الحضارة السومرية:
يعد وادي الرافدين واحدًا من أخصب بقاع العالم لوفرة الماء والطمي الذي تأتي به مياه نهرية من منابعها في المناطق الجبلية. لذا قامت فيه واحدة من أعرق الحضارات الإنسانية. فقد مورست الزراعة التي أدَّت إلى الاستقرار في القرى في جنوبي الوادي في منطقة عرفت باسم سومر، حيث مارس أهلها الزراعة والصيد، وبرعوا في بناء السدود، وقنوات المياه لري أراضيهم الزراعية وحمايتها، وكان إنجازهم الأكبر في تاريخ العالم هو اختراعهم لنوع من الكتابة في حوالي عام 3500 ق.م. بدأت كتابتهم تصويرية ثم تطورت إلى شكل غير تصويري يعرف بالمسماري (الأسفيني) لأن مكونات الرموز تشبه المسامير (الأسافين)، والأخيرة ترجمة للاسم الذي أعطاها إياه الكلاسيكيون وهو كيونيفورم (الكتابة المسمارية). ومعظم ما كتبه السومريون ومن جاء بعدهم في وادي الرافدين كان على ألواح (رُقم) طينية تطبع عليها الرموز طبعًا. وقد أشارت الألواح التي وجدت إلى مستوى عال من الثقافة.
وقد استعمل السومريون الطوب المحروق لبناء القصور الفخمة والمعابد الكبيرة، وكانت لهم دياناتهم الخاصة كما أنهم عرفوا نظام الحساب. وهو العد في وحدات ستينية (كل 60 تمثل وحدة). كانت البلاد في العهد السومري مدنًا، غير متحدة، وتتصارع فيما بينها. وكان من أشهر هذه المدن أور، ونّفر، وأريدو، وأمَّا، ولاغش. وكان وادي الرافدين عرضة لغزوات وهجرات متكررة من جيرانه شرقًا وغربًا وشمالاً، ساميين وغير ساميين. وكانت أهم الهجرات هي هجرات الساميين من بلاد الشام وهم الذين عُرفوا فيما بعد بالأكَّاديين منذ نحو 3000 ق.م. كما حدثت هجرة سامية في فترة لاحقة أثمرت ظهور آشور وبابل، التي كان من أشهر ملوكها حمورابي.
الحضارة الفرعونية:
الحضارة المصرية القديمة في العصور التاريخية بدأت تنمو في وادي النيل نحو عام 3100 ق.م. وقد ازدهرت الزراعة في الوادي حيث تطرح فيضانات النيل تربة خصبة سنة بعد أخرى. ومنظر الحقل الزراعي الذي نشاهده هنا كان قد رسم على أحد القبور في القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وادي النيل. بدأت الحضارة فيه منذ عام 3100 قبل الميلاد، وكانت البلاد منقسمة إلى إقليمين، شمالي وهو الوجه البحري، وجنوبي وهو الوجه القبلي. وتم توحيدهما في نحو عام 3100 ق.م على يد ملك من الوجه القبلي اسمه نعرمر (مينا). وظلت مصر متحدة سياسيًا طوال تاريخها القديم، فيما عدا فترات ضعف كانت تتوحد مرة أخرى بعدها. وحكمتها أُسَر بلغت إحدى وثلاثين أسرة. وعرف المصريون الكتابة التصويرية الهيروغليفية، وتفرّع عنها نوع من الخط غير التصويري للحياة اليومية اسمه الهيراطيقي الذي أدى إلى الديموطيقي. وكان الخطان التصويري وغير التصويري يستخدمان معًا، كلٌّ لغرضه. وهم أول من اخترع ورق البَردي للكتابة عليه بقلم من البوص. وكانوا متدينين جدًا، فبنوا معابدهم من الحجارة، ومساكنهم من الطين أو الطوب المحروق وغير المحروق. وتميّزت دياناتهم بالإيمان بحياة بعد الموت، لذا كان حرصهم على الحياة الآخرة، ببناء القبور وتزويدها بأمتعة وأثاث لاعتقادهم أن الميت قد يحتاجه في حياته الآخرة، ولذا حنّطوا موتاهم أملاً في ألا تفنى أجسادهم في الحياة الآخرة. كما بنوا الأهرامات لتكون مدافن لهم، أو لتعلو مدافن ملوكهم وملكاتهم وسادتهم. وقد ظلّت الأهرامات معجزة هندسية ومن عجائب العالم السبع. وكانت حضارتهم راقية، فعرفوا الآداب والطب والهندسة والحساب والفن والصناعات الراقية الدقيقة. وامتد حكمهم إلى ماوراء وادي النيل، فقد حكموا في القرن الخامس عشر قبل الميلاد منطقة سوريا الكبرى، وأجزاء من السودان الشمالي، كما أدّت هذه الحضارة دورًا مهمًا في حركة التجارة العالمية وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي من آسيا وإفريقيا. في الفترة بين القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد بدأ التدهور يعتري حضارة المصريين القدماء، بسبب الغزوات التي تعرضت لها ممن عرفوا بشعوب البحر، وهم شعوب جاءت من وسط أوروبا وغزت العالم القديم برًا وبحرًا ومنه مصر التي تمكنت من صدها ثم تدهورت الأحوال ووقعت مصر تحت الحكم الأجنبي تنوعت الحضارات القديمة في معيشتها ومناطق وجودها وانتشارها وأشكال انتشارها والديانات والعروق وتحير العلماء لزمن طويل لمعرفة أقدم الحضارات البشرية الضخمة، وبعد الدراسات وطرح سؤال ما هي أول حضارة في التاريخ اتفق علماء التاريخ على أنها الحضارة السومرية القديمة.
