بحضورِ حشدٍ من العلماء والمثقّفين، أقامت جامعة المصطفى (ص) العالميّة في لبنان مؤتمراً علميّاً تحت عنوان "مؤتمر الإمام الحسين (ع)- نهضة حياة وإحياء دين" افتتحه ممثّل المصطفى (ص) في لبنان سماحة الشيخ الدكتور علي رضا بي نياز، مقدّماً آيات التبريك والتهاني بذكرى ولادة الصدّيقة الكبرى (ع)، ومناسبة ولادة الإمام الخميني (قده)، شاكراً المجتمعين جليل حضورهم، وجميل مشاركتهم، منوّهاً إلى ظروف انعقادِ المؤتمر، عارضاً خلال كلمته موجز حركة الإمام الحسين (ع) ومبادئها وأهدافها، معلناً بداية أعمال المؤتمر بمحاوره المختلفة.
المحور الأوّل:
رئيس الجلسة: معاون البحوث في المصطفى (ص) سماحة السيّد حسين إبراهيم
بعد بيان الافتتاح الرسمي، بدأت جلسة المؤتمر الأولى التي حملت عنوان: "الإمام الحسين (ع) وشهادته –مقاربات وجوديّة–" حيث حاضر عميد كليّة الأديان والعلوم الإنسانيّة في جامعة المعارف الأستاذ الدكتور هادي فضل الله في مقالٍ حول "الإمام الحسين (ع) - أنموذج الإنسان الكامل والتجربة الدينيّة الكاملة"، متناولاً في دراسته عمق الفكر الذي حمله الإمام (ع) وعظمة الدّور الذي أدّاه، وسموّ الموقف الذي واجه فيه الظلم والاستبداد، معرجاً على سمات الإنسان الرسالي الكامل، التي تميّز بها سيّد الشهداء (ع)، وتجاوز حدّها في الكثير من الخصائص.
وحول "فلسفة حركة الإمام الحسين (ع) والبعد الفطري فيها" حاضر معاون عميد كليّة الأديان والعلوم الإنسانيّة في جامعة المعارف الدكتور كمال لزّيق، الذي بيّن تمايز الثورة الحسينيّة عن غيرها من الثورات الإنسانيّة، ورائديّتها في البُعد الإلهي، والأخروي، إلى جانب البُعد الجماعي منها، مظهراً تمايزها في بُعدها الفِطري بما فيه من محرّكية في دعوة الإنسان إلى الثورة ضدّ الظلم والطغيان.
وتحت عنوان "شهداء كربلاء – إشكالية الحياة بين الموت والقتل في سبيل الله" حاضر أستاذ السطوح العليا في جامعة المصطفى (ص) العالميّة سماحة الشيخ الدكتور أكرم بركات، الذي تناول حيثيّة الحياة في مفهومِ الشهادة، مبيّناً أقسامَ الشهادة والشهود، وعارضاً أوجه الاستخدام في النّصوص، شارحاً تلك الحياة البرزخيّة التي تمايز بها الشهداء عن سواهم، فكانوا متلبّسين بالحياة بأعلى رتبها الوجوديّة.
واختتم الأستاذ في ممثّليّة المصطفى (ص) الشيخ لبنان الزين المحور الأوّل من المؤتمر بمحاضرة حول "البُعد الوجودي في زيارة المعصوم (ع)" لجهة الكشف عن الحقيقة الوجوديّة الكامنة في فعل الزيارة بما هو فعل زماني ومكاني له صورته الظاهريّة من أنماط قوليّة وممارسات عمليّة، وبما هو شعيرة عباديّة تشريعيّة تتّكىء على حقيقة تكوينيّة وجوديّة ينشدها الزائر وينجذب إليها بتكوينه الفطريّ والوجوديّ.
المحور الثاني:
رئيس الجلسة: مدير ديوان اللجان في المصطفى (ص) سماحة الشيخ حسن الهادي
تحت عنوان: "كربلاء –من الفهم الثقافي إلى أداء الشعائر–" كانت الجلسة الثانية التي عرض في بدايتها رئيس لجنة القرآن والحديث في جامعة المصطفى (ص) العالميّة سماحة الشيخ محمّد زراقط عنوان "الألم الخلاصيّ" متناولاً رؤية محمود أيوب إلى التراث المروي عن عاشوراء، ، متدرّجاً –بعد شرحِ النظريّة- في نقدِ المقال، مبيّناً أوجه التفاوت بين النظريّة المسيحيّة، وبين واقعة عاشوراء وشخصِ الإمام الحسين (ع).
وحول "إشكاليّة الثأر بين الحسين (ع) والمهدي (عج) " حاضر الأستاذ في الجامعة اللبنانيّة وجامعة المعارف سماحة الشيخ الدكتور محمّد شقير معالجاً معنى الثّأر الوارد في النّصوص، شارحاً حقيقته وفلسفته، معرّجاً على أسبابه ومبرّراته، منوّهاً إلى كيفيّة طرح القضيّة دون استغلالها من قِبل مروّجي الفتن والنزعات المذهبيّة.
كما حاضر بعدها الأستاذ في ممثّليّة المصطفى (ص) العالميّة الشيخ سامر عجمي حول "حقيقة بكاء النبي (ص) على الإمام الحسين (ع)" متناولاً البكاء المحمدي بين بعده البشري والوحياني، معرّجاً على أهداف ذلك البكاء، ورائديّة الدمعة في غرضها النهضوي ضدّ كل ألوان الظلم والطغيان.
