الجمعة 22 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 12 جمادى الاولى 1446هـ

» قراءات ومـــراجعــات

موقعيّة القرآن الكريم في فكر الشهيد مطهّري

                                                                                                                          الشيخ علي كريّم


يدور الكلام في هذا المبحث حول موقعيّة القرآن الكريم في فكر الشهيد مطهّري بشكلٍ عامٍّ, بالإضافة إلى استقراءٍ لاستخدام آيات القرآن كأدلّةٍ,أو مؤيّداتٍ في بعض مؤلّفاته.

المنهج القرآني:

أ- مكانة القرآن وكيفيّة توظيفه:

 إنّ للقرآن الكريم أهميّةً كبيرة , ودورٌ مركزيّ في كيفيّة صناعة الفكرة عند الشهيد مطهّري وفي مكوّنات هذه الفكرة وبنيتها. وهذه الأهميّة تبرز حتَّى في أكثر المسائل عقليّة كأدلّة التوحيد والعدل . إنَّ هذا الاهتمام بالقرآن لديه يرجع إلى نظرته الخاصّة له؛ بحيث يعتبره:(المنبع الأصلي و الأساسي للدين والإيمان, وتفكّر كلّ مسلم؛لأنّه يهب الحياة حرارةً, وروحاً , حريّة ومعنى).[9] كما أنّه (العامل المؤثّر في تكوين مصير المجتمعات الإسلاميّة, بل في تكوين المجتمعات البشريّة"[10]).

إنّ استخدام القرآن  لدى الشهيد يتبع طبيعة المسألة الكلاميّة المبحوثة, فتارة يُستَخدم القرآن كدليل مستقلّ في المسائل القابلة لذلك كما في مسائل الإمامة والمعاد, وغالباً كمؤيّد لدليل العقل كما في مسائل التوحيد ومتعلّقاته و مسائل النبوّة.

ب- إستخدام القرآن كمؤيِّد للأدلّة العقليّة في كتاب العدل.

في كتاب العدل الإلهي[11] يستخدم المادّة القرآنيّة في سياق علاجه لشتَّى مسائل العدل, ولوازمه وإشكالاته. فهو تارةً يورد الآيات كمؤيّدات للأدلّة التي يسوقها , وغالب هذه الأدلّة هي من الأدلّة العقليّة كما في مسائل من قبيل: 
ـ(عدم وجود شريك لله),{الإسراء111}. 
ـ(تفسيرالحكماء للحكمة في الفعل الإلهي وأنّها مرادفة للطف وإيصال الأشياء إلى غاياتها) {النجم42 }. 
ـ(كون النظام والترتيب الموجودين بين الموجودات هو عين وجود هذه الموجودات وليس شيئاً زائداً عليها,{القمر50 }, كما يستخدم نفس الآية كمؤيّد للبرهان العقلي على أنّ الموجودات جميعها قد خلِقَت بإرادة واحدة بسيطة, وليس بإرادات متعدًّدة بعدد المخلوقات,وكمؤيّد لوجود نظام العلّة والمعلول وحكومته على الكون حيث يعتبره الشهيد المفهوم الدقيق لقوله تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[12].
ـ (النظام الطولي في خلق الكائنات, والترتيب في خلق الأشياء وصدورها عن الله تعالى وكون الملائكة والعرش والكرسي واللوح والقلم أدوات معنويّة وإلهيّة في جهاز ربوبيّة الله) {الصافات164} {السجدة5} {النازعات5} {الشعراء193 ـ194} {الإنسان23}.  ـ (وجود قانون العليّة العام والنظام ,وهو ما يعبَّر عنه القرآن بالسنّة الإلهيّة التي لا تتبدّل) { 62 من الأحزاب} {23من الفتح} {43 من فاطر} بالإضافة إلى تطبيقات هذا القانون في الآيات { 11 من الرعد}, { والإسراء4-8,} {الطلاق 2-3}. 
ـ (الله تعالى يعطي كلًّ موجودٍ بمقدار سعته الوجوديّة) {الرعد 17} {طه50}.  
ـ(المصائب هي أمّ السعادات وعلّة لها), والآيات المستخدَمة هي{ الحج61 } {الشرح5-6-7} {البلد4} {البقرة 155}.

