أقامت حوزة الرسول الأكرم (ص) التابعة لجامعة المصطفى (ص) العالميّة في لبنان صباح الأربعاء في ١٤/٢/٢٠٢٤ ندوة علميّة في كتاب "التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان ١٨٤٠_١٩٢٠"، حاضر فيها كاتبه ومؤلفه الأستاذ الدكتور غسان طه، مبينًا موضوع الكتاب وأهميته وتجربته في تأليفه، ومستعرضًا ومحللًا للمحطات التاريخية للشيعة في لبنان من ١٨٤٠ إلى ١٩٢٠م.
وقد أشار المحاضر إلى أنّ كلمة "شيعة" لها مدلولات متعددة: الشيعة الاتباع، والرافضة وهو ما اطلقتها عليهم السلطات السياسية، والمتاولة وهو مصطلح استخدم في لبنان في جبل عامل وكسروان. ثمّ بين الفرق بين الرافضة والمتاولة، فالرافضة أطلق عليهم من أعداء هذا المذهب. وأما مصطلح المتاولة فقد استخدم من الشيعة أنفسهم في المراحل الحرجة من حياتهم السياسية؛ وهو يعني (مت وليًا لعلي)، وهو نفسه مستخدم من السلطات العثمانية.
وفي العام ١٨٤٠ نتيجة الأحداث بين الدروز والموارنة، قُسم لبنان إلى منطقتين؛ لكل طائفة منهما مستشار وقاضي، إلا الشيعة لم يكن لهم دور! كان جبل لبنان في تلك الأيام غالبًا عليه التشيع، فطرابلس مثلًا كان حكامها شيعة بني عمّار... وفي القرن الثامن عشر طرد الشيعة منها! ومن هنا بيّن المحاضر دوافعه لدراسة واقع الشيعة في هذه المرحلة الزمانية بالتحديد. وأشار المحاضر إلى أنّ الدول الأوربية هي التي أنشأت نظام المتصرفية، وعمدت إلى حماية الطوائف في لبنان؛ حيث كانت كل طائفة لها علاقة خارجية إلا الطائفة الشيعية! وبالمعنى الاجتماعي هذه الحماية لها مفاعيل ومستلزمات؛ كإنشاء المدارس والجامعات، ومنها الجامعة اليسوعية، وشق الطرقات وتأهيل المناطق... أما بقايا مناطق الشيعة في الجبل وخارجه فبقيت مهمشة!
وفي العام ١٩٢٠م سبق خروج العثمانين بروز المقاومة الشيعية؛ تحديدًا الشيعة هم الذين قاوموا الاحتلال الفرنسي، مثلاً في بعلبك الهرمل؛ ظهرت شخصيات مقاومة؛ كأدهم خنجر... كان لها تأثيرها في مقاومة الاحتلال.
وفي الجانب السياسي للبنان؛ فإن البلد الماروني انتهى من الحكم العثماني الإسلامي! ثم تطرق المحاضر لمؤتمر وادي الحجير الذي شاركت فيه شخصيات شيعية مؤثرة وفاعلة آنذاك في الحياة السياسية؛كالسيد عبد الحسين شرف الدين، وكامل الأسعد...
وكذلك لمشروع دولة لبنان الكبير؛ فأشار إلى أن بعض الشيعة طالبوا باستقلال ذاتي لجبل عامل، ولكن ضمن المنطقة السورية وذلك في العام ١٩٢٠م، لكنّ الأغلب منهم أيد انضمام المناطق لجبل لبنان، ولم يطالبوا بدولة شيعية وبالخلاصة لم يكن للشيعة آنذاك مشروع خاص ضمن الدولة العثمانية، ومن طلب انضمام المناطق هو بدافع الشعور بالتهديد الوجودي! هذا الخوف الديمغرافي الذي عاشه الشيعة وعاشته الطوائف الأخرى، كالمسيحية، حتى جاء إيميل إدة واقترح اقتراحات على المستوى الشيعي كانت ضمن المشروع العام لدولة لبنان الكبير، فلم يكن للشيعة مطلب دولة مستقلة.
وفي الختام أشار المحاضر إلى بعض الأبحاث التي يمكن أن يُشتغل عليها حاليًا؛ كتحديد بدايات التشكل الشيعي في الحقبة الأموية، والعباسية، والصليبية، وبعدها في عهد المماليك، والعثمانين، ثم بعد العام ١٩٢٠م، ومرحلة الاستقلال، وفي مرحلة الحرب الأهلية...