأصيل وعن هذه السنن الحوزوية الصحيحة في المجالات العلمية والمعرفية والتربوية والمعيشية؛ لأنّ التنازل عنها يوجب انهيار أسس هذه المؤسسة وتجريدها عن روحها وأصولها الأصلية. وطبعاً لا يعني هذا الأصل، نفي الاستفادة من التجارب والمناهج الحديثة.
الثالثة: إنّ التقدّم والتطوّر المنتظم بحاجة مستمرة إلی تحديد المخاطر وإعادة النظر في الأساليب والمناهج والاتجاهات. وما أحوج جامعة المصطفی (ص) ـ باعتبارها مؤسسة ذات أهداف سامية في نشر الرسالات المعرفية ـ الاهتمام بهذا الأمر، وينبغي أن يستفرغ الأصدقاء المجدّون وجميع الأقسام والمراکز کل مجهودهم في سبيل تحديد المخاطر وإعادة النظر في الأساليب والمناهج والبرامج. وأن لا يألوا جهداً في سبيل تقدّم هذه الجامعة الطيّبة وتعاليها. و لا يخفى بأنّ تجارب وأعمال السنوات الأخيرة ـ وخاصة السنوات العشر الماضية ـ تحتاج إلی إعادة النظر و يقع هذا الأمر علی عاتق المسؤولين والخبراء.
الرابعة: يتطلّب وصول جامعة المصطفی (ص) إلی أهدافها ورسالتها الرفيعة ـ بهويتها الفريدة والموحّدة، إلی النظم والاتحاد والتناسق والتنسيق اللائق بين الأقسام و المراکز، وينبغي اجتناب الجميع من التفرقة والتشتت و ضيق الرؤية التي تعد من المخاطر والتحديات الکبری. و ينبغي على کافة الأشخاص والأقسام أن يهتموا بأداء وظائفهم علی أساس «الأهداف المشروحة والوظائف المصوبة للجامعة» وکذلك عليهم أن ينظروا إلی الأهداف العامة لجامعة المصطفی (ص) نظرة شاملة و منتظمة وأن يسعوا إلی تقوية التعاون وتعزيز التناسق والتنسيق بين أقسامهم والأقسام الأخری.
الخامسة: جامعة المصطفی (ص) بعد العبور من مرحلة التأسيس والتثبيت، ينبغي عليها الآن أن تدخل مرحلة «التعمّق» والترکيز علی «الکيفية»، و يجب في هذا الصدد القيام بتدوين اللوائح و إعادة النظر في المناهج والأساليب والضوابط وخاصة التدابير العامة والاستراتيجية التي ابتدأت من عام 1390 شمسي، إلی نهاية مقبولة ومطلوبة، وأن يتم الاعتناء في کافة البرامج بأخذ النتيجة والإفادة والکيفية وأن يتمّ الاجتناب من الأعمال السطحية والإقدامات الظاهرية والعشوائية؛ إذ إنّ الغفلة عن الکيفية توجب خسائر فادحة.
السادسة: يعتبر الاهتمام بالتربية الشاملة والمتوازنة من أهم أصول جامعة المصطفی (ص)، ويلزم أن تکون هذه التربية في صدر النشاطات، کما ينبغي أن تنعکس القيم الأخلاقية والإسلامية والحوزوية في کافة البرامج والأعمال ولا سيما في التعاملات الإدارية بين المسؤولين والموظفين الأعزاء وکذلك بين الطلاب والفضلاء الکرام. ليعلم الموظفون والمسؤولون والأساتذة الأجلاء بأنّ أهم عامل تربوي وأفضل عنصر مؤثر في إعداد العلماء والنخب والبارزين، هو أسلوب التعامل والسلوك مع الطلاب والمتعلمين. ومن جهة أخری يجب أن لا نغفل عن مقولة التربية الشاملة والمتوازنة خاصة في مجالات التربية الأخلاقية والمعنوية والاجتماعية والسياسية ، ولا بد أن تحظی البصيرة السياسية والتقدم الاجتماعي بأولوية خاصة في السنة الجديدة وفي هذه الظروف التي نشاهد فيها الصحوة الإسلامية والأحداث الکبيرة في العالم الإسلامي.
السابعة: يعدّ الاهتمام ببيت المال والاقتصاد في التکاليف والابتعاد عن التجملات والمراسيم غير اللائقة وعدم الإسراف في المصروفات من أهم الأصول الأخلاقية في الإسلام، وينبغي أن يُعتنی بها أکثر من قبل في کافة النشاطات من قبل جميع الأشخاص والأقسام؛ إذ يعتبر الاستهلاك الأقل والاستفادة الأکثر من المصادر المالية وأصل «القناعة» من سنن الحوزة الأساسية، و المتوقّع خاصة منّا ومن المصطفويين في الداخل والخارج الاهتمام بهذه الأصول والالتزام بالسلوك الحوزوي والأسلوب الديني، والإعراض عن هذه الأصول، بأيّ شکل کان، يؤدّي إلی الأضرار الفادحة ويتضاعف الاهتمام بهذه المسألة خاصة في العام الذي أطلق عليه سماحة القائد (مدّ ظله العالي) عام «الإنتاج الوطني وحماية العمل والاستثمار الإيراني».
الثامنة: لا يزال تنظيم الممثليات الخارجة عن البلاد، والاهتمام بها في الأولوية، وعلی الرغم من الجهود المحقّقة في هذا المجال، تحتاج مسألة التخطيط والإشراف والدعم وتلبية حاجاتها، إلی السعي الأکثر، وإنّ الغفلة عن هذه المسألة تعرقل عملية التطوّر والتقدّم والانسجام بين المراکز العلمية والتربوية المتعلّقة بجامعة المصطفی (ص).
التاسعة: من النقاط المهمّة الأخری هي مسألة العناية بأقلمة العلوم والمعارف والاستفادة من العلماء والفضلاء والمتخرّجين الأجانب والثقة بهم، وکذلك المحافظة علی استقلال الحوزات والمدارس والمراکز العلمية الخارجة والاهتمام بالمدارس والمؤسسات التابعة. ويجب علی جامعة المصطفی (ص) أن تدعم جميع المتخرّجين وتساند الحوزات والمدارس والمؤسسات العلمية في سبيل التقدّم والتطوّر.
العاشرة: لا بد أن تعتني جامعة المصطفی (ص) دائماً بالهوية العلمية والدينية والمعرفية وبأهدافها العامة والحضارية، ومن أهم الأمور تواجدها وحضورها وأيضاً حضور کافة المراکز التابعة والممثليات والأساتذة والمجموعات العلمية التربوية في الميادين العلمية والمعرفية علی المستوی العالمي. ويتحمل جميع المصطفويين وظيفة خلق الحوار المعرفي وإيجاد التيار الفکري الذي يعتمد علی المباني الإسلامية والمعارف الإلهية والهوية الحوزوية والذي يستفيد من حوار الثورة الإسلامية والصحوة الإسلامية وأفکار الإمام الخميني الفقيد (قدس سره) وسماحة القائد (مد ظله العالي) وتوجيهات مراجع الدين والعلماء والکبار.
وفي الختام نأمل لکم سنة مملوءة بالتوفيق والتقدّم، ونستعين بالله المنّان لإنجاز الوظائف والمسؤوليات، وندعو لنصر الإسلام ونشر المعارف الإسلامية الخالصة ولظهور الإمام العصر (عج الله تعالى فرجه الشريف).
والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاته
عليرضا الأعرافي
شهر فرورديـن 1391 الشـمسيـة