إنّ علينا إلا نفترق عن القرآن، بل يجب أن نعيش معه ونأنس به على الدوام، وإن أحد المعايير لهذه المعايشة هو أن نداوم على قراءة خمسين آية من القرآن كل يوم على الأقل كما جاء في الروايات، فإن لم نستطيع فلنقم بتلاوة عشر آيات، وذلك بالطبع غير ما نتلوه أو نسمعه من إمام الجماعة في الصلاة في سورتي الحمد والإخلاص مثلاً وسواهما مما نقرأه عادة في الفرائض والنوافل.
إنّ من شأن المؤمن أن يفتح القرآن الكريم كل يوم يشغف وحضور قلبي، ويقرأ ما تيسر منه، سواء أكان ذلك عشر آيات أو عشرين أو خمسين أو مائة آية، مع عدم إهمال التدبر والفهم وتوخي الفائدة.
التلاوة الحقة أن نقرأ القرآن كخطاب مباشر لنا
إنّ البعض يقرأون القرآن كثيراً ولكن بلاد تدبر أو تأمل، إلا أن هذا النوع من التلاوة يكاد ألا يكون شيئاً مذكوراً مع كل مافيه من الفائدة.
لقد كنت أرى سابقاً أن تلاوة من هذا القبيل لا أثر لها على الإطلاق، ولكنني غيرت رأيي بعد إعادة النظر في هذه المسألة.
وهناك البعض الآخر ـ كأمثالنا ـ ممن يتلو القرآن بحثاً عن موضوع يطرحه على المنبر أو يؤسس عليه خطبة أو فكرة يقدمها في المحافل والندوات، وهذا أمر لا غبار عليه، مع أنه ليس النوع المطلوب.
إنّ التلاوة الحقة هي أن نقرأ القرآن وكأننا نستمع إليه من الله سبحانه وتعالى، وكأننا مخاطبين مباشرة بهذه الآيات الكريمة منه جل شأنه، أو كأن خطاباً وصلنا من أحد الأعزاء أو أحد العظماء.
إننا نبادر عادة بفتح الرسالة وقرائتها، فلماذا نقرأها؟
لكي نعرف ما فيها. فهكذا يتوجب علينا أن نتلوا القرآن الكريم، إنه رسالة وصلت إلينا من الله تعالى بوسيلة أعظم الخلق طرًّا صدقاً وأمانة وإخلاصاً، فعلينا أن نعقلها ونستفيد منها. ولهذا فقد ورد في الروايات أنه لا ينبغي لنا أن نقرأ السورة القرآنية منتظرين بلوغ نهايتها بفارغ الصبر، بل المطلوب هو أن نعقل القرآن ونتدبره حتى ولو لم نبلغ آخر السورة أو الجزء أو الحزب مكتفين بالوصول الى وسطه أو قراءة ما تيسر لنا من آياته.
فهكذا ينبغي لنا أن نقرأ القرآن الكريم لأننا إذا شعرنا بحلاوته فلن نفارقه أبداً ولن نهجره على الإطلاق.
كلمة الإمام الخامنئي (دام حفظه) في كبار المقرئين والأساتذة وحفظة القرآن الكريم.
الزمان: 22/6/1386هـ. ش ـ 1/9/1428هـ.ق ـ 13/9/2007م.