الآيتان {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7و9) وآياتٌ اُخرى مشابهةٌ تدلّ دلالةً واضحةً على الدقّة المتناهية في تحرّي الأعمال وفي المحاسبة يوم القيامة، كقوله سبحانه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 16).
و«الخردل» بذرٌ صغيرٌ جدّاً لنباتٍ معروفٍ يُضرب به المثل لصغره.
هذه التعابير القرآنيّة تدلّ على أنّ أصغر الأعمال يُحاسب عليها في تلك المحاسبة الكبرى، وهذه الآيات تحذّر أيضاً من استصغار الذنوب الصغيرة، أو التهاون في أعمال الخير والصغيرة. فما يحاسب عليه اللّه سبحانه ـ مهما كان ـ ليس بقليل الأهميّة.
لذلك قال بعض المفسّرين بأنّ هذه الآيات نزلت حين كان بعض الصحابة يتهاون في إنفاق الأموال القليلة، وكانوا يقولون: إنّ الأجر يتوقّف على إنفاق ما نحبّ، والأشياء الصغيرة لا نحبّها. وهكذا كانوا يستهينون بالذنوب الصغيرة. فنزلت الآيات وحثّتهم على فعل الخيرات مهما قلت ونهتهم عن الذنوب مهما صغرت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: تفسير الأمثل، ج20، ص381.