بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك لطلّاب جامعة المصطفى (ص) العالميّة الأكارم في إيران والعالم أجمع حلول العام الدراسيّ الجديد، وأعزّيهم في الوقت نفسه بذكرى واقعة الطفّ الّتي استشهد فيها أبو الأحرار الإمام الحسين (ع) مع جمعٍ من آل بيته وأصحابه الأوفياء عليهم السلام. وأتوّجه بالشكر الوافر إلى الزملاء العاملين من مدراء وموظّفين وأساتذةٍ، وإلى إخوتي وأبنائي الطلبة، سائلًا الله – عزّ وجلّ – لهم كلّ التوفيق والنجاح في عامهم الدراسيّ الجديد.
ها هي جامعة المصطفى (ص).. حوزةٌ دوليّةٌ رياديّة تحثّ السير إلى الأمام قُدُمًا.. وكأنّها شجرةٌ مثمرةٌ عاليةٌ تمتدّ غصونها وتتشابك في الأفق.. وإنّنا إذ نحمد الله – تبارك وتعالى – على هذه النعمة الكبيرة، ندرج فيما يلي ملحوظاتنا؛ عسى أن تسهم في نموّ العمليّة العلميّة وتسريع وتيرتها:
1- أنّ معرفة نقاط الضعف وإعادة النظر بأساليب العلاج وتقويمها وإصلاحها شروطٌ أساسيّةٌ للتقدّم في أيّ حركةٍ كبيرةٍ، ولا ينبغي لجامعة المصطفى أن تقنع بالوضع الموجود، وتغض الطرف عن التحدّيات والصعاب الّتي تواجهها. بل يجب أن تكون لها نظرةٌ شموليّةٌ دقيقةٌ تعيد من خلالها بناء نفسها، لترسم آفاقًا مشرقةً أرحب، فتحدث تغييراتٍ أساسيّةً وتبدع في كلّ مجالات الإبداع، وتعيد هيكلة برامجها وأولويّاتها، وتنفّذ خططها بكلّ إحكامٍ.
2- التحلّي بالصبر في الظروف الخاصّة والصعبة ضرورةٌ قصوى في مختلف مستويات العمل، ويتمخّض الصبر عن الريادة في التغلّب على الصعاب، وعن بلوغ القمم العالية، فيجدر بجامعة المصطفى (ص) أن تحثّ السير على طريقها المرسوم لها صوب أهدافها الإلهيّة والإيمانيّة والإنسانيّة العالية، ويجب أن تحظى بالقدرة على التجدّد الفكريّ والإبداع والخلّاقيّة؛ لتتمكّن من سوق البشريّة صوب أهدافها العظيمة. كما ويجب أن تتحلّى بالمقاومة الفذّة والمرونة الحكيمة في كلّ الظروف، وأن لا تقصّر في أداء ما أنيط بها من مهامّ جسامٍ في أيّ ظرفٍ من الظروف.
3- إنّ المشاركة والتآلف والتعاضد بين كلّ عناصر هذه الجامعة الموقّرة، والتعامل الحسن وروح التعاون بين المدراء والموظّفين والأساتذة والطلّاب في إيران وخارجها عناصر مهمّةٌ نتوقّع من الجميع الاهتمام بها، وهذا إنّما يكون بالإستناد على ركائز مستحكمةٍ كالمعرفة والإخلاص والإيثار والعلم والأخلاق الإلهيّة والإسلاميّة والقرآنيّة الحقّة.
4- أدعو كلّ الأساتذة الأكارم والطلّاب الأعزّاء والأقسام العلميّة وغيرها إلى تقوية الأسس العلميّة والإفادة من السنن الحسنة الأصيلة للحوزة العلميّة، ومن التقنيّات والأجهزة الحديثة في تعميق الفهم، وتحسين جودة الأداء والنتاج، وكذا أؤكّد على الاهتمام بتقوية البرامج الخاصّة بالمبدعين والممتازين وذوي النتاجات الّتي تساهم في حلّ مشاكل العالم المعاصر.
