بسم الله الرّحمن الرّحيم
﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ سورة الأنعام: الآية 12.
مفردات الآية:
كتب: فرض أو ألزم نفسه وذاته المقدّسة بالرحمة. خسروا أنفسهم يُحتمل فيها معنيان الفقدان وإدخال الخسارة والضرر على النفس.
المعنى الإجمالي للآية:
تأمّلات وتعاليم مستفادة من الآية:
1- يوم القيامة ليس يومًا للانتقام الإلهيّ من الخاطئين؛ بل هو من تجليات الرحمة ومظاهرها. إذا أردت أن تعاقب أو تعاتب فلا تفعل ذلك بروحية الانتقام والتشفّي.
2- كتب الله على نفسه الرحمة بجميع الخلق من أهل السماوات والأرض. وليكن الله مثالًا لك ونموذجًا تحتذيه وكن مجرًى وقناة من قنوات رحمته، حتى إذا أراد الله أن يعذّب بك أحد خلقه.
3- الحقّ والحقيقة لا تتوقّف على اعترافنا بها، فسواء اعترفنا أم لم نعترف سيظهر الحقّ للعيان. قل لمن...؟ قل: لله...
4- كل ما في السماوات وما في الأرض مملوك لله تعالى. فتواضع أيها الإنسان فلست المالك لما هو بين يديك، وتصرّف مع الآخرين والأشياء بحذر فأنت تتصرّف في أملاك غيرك أي الله تعالى.
5- قد يختلف الإنسان مع غيره وقد يكابر وينكر وقد وقد... ولكن الموعد مضروبٌ بيننا وبين الله تعالى سوف يجمعنا في يوم القيامة ويظهر ما في نفوسنا وسرائرنا.
إشارة تربوية:
في الآية الشريفة إشارات تربوية متعددة ما يمكن الإشارة إليه في هذه العجالة اثنتان هما:
أ- في تعليمنا للآخرين عندنا طريقتان أن نلقي عليهم معلوماتنا وما نعرفه، وأن نستخرج ما هو مكنونٌ في نفوسهم ويبدو أن الطريقة الثانية في التعليم هي الأكثر تأثيرًا فاطرح على مخاطبك الأسئلة لتترك له فرصة اكتشاف الجواب بنفسه، وعند عجزه أو خطإه في بيان الجواب تولَّ الأمر بنفسك وقدّم له الجواب.
ب- النقطة التربوية الثانية مبنية على الاحتمالين الواردين في الخسران. فقد يربح الإنسان في الدنيا بمخالفته للتعاليم الإلهية مالا وقد ينال منصبا وقد يحظى بفرصة و... ولكنّ هذا الربح ليس ربحًا حقيقة وإنما هو إدخال للخسارة والضرر على النفس وهو ربح موهومٌ. وعلى المعنى الثاني وهو أخطر أنّ الإنسان قد يظنّ أنّه ربح وربّما لا ترفض الآية أنّه ربحٌ فمن يربح مالًا لا يمكن أن نقول له: أنت لم تربح! فأمواله زادت وموقعه الاجتماعي تحسّن و... ولكن الله عز وجلّ في هذه الآية يلفت النظر إلى أنّه قد يكون ربح فعلا؛ ولكنّه خسر شيئا أهم وهو النفس. وماذا يربح من خسر نفسه؟! وقانا الله الخسران بمعانيه كلها.
سماحة الشيخ محمّد زراقط. \ ١١-١٢-٢٠٢٠م
* موعظة تربويّة أسبوعيّة لطلاب الحوزة الأعزاء