قيل إن الثقل الوارد في قوله سبحانه ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ 1 يعني أنه كلام إلهي مأخوذ من ساحة العظمة والكبرياء ولا يمكن أن تتلقاه إلا نفس طاهرة، وقيل إنه ثقيل على الكافرين والمنافقين لما فيه من الإعجاز، كما قيل إنه باق على وجه الدهر، لأن الثقيل من شأنه أن يبقى ويثبت في مكانه.
وقد يكون الثقل فعلاً يحتمل كل هذه المعاني، لكن من أهم جوانب ثقله أنه ثقيل لا يمكن اختراقه بكلام البشر الخفيف، وبالتالي مهما تطور فكر الإنسان يبقى خفيفاً أمام القرآن، وهذا ما تشير إليه الآية في سورة فصلت من قوله تعالى:﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ 2.
وبناء على ذلك أرى بأن قوله تعالى:﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ... ﴾ 3، لا يعني فقط تكوين آيات وألفاظ موازية للقرآن وبمستواه، وإنما يشمل الإتيان بأفكار ونظريات بمستواه عميقة وقادرة على الصمود بالرغم من امتداد الزمن، وبالتالي فالفكر البشري متغير بينما المعاني القرآنية راسخة وثابتة4.
1. القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 5، الصفحة: 574.
2. القران الكريم: سورة فصلت (41)، الآية: 42، الصفحة: 481.
3. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 88، الصفحة: 291.
4. منشور في صحيفة الدار الكويتية - الشيخ فيصل العوامي