لا يمكن للمؤمن سلوك طريق تهذيب النفس من دون التعرف على المنهج والمسلك الصحيح الذي يساعده على ذلك. فمعرفة الطريق شرط أساسي، ومن دونها يستحيل تحقيق الغاية المتوخاة. وإذا كان شهر رمضان هو البيئة الأنسب والأخصب للشروع في عملية التهذيب واستكمالها على مر الشهور التالية، فما هو المصدر الأساس الذي ينبغي الاعتماد عليه لمعرفة الطريق؟
والجواب على هذا السؤال يحمله نفس شهر رمضان المبارك الذي كان مناسبة لنزول أعظم وأقدس كتاب للبشرية جمعاء، وهو القرآن الكريم. فقد جعل الله عز وجل القرآن الكريم هو الفرقان بين الحق والباطل، وبه تتميز الحقائق، وعلى هديه لابد أن نسير، ووفق معطياته لابد أن تنتهج النفس منهجها، فلقد ظهرت العديد من الفرق التي تدعي أنها توصل الإنسان إلى بناء النفس والذات والسمو النفسي وما شابه ذلك، ولكن ما الذي يميز صحة هذا عن ذلك؟
القرآن الكريم يقوم بهذا الدور، لأنه الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل، وعبر بصائره يمكن تمييز الأفكار، صحيحها من سقيمها، يقول تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)[1].
القرآن الكريم هو الفرقان، وهو ربيع قلب الإنسان، وربيع القرآن شهر رمضان المبارك، كما عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لكل شيىء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان)[2].
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب)[3].
فشهر رمضان المبارك يمثل القمة للاستفادة من القرآن الكريم، وهذا الأمر يدعم ما نريد الوصول إليه وهو التسديد، كمقدمات للإنجاز الحقيقي والصائب، ومن خلال آيات القرآن الكريم يمكن أن نستكشف السبل التي تساعدنا في تحقيق ما نريد، دون أن يداخلنا الشك في عجز تلك السبل، لأنها من كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
* المصدر: شهر رمضان شهر الإنجاز - بتصرف
[1] سورة البقرة، آية 185.
[2] الأصول من الكافي، ج 2، ص 631.
[3] بحار الأنوار، ج 2، ص36.