ليختم بعدها الأستاذ في ممثّليّة المصطفى (ص) العالميّة الشيخ غسان الأسعد المحور الثاني بمحاضرة حول "أداء الشعائر الحسينيّة في الواقع المعاصر – بين الطقوسيّة والإصلاح والنهوض" عارضاً تطوّر الإحياء العاشورائي والأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال ذلك الإحياء، ومشيراً إلى مصطلح الطقوس والشعائر، مؤكّداً لزوم توافقها وانسجامها مع هذه الأهدف التي رسمها الإمام (ع) في ثورته.
المحور الثالث (الجلسة الأولى):
رئيس الجلسة: عميد كليّة الدراسات في الجامعة الإسلاميّة الدكتور فرح موسى
بعد استراحة أداء الصلاة وتناول طعام الغداء، استكمل المؤتمر أعماله بالقسم الأوّل من محوره الثالث الذي تصدّره عنوان: "ثورة الإمام الحسين (ع): من التأسيس النظري إلى الإصلاح والتغيير" فكان الكلام للأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور يوسف طباجة الذي قدّم بحثاً حول "منهج ثورة الإمام الحسين (ع) – الإصلاح والتغيير الاجتماعيّان"، سلّط من خلاله الضوء على ستّة مفاهيم دار في فلكها البحث، وكان الكلام حولها، وهي: المنهج، الثورة، الإمام الحسين، الإصلاح، التغيير، والمجتمع.
كما تناول الأستاذ في المصطفى (ص) سماحة الشيخ الأسعد بن علي قيدارة مقالاً حول "قيام الإمام الحسين (ع) وفقه الثورة" مقارباً نظريّة الثورة في الفكر الإسلامي، طارحاً السؤال حول الثورة ومعالم النظريّة الثورية، متحدّثاً بعدها عن فقه الرسالة والثورة، مبيّناً أصول الثورة الحسينيّة، وعظمتها في استمرارها الزماني طيلة أربعة عشر قرناً.
وفي محاولة لاستكشاف السنن القرآنيّة التي انعكست على الثورة الحسينيّة، اختتمَ الأستاذ في المصطفى الشيخ حسين السبلاني المحور الثالث بمحاضرة حول "حركة الإمام الحسين (ع) – في سياق سنن التغيير في القرآن" عرض خلالها عدداً من السنن التاريخيّة القرآنيّة رابطاً إيّاها بحركة الإمام الحسين (ع) ضد الظلم والظالمين بما حملته من مفهومِ "إعادة الحياة" إلى أمّة الإسلام.
المحور الثالث (الجلسة الثانية):
رئيس الجلسة: المعاون التربوي في المصطفى (ص) سماحة الشيخ أمين ترمس
تحت عنوان: "ثورة الإمام الحسين (ع): من التأسيس النظري إلى الإصلاح والتغيير" كانت الجلسة الثانية من المحور الثالث حيث حاضر فيها الباحث والمحقّق الإسلامي والأستاذ في الحوزة العلميّة سماحة الشيخ كاظم ياسين، متناولاً في دراسته "البعد الإداري للثورة الحسينيّة – إدارة المواجهة والتحدّيات والفرص والتهديدات"، متحدّثاً خلالها عن الموقف الحسيني بعد استلامِ الإمامة، وأشكال المعارضة التي واجه بها الإمام الثالث (ع) معاوية ومن بعده يزيد، معدّداً الخيارات التي كانت مطروحة أمام سيّد الشهداء (ع)، معرّجاً على الموقف الذي تبنّاه بعدها في سبيل استنهاضِ الأمّة.
وفي قراءة "للخطاب الحسينيّ وأثره في تغيير واقع الأمّة" كان الكلام مع الباحث الإسلامي سماحة الشيخ الدكتور عبد القادر ترننّي، حيث أجاب عن سؤالٍ مطروح في كيفيّة قراءة الحسين (ع)، مطبّقاً في دراسته النص القرآني في سبيل فهم أبعاده وقيمه، وحثّه الخلق على اتباع سبل الهدى، وعدم الجنوح إلى غيرهم من الناس الذين قدّمتهم الخلائق ظلماً وعدواناً.
وفي خصوص "الخطاب السياسي لأنصار الإمام الحسين (ع)" حاضرَ رئيس لجنة الفلسفة والكلام سماحة السيّد علي الموسوي، الذي شرَح عنصراً متميّزاً في الظاهرة الحسينيّة، وهو الذي تمثّل بأنصار الإمام من جهة ثباتهم، ووضوح رؤيتهم، ونضجهم في التعامل مع الأحداث، كما عرض لمجموعة من الكلمات التي احتوتها المصادر التاريخية في خطبهم، ورسائلهم، وأراجيزهم، مبلوراً معالم خطابهم السياسي في تلك المرحلة.
واختتم المحور بمقالٍ حول "ثبات الموقف وإرادة التغيير في كربلاء" قدّمه الباحث والأستاذ في الحوزة العلميّة سماحة الشيخ خليل رزق هادفاً نقل تجربة كربلاء إلى الحاضر، بغية الاستفادة منها على مستوى الوعي والإدراك لقيمة الموقف والصدق والإخلاص الذي ينبغي أن يتحلّى بهم الإنسان الرسالي، عارضاً جملةً من الأمراض والذنوب التي ابتليَت بها الأمّة يومها، مشدّداً لزوم اجتنابها اليوم بغية صيانة الأنفس من السقوط.
وفي الختام تلا مدير المؤتمر ومعاون البحوث في ممثّلية المصطفى (ص) العالميّة في لبنان سماحة السيّد حسين إبراهيم بيان المؤتمر الختامي، عارضاً أهمّ ما جاء، وأبرز ما سُجّل من نقاط، ليتمّ بعدها تقديم الهدايا والدروع الخاصّة بالمشاركين في المؤتمر.