ج- إستخدام القرآن كدليلٍ مستقلٍّ في كتاب العدل.

فيما يخُصُّ الآيات القرآنيّة التي تُستَخدَم كأدلّة مستقلّة نرى العديد منها في هذا الكتاب الزاخر بالمعطيات القرآنيّة؛ إذ يتساءل الشهيد في بداية الكتاب عن منبع الاهتمام الإسلامي بمبدأ العدل, ويعتبره القرآن الكريم, فهو الذي> بذر في القلوب بذور عقيدة العدل وسقاها<[13],>إنّ العدل في المفهوم القرآني يُضفي على رؤية الإنسان تجاه عالم الوجود صبغة عقائديّة خاصّة, فهو قرين أصل التوحيد,وركن المعاد,وغاية تشريع النبوّة,وفلسفة جعل الإمامة<.[14] 

وهنا يتحدّث عن الاهتمام القرآني الفائق بالعدل فهناك16 آية في القرآن تتحدّث عنه كما أحصاها فهو يعرض مسألة العدل والظلم بصورها المختلفة:كالعدل التكويني , والعدل التشريعي, والعدل الأخلاقي والعدل الاجتماعي ,كما يصرّح بأنّ نظام الوجود والخلق قائمٌ على أساس العدل والقسط والاستحقاق.وأنّ بيان الحقّ وإتمام الحجّة بالنسبة إلى الله تعالى ترجع إلى كون ذلك من مقتضيات العدل.بالإضافة إلى وجود آيات تصف (مقام الفاعليّة والتدبير الإلهي بمقام القيام بالعدل),{آل عمران18}وتصرّح بأنّ( العدل هو الميزان والمعيار الإلهي في أمر الخلق) {الرحمن7}وبأنّ( العدل التشريعي أصلٌ يجب رعايته إذ الهدف من بعث الرسل هو جعل الحياة الإنسانيّة تقوم على مبدأ العدل) {الحديد25} , (نظام التشريع الإسلامي قائمٌ على أساس العدل){ الأعراف29}{البقرة282 }.

الموضوع الآخر الذي يستخدم فيه الشهيد المادّة القرآنيّة كدليلٍ هي مسألة الشيطان. وهذه المسألة يبحثها في كتاب التوحيد أيضاً؛ فالهدف من بحث المسألة في كلا الكتابين متّحد تقريباً,إذ يريد الشهيد أن يبيًّن محدوديّة قدرة الشيطان وسلطته, وعدم تعارض وجوده ودوره مع عقيدة التوحيد الذاتي,وعقيدة التوحيد في الخالقيّة. والآيات المستخدَمة في بيان هذا الهدف هي {11 من سورة الشورى}{54 من الأعراف}{ 16 من الرعد}{11 من الإسراء}.

أمّا الآيات المستخدَمة في بيان محدوديّة قدرة الشيطان فهي النحل{99 -100}{إبراهيم22} {الإسراء64} , وفي بيان الحكمة والمصلحة من وجوده وإضلاله,وأنّه شرٌّ نسبيٌّ, وليس شرّاً حقيقيّاً مطلقاً فالآية{7 من السجدة},{طه50 },{الأعراف16-17} .

ابتداءً من الفصل السادس من الكتاب إلى الفصل التاسع يُكثِر من استخدام المادّة القرآنيّة نظراً لطبيعة العناوين المطروحة[15] التي تحتاج إلى مثل هذه الأدلّة النقليّة من القرآن أو السنّة.

المواضيع في هذه الفصول هي:

1- (الحكمة من الخلق ونفي العبثيّة) {المؤمنون115}.

2- (الدنيا محلّ لتنمية الطاقات والاستعدادات){الملك2 }. 

3-(الدار الآخرة هي دار الحياة الخالصة الغير مشوبة بالموت) {العنكبوت64 },{يس65} {فصلت21}

4-(استقلال كلّ إنسان بمصيره في الآخرة,والفصل الكامل بين الخير والشر){الصافات21}, {يس59}, {الأنعام164} .

5- (مجتمع الصالحين في الجنّة وأوصافه, ومجتمع الأشرار في النار وأوصافه){الحجر47} {الأعراف38} {ص64} .

6-(عذاب الإنسان في الآخرة نتاج رجز الأعمال الخبيثة في الدنيا){سبأ5}.

7- (تجسّم الأعمال) {آل عمران30}{الكهف49 } {الزلزلة6-8 }{البقرة281. {النساء10 }{الحشر18 }{التكوير1-14 }{الجمعة8}.

8- بحث الشفاعة حيث يستعرض آياتٍ متعدّدةٍ لا بدّمن تفسيرها تفسيراً صحيحاً لأنّها من الآيات المتشابهة التي قد يؤدّي عدم تفسيرها تفسيراً صحيحاً إلى نفي الشفاعة والآيات هي {البقرة48 } لتي تنفي الشفاعة في يوم القيامة,و{النجم39}حيث أنّ الشفاعة تعارض المبدأ الذي تؤسّسه هذه الآية وهو أنّ سعادة كلّ إنسان مرهونة بعمله,{الفتح23 } حيث أنّ الشفاعة تمثّل استثناءً للقوانين الإلهيّة مع أنّ الآية تصرّح بأنّ السنن الإلهيّة شاملة لاتغيير فيها ولا استثناء.يجيب الشهيد بأنّ للشفاعة نوعيها السليم والغير السليم , والآيات تنفي الشفاعة الغير سليمة التي تمثّل نقضاً للقانون الإلهي حيث الاستشفاع بالمال والوساطات والقوّة المرفوض قرآنيّاً.ثمّ يشير إلى نوعين من الشفاعة وهما (شفاعة القيادة والعمل) و(شفاعة المغفرة),وفيما يخصّ النوع الأوّل يستخدم الآيتين {71 من الإسراء},و{98 من هود} لبيان معنى هذه الشفاعة وأنّها عبارة عن تجسّم لعلاقة الاتّباع والانقياد المعنويّ الحاصل في الدنيا ,أمّا فيما خصّ النوع الثاني من الشفاعة وهي( شفاعة المغفرة ) وهي التوسّط بهدف غفران الذنوب فيُثبِتُها الشهيد من خلال اعتبار شموليّة الرحمة الإلهيّة أصلاً عامّاً تفيده{ الآية16 من الأنعام},والآية{ 7 من غافر},كما يعتبر أنّ القدر المتيقّن كشرطٍ لتحقّق الشفاعة هوالإيمان بالله وتوحيده,حيث أنّ الشرك والكفر يمنعان من تحقّق الشفاعة كما تشير {الآية116 من النساء}, إلّا أنّه هناك شروط أخرى قد تعمّد القرآن أن لا يبيّنها بصراحة لكي يبقي القلوب في حالةٍ وسطيّةٍ بين الخوف والرجاء.


تتميماً لبحث الشفاعة يتطرّق إلى موضوع التوحيد والتوسّل, وأنّه لا بدّ من التشفّع بمن جعله الله وسيلةً دون غيرة استناداً إلى الآية {35 من المائدة},وأنَّ ابتغاء هذه الوسيلة هو نتيجةً للنظام الثابت الذي أقرّه الله في خلقه وهو نظام الأسباب؛حيث أمر الله بالتوسّل بهذه الأسباب كما في{ الآية64 من النساء}.

في الفصل التاسع التي يتحدّث فيه عن عمل الخير من غير المسلم يستعمل الآيات القرأنيّة في المواضيع التالية:

9- (عدم إمكان أحد من تعيين مصيره في يوم القيامة حتّى الرسول (‘)كما في الآية{ 9 من الأحقاف}

10 ـ ( الدين الذي يجب اتّباعه هو الدين الإسلامي),{آل عمران}85 .

يعرض الشهيد بعد ذلك رأيين فيما يخصّ قبول الأعمال حيث يستدلّ أدعياء الانفتاح الفكري بأدلّة قرآنيّة على أنّ العمل الجيّد يُقبَل من الجميع المسلم وغيره حتّى الملحد وهي{ البقرة80-82 }{آل عمران 24-25 }{,البقرة 111-112} ,{النساء 123-124 }{,الزلزلة 7-8 }{,التوبة12 },{الكهف30} ,{ المائدة 69,}.

أمّا المتشدّدون فيعتبرون أنّ أعمال الكافرين غير مقبولة مطلقاً و يستدلّون على ذلك بآيات من قبيل {إبراهيم18 },