5- إنّ منطق جامعة المصطفى (ص) العالميّة هو منطق العقل والحكمة والمعرفة الّتي توجّه بوصلة حياة الإنسان والعالم المعاصر وتنقذه من السير في الظلمات، ونحن في هذا الصدد ملتزمون بحوار الأديان والثقافات، وبالتواصل والتعاطف بين المذاهب الإسلاميّة على مبدإ الهويّة الإلهيّة والإسلاميّة الواحدة والفكر الحضاريّ الإسلاميّ، ونرفض كلّ أشكال فرض العقائد على الغير، والنزاعات الطائفيّة، والتكفير، والتطرّف الدينيّ والمذهبيّ، ونرتّب نظامنا المعرفيّ والأخلاقيّ والسلوكيّ وفق مبادئ الثورة الإسلاميّة العظيمة.
6- لدينا على المدى البعيد تصوّرٌ كافٍ عن المرجعيّة العلميّة والمعرفيّة للجامعة، وهذا الصدد تبرز أهمّيّة الأصول التالية:
أ- زيادة الإنتاج الفكريّ، وتوسيع مديّات التنظير، والرقيّ بالبحوث على مختلف الأصعدة، خصوصًا في الرسائل والأطاريح الجامعيّة والمقالات والمجلّات والمؤلّفات المختلفة.
ب- تعميق النظام التعليميّ والأقسام العلميّة وتوسيعهما على أساس خطّةٍ تعليميّةٍ جديدةٍ، وتقوية الدراسات التكميليّة والتخصّصيّة في المجالات العمليّة، وفي الدورات القصيرة والمجازيّة، على نمط الشبكات الاجتماعيّة والثقافيّة.
جـ- الاهتمام المتزايد بالنموّ الشامل للشخصيّة، والارتقاء بالباحثين معنويًّا وأخلاقيًّا على أساس النظام التربويّ الشامل والقيم العظيمة للحوزة العلميّة الّتي تتناسب مع احتياجات العالم المعاصر.
د- توسيع العلاقات بالأديان والمذاهب والثقافات والمؤسّسات الثقافيّة والعلميّة الأخرى، مع التأكيد على الدور الفعّال والبنّاء لجامعة المصطفى، والحضور المدروس للطلّاب في الحوارات العلميّة والثقافيّة في العالم، مع الإفادة من كلّ النظريّات والتقنيّات الحديثة في نشر المعارف الإلهيّة في العالم.
هـ- تقوية الأبعاد الدوليّة لجامعة المصطفى (ص)، ومساعدة الحوزات العلميّة والمؤسّسات الحوزويّة على الارتقاء بالبعد العالميّ للحوازات العلميّة، ومواكبة المؤسّسات العلميّة في إيران والعالم، مع تقوية الأسس الإسلاميّة وترسيخ الهويّة الحوزويّة الراقية في كلّ أركان جامعة المصطفى، مع الاعتناء بالتوجيهات السديدة للمراجع العظام، خصوصًا ما تركه لنا الإمام الخمينيّ الراحل (قدّس سرّه) من إرثٍ فكريٍّ، وما صدر ويصدر عن خلفه قائد الثورة الإسلاميّة (حفظه الله).
وفي الختام، أتقدّم بالشكر مجدّدًا إلى الأساتذة الأكارم والمدراء والموظّفين وأبنائي وإخواني الطلبة الأعزّاء، راجيًا لهم عامًا دراسيًّا حافلًا بالنجاح والموفّقيّة، ومعتذرًا منهم عن أيّ قصورٍ، وداعيًا الله أن ينصر الإسلام ويعزّ المسلمين والموحّدين والمستضعفين، إنّه سميعٌ مجيبٌ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
علي رضا أعرافي
رئيس جامعة المصطفى(ص) العالمية
محرم الحرام 1440