أي الامور التي فضّل بها على غيره من الأعمال وزاد عليها.
وهي خمسة:
الاول: أنّه يصحّ أن يقال للمتّصف بها: صلى الله عليك وصلوات الله عليك.
ففي الرواية النبوية، قال صلى الله عليه واله وسلم: " ألا وصلّى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة "، وهذا يحتمل الاخبار والدعاء وايّ كان فالمطلوب ثابت.
الثاني: أنّه قد يبلغ فضله إلى فضل أصعب الأعمال وأحمزها.
وهو ذبح الولد قرباناً لله تعالى، ويظهر ذلك من رواية عن الرضا عليه السلام وفيها ان ابراهيم النبي عليه السلام لما ذبح الكبش فداء، تمنى ان يذبح ولده لينال ارفع الدرجات.
فأوحى الله تعالى اليه بواقعة الحسين عليه السلام في كربلاء، فجزع وجعل يبكي، فأوحى الله تعالى اليه: قد فديت جزعك على ابنك اسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله، واوجبت لك ارفع درجات اهل الثواب على المصائب.
ومعنى قولنا: قد يبلغ، ان كل واحد لا يبلغ بذلك هذه المرتبة العظيمة الا من كان اعزاز الحسين عليه السلام عنده كإعزازه عند ابراهيم عليه السلام.
والوجه في هذا القيد ان في تلك الرواية: يا ابراهيم من احب خلقي اليك؟
قال: يا رب ما خلقت خلقاً هو احب اليّ من حبيبك محمّد صلواتك عليه وآله.
فأوحى الله تعالى إليه: يا إبراهيم هو أحب إليك ام نفسك؟
قال: بل هو احب الي من نفسي.
قال تعالى: فولده أحبّ اليك ام ولدك؟ قال: بل ولده.
قال الله سبحانه: فذبح ولده ظلماً على أيدي اعدائه أوجع لقلبك او ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
قال: ذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.
فأوحى الله تعالى اليه عند ذلك بواقعة الطف فجزع لها، فأوحى الله تعالى اليه: قد فديت بمقدار إعزازك إيّاه.
فافهموا يا أيها الذين يجدون في أنفسهم ان الحسين عليه السلام أعزّ من ولدهم، وأن ذبحه على ما حكاه الله لخليله من أنه يذبح كما يذبح الكبش ظلماً أوجع لقلوبهم من ذبح أعز اولادهم قرباناً لله تعالى.
فابشروا لأنّكم إذا جزعتم على الحسين عليه السلام فلكل جزع ثواب ذبح ولد قرباناً لله تعالى.
الثالث: انه لا حد له من حيث القلة، ولكل عمل اقل مسمى لا يتحقق بدونه، ولا حد لثوابه من حيث الكثرة.
الرابع: وهو من العجائب انه اذا لم يتحقق في الخارج، ولكن تشبّه به حصل ثوابه يعني اذا لم يتحقق البكاء عنده فليتباك: أي يشبّه نفسه بمن يبكي. فلينكّس رأسه مثلاً، ويظهر صوت البكاء، وعلامات الرقة والتأثر، فيحصل له الثواب، وذلك حين يتحقق التباكي لله تعالى، لا أن يفعل ذلك ليرائي به الناس، فالتباكي هو عمل يشترط فيه الخلوص أيضاً.
الخامس: أنّه فائق على جميع أقسام الإيمان والأعمال الصالحات من جهات عديدة.
* الخصائص الحسينية / اية الله التستري _ فصل البكاء وقضله.