لا ندرك حقيقة الوحي، وهي من المجهولات عندنا، لأن إِدراكها شيءٌ خارج عن اطار الحس والعقل، نحن ندرك آثار الوحي فحسب، والأثر يدلّ على المؤثِّر، وعلى هذا فالسعي للدخول في عالم الوحي الغامض عبث، إِلاّ أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام عندما كانوا يُسألون عن كيفية الايحاء، يجيبون جواباً وافياً بحيث يرسم في الذهن عن الوحي شبحاً، شبحاً فقط!
تحدث الصدوق (قدس سره) في كتابه الاعتقادات عن نزول الوحي حديثاً لابدّ أنه استخلصه من الروايات حيث قال فيه:اعتقادنا في ذلك أنّ بين عيني اسرافيل لوحاً ، فاذا اراد الله عزوجل ان يتكلم بالوحي ضرب اللوح جبين اسرافيل، فنظر فيه فقرأ ما فيه، فيلقيه الى ميكائيل، ويلقيه ميكائيل الى جبرائيل عليه السلام ويلقيه جبرئيل الى الانبياء عليهم السلام ، وأمّا الغشية التي كانت تأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يثقل ويعرق فانّ ذلك كان يكون منه عند مخاطبة الله عزوجل اياه .
ولقد كان جبرائيل لا يدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يستأذنه اكراماً له، وكان يقعد بين يديه قعدة العبد.
ونقرأ في حديث آخر أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان يوحى إِليه يسمع صوتاً هادئاً قرب وجهه.
وقد جاء في حديث آخر: إِن الوحي عندما كان ينزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبدأ
جبينه يتصبب عرقاً وان كان الجو بارداً.
وبصورة عامة فان الوحي كان يهبط على رسول الله باشكال مختلفة ، ولكل شكل آثاره الخاصة به.
كما يستفاد من الروايات أن جبرئيل كان يهبط على الرسول أحياناً ـ بشكله الأصلي الذي خلقه الله عليه، ويحتمل انه هبط بهذا الشكل مرتين فقط طوال عمر ، وروي انه كان ينزل عليه بصورة دحية الكلبي وهو أخو الرسول الرضاعي، وكان من أجمل الناس آنذاك، فكان يتمثل في صوته جبرئيل عندما يريد الهبوط على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان من مشاهير صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويُعرف بحسن الوجه، أرسله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة الى قيصر الروم «هرقل» في السنة السادسة أو السابعة من الهجرة، وكان حياً حتى خلافة عمر 1.
1-نفحات من القرأن / مكارم الشيرازي ج15_ص4.