بسم الله الرحمن الرحيم
﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (سورة البقرة: الآية 142)
مفردات الآية:
السفه: خفة في البدن وهو كثرة الاضطراب وعدم الاستقرار، واستعمل في خفة النفس لنقصان العقل والعجز عن اتّخاذ الموقف المناسب. التولية: الإعراض والترك. القبلة: هي ما يستقبله الإنسان ويتوجّه إليه في صلاته أو عمله. وبقية مفردات الآية واضحة.
المعنى الإجمالي للآية:
تتحدث هذه الآية عن قضية الاستقبال في الصلاة وتعرض مع عدد آخر من الآية قصة تغيير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة. وتبين هذه الآية بالتحديد الصعوبات التي كانت تواجه النبيّ (صلى الله عليه وآله) عند إعلانه بعض التشريعات التي كانت يُطالب بإعلانها. وخاصّة تلك التشريعات التي كان لها طابع اجتماعيٌّ وكان فيها بعض التحدّي لمصالح بعض الناس المادية أو المعنوية.
تأمّلات وتعاليم مستفادة من الآية:
1- التغيير الاجتماعيّ والإصلاح الديني لا يتمّ من دون معارضة حتى لو كان أمرا قد يبدو بسيطًا وهو التوجّه إلى جهة محددة في الصلاة.
2- معارضة الحقّ دون مبرّر معقول دليلٌ على السفه وخفّة العقل.
3- كما أنّ السفيه لا يحقّ له إدارة أمواله كذلك لا يحقّ له طرح آرائه الاجتماعية والدينية.
4- تمسّك بعض الناس بالشكليّات من العقبات الأساسية التي تواجه عملية الإصلاح في أيّ مجتمع.
5- تبليغ الدين ونشره ليس نزهة بل هو أمرٌ دونه الكثير من التضحيات ولا يتحقّق الإصلاح دون أن يواجه معارضة من أصحاب المصالح مهما كان حجمها.
6- ليس المهم هو الجهة التي تتوجّه فالسماوات والأرض كلّها لله والهداية بيده تعالى.
7- لا ينبغي تجاهل الإشكالات والشبهات التي تطرح حتى لو كان صاحبها سفيها أو جاهلا.
إشارة تربويّة:
مهمة الأنبياء صعبة ومعقّدة ودونها عقبات كثيرة وما على من يتحمّل هذه المسؤولية من الله إلا الصبر والإصرار، وكذلك من يحمّل نفسه هذه المهمة بحمل رسالة الأنبياء على عاتقه. والأساس عند الله ليس هو الجهة التي يوجّه الإنسان وجهه إليها، بل الأساس هو الجهة التي يتوجّه إليها القلب. فهذا القلب لا يهتدي إلا إذا توجّه إلى الله تعالى للاهتداء بهديه. وإذا توجّهت بوصلة القلب إلى قطب الوجود ومحوره وهو الله عندها لا فرق بين شرق وغرب فكل الجهات مملوكة له سبحانه.
سماحة الشيخ محمد زراقط. \ ٣ جمادى الأولى ١٤٤٢ للهجرة.\ ١٨-١٢-٢٠٢٠
* موعظة تربويّة أسبوعيّة لطلاب الحوزة الأعزاء
* موعظة تربويّة أسبوعيّة لطلاب الحوزة الأعزاء