الحضارة الهندية:
ظهرت حضارة أخرى متطورة بالهند منذ 2300ق.م. بوادي الهندوس(السند) في شمال غرب الهند وجنوب باكستان. فكما حدث في يلاد ما بين النهرين شق الهنود القنوات للري وتضاعفت المحاصبل وتكونت النظم السياسية والإجتماعية. وظهرت المدن وأهمها مدينتا موهنجو دالرو وهرابا وكانتا شوارعهما مستقيمة وبها مياه للشرب بالصنابير. وكان شعب وادي السند يستخدمون العربات المزودة بالعجلات وينتجون المجوهرات والدمي وكان لهم لغتهم المكتوبة. وكانت الهند تتبادل القطن والمنسوجات مع بلاد ما بين النهرين. وخلال عامي 1500ق.م. و1200ق.م. داهمتموجات من وسط آسيا منطقة السند ومعهم عرباتهم التي كان يجرها الخيول وخربوا المدن هناك واستقروا أخيرا بوادي نهر الجانجيز بشمال شرق الهند. وكانوا يتكلمون لغة هندو إيريانية قديمة Old Indo-Aryan وهي أقدم لغاتهم الموجودة (كالسنسكريتية). ومنذ 900ق.م. وحتي 500ق.م. قام هؤلاء المستوطنون بإنشاء المدن المستقلة (مدن ولايات ) city-states وكانت كل ولاية تحكم حكما مطلقا. وكانت القنوات للري للزراعة قد شقوها وزرعوا الأرز الذي جلبوه من جنوب شرق آسيا.
الحضارة الصينية:
في الصين قامت حضارة حوض نهر (هوانج هي) الذي يعرف بالنهر الأصفر ما بين سنتي 3000ق.م. و1600ق.م. وكان يضم مجتمعات زراعية كبيرة وكان أهلها يربون دود القز(الحرير)ويغزلون خيوطه وينسجونها . وكانوا يتاجرون في الحرير بواسطة قوافل الجمال عبر وسط آسيا. ورغم أن المجتمع الصيمي كان متقدما ام يترك الصينيون سجلات مكتوبة حتي القرن 16 ق. م.وفي عهد مملكة زهوZhou الإقطاعي بالقرن 11ق.م. بسطت نفوذها علي مناطق بشمال شرق الصين حاليا وعلي حوض نهر يانجتزي Yangtze والذي به أبكركثافة سكانية بالعالم حاليا . وكانت زوهو تستعمل الأسلحة الحديدية وشقا لبطرق وتوسعت في نظم الري. وظهرت القوانين والفلسفة الكونفوشية Confucianism في هذا العهد. وبدأت الحضارات المبكرة تنمو وتتفاعل لمدة 11قرت ما بين عامي 500ق.مز وحتي 600م. حيث اخذت الدول تتوسع لبسط نفوذها وتوسيع دائرتها كما فعل الفرس والإغريق. وخلال هذه الحقبة للإتصال والهجرة بين الشعوب إنتشرت الديانات الكبري والفلسفات خارج منابتها.
الحضارة اليونانية الإغريقية:
لا يوجد تاريخ ثابت أو متفق عليه عالميا لبداية أو نهاية العصر اليوناني القديم. ولكن في الاستعمال الشائع تشير إلى التاريخ اليوناني كامل قبل الغزو الروماني، ولكن يستخدم المؤرخون المصطلح بصورة أدق. الحضارة الميسينية المتحدثة باليونانية والتي انهارت حوالى 1150 قبل الميلاد وقد سبقت الثقافة الكلاسيكية اليونانية ولكن تم استبعادها تماما من العصر اليوناني القديم. و قد استخدم بعض المؤرخين تاريخ تسجيل أول دورة الالعاب الأولمبية عام 776 قبل الميلاد كبداية العصر اليوناني القديم. أما بين نهاية الفترة الميسينية ودورة الالعاب الأولمبية الأولى، هناك الفترة المعروفة باسم العصور المظلمة اليونانية، بسبب عدم وجود محاضر مكتوبة، وعدد قليل من البقايا الأثرية. وتُدرج الآن هذه الفترة تحت مصطلح اليونان القديمة.
كانت نهاية العصر اليوناني القديم تعد تقليديا من وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، والذي كان يعتبر بداية العصر الهلينى. ومع ذلك، امتدت اليونان القديمة لتشمل الفترة التالية في كثير من الأحيان، وحتى الفتح الروماني من 146 قبل الميلاد. وتناول بعض الكُتاب الحضارة اليونانية القديمة كسلسلة متصلة حتى ظهور المسيحية في القرن الثالث، وهذا، مع ذلك، غير تقليدي.
الحضارة الرومانية:
ليس هناك وثائق أو إثباتات تاريخية تحدد مجيء الرومان إلى شبه الجزيرة الإيطالية وتأسيسهم مدينة روما وإنما يعتمد المؤرخون على مجموعة من الأساطير والروايات التي تناقلها الأشخاص الذين درسوا التاريخ القديم على مر العصور. وتؤكد الاكتشافات الأثرية والمستندات التاريخية وقائع تأسيس القرية الصغيرة كان حول النزاع الأول بين الاخوين رومليوس وريموس حول تاسيس مدينة روما.
بدأ الصراع الروماني - القرطاجي كصراع تجاري ثم أخذ أبعاداً عسكرية وكان أول احتكاك بين الطرفين عندما احتل الرومان جزيرة صقلية عام 264 ق.م واعتبر القرطاجيون هذا الغزو مساساً مباشراً بمصالحهم الاقتصادية والسياسية، وهذه الواقعة كانت البداية الأولى للحرب بين الرومان والقرطاجيين التي استمرت إلى عام 241 ق.م.
شن الرومان سلسلة من المعارك التي انتهت باحتلال كامل للأراضي المقدونية في الشرق وتم السيطرة على بلاد الإغريق اليونان، وبنهاية هذه الحروب أتسعت حدود الجمهورية الرومانية من إسبانيا غرباً إلى السواحل الغربية لآسيا الصغرى شرقاً، بالإضافة إلى الأراضي القرطاجية في شمال أفريقيا، وقسمت هذه الأراضي الشاسعة إلى سبع مقاطعات مرتبطة بالحكومة المركزية في روما.
وبعد هذه الانتصارات أصبحت الدولة الرومانية دولة عظمى يصعب قهرها وتتحكم بمقدرات العالم القديم الغربي والشرقي، وفي هذه المرحلة بدأ التاريخ الروماني يضج بأسماء القادة والزعماء المنتصرين وتحولوا إلى طبقة حاكمة تؤثر على مجرى الأحداث في روما وخارج.
الحضارة الفارسية:
الأخمينيون أو الأخمينيديون (بالفارسية: هخامنشیان) هم أسرة ملكية فارسية كونت لها إمبراطورية في فارس عام 559 ق.م. واستولت علي ليديا (غرب الأناضول) وبابل وإيران وفلسطين ومصر، التي امتدت في أوجها إلى جميع أرجاء الشرق الأدنى، من وادي السند إلى ليبيا، وشمالاً حتى مقدونيا. وهكذا فقد تمكنوا من السيطرة على جميع الطرق التجارية المؤدية إلى البحر الأبيض المتوسط عبر البر والبحر؛ وقام ملوك الأخمينيين بإعادة بناء الطريق من منطقة {السوس Susa في عربستان} إلى { سارديز Sardis} بالقرب من أفسس وسميرنا. أشهر ملوكها دارا (داريوس) الذي حاول غزو أثينا باليونان فهزم. وأسقط الإسكندر الأكبر هذه الإمبراطورية عام 331 ق.م. ومن ملوكها قمبيز وقورش (سيروس). وتعتبر فترة حكم هذه الإمبراطورية هي فترة الحضارة الفارسية.
المراجع:
كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت ترجمة محمد عبد الرحيم
موسوعة تاريخ الحضارات العام (سبع مجلدات) لموريس كروزيه