بسم الله الرحمن الرحيم
البحث والتحقيق ثمرة التعلّم النافع، وهو إنّما يتحقّق في ميدان التعقّل والتفكّر والتدبّر. مثل هذا البحث ينظّم عمل الإنسان وسلوكه الفرديّ والاجتماعيّ بالنحو الذي يضمن له سعادته الحقيقيّة. ثمّ إنّ الإسلام بصفته فلسفةً ونمطًا إلهيًّا للعيش يعلّمنا أنّ كلّ عملٍ يخلو من العلم والبرهان والتفكّر والتعقّل إنّما يدور مدار الظنون التي لا توصل إلى أيّ نتيجة.
وانطلاقًا من كون جامعة المصطفى (ص) العالميّة مركزًا علميًّا يحمل رسالة تربية العلماء المفكّرين والباحثين والملبّين لاحتياجات الإنسان المعاصر، فقد وضعت هذه الجامعة تعليمها وتربيتها في إطار تأمين الاحتياجات الفكرية لهذا الإنسان المعاصر، ومن هنا فهي تؤكّد على عناصر من قبيل التفكّر والتعقّل بعلمٍ وحكمة، وتستفيد من جميع العناصر الفاعلة في سبيل تطوير مناهجها وطرقها العلميّة، حتى تقدّم النظريّات العلميّة في مختلف ميادين الحياة على أساس المعايير المعقولة والمقبولة، ولكي تبني مراكز يمكن الاعتماد عليها لتقديم النماذج العلميّة لحلّ مشكلات البشر ومعضلاتهم الماديّة والمعنويّة.
وعلى أساس الرسالات والمهامّ الملقاة على عاتقها، فقد اعتبرت جامعة المصطفى (ص) العالميَّة الأهداف البحثية واجبًا وتكليفًا التزمت به على امتداد أربعة عقود من نشاطها الذي أثمر كذلك -وبهمّة الباحثين الأعزّاء- نتائج قيّمة طوال هذه المدّة.
إنّ أسبوع البحث والتحقيق يشكّل فرصة للانطلاق برؤية "مخطّط المصطفى العلمي في ميدان البحوث"، حتى تُوضع رسالات المصطفى وتكاليفها في ميزان التقييم لكي يُحدّد مستوى النجاح أو عدمه على أساس الفرص، التهديدات، القدرات، والتحدّيات، وحتى توضع الخطط والبرامج اللازمة والضروريّة في سبيل الوصول إلى الأهداف المحدّدة.
ولمّا كان ميدان البحث والتحقيق ميدانًا للأفكار الجديدة والسديدة والمتقنة في الوقت نفسه، فلا بدّ من أن تتضمّن برامج القيّمين في مجال البحوث في المصطفى أطروحاتٍ أعمّ من "ما ينبغي وما لا ينبغي"، أو حتى "ما يُحتمل وما لا يُحتمل"، ومن ثمّ تُقدَّم في قالب "طرق دعم عمليّة البحث وإزاحة الموانع والعقبات من طريقها".
في الختام، ومع التبريك بأسبوع البحث والتحقيق، أرى من اللازم عليّ أن أتقدّم إلى أصحاب البحث والتحقيق في المصطفى، سواء الباحثين الأعزّاء أو المدراء المحترمين أو العاملين الكرام؛ أتقدّم إليهم بجزيل الشكر والامتنان على جهودهم القيّمة في هذا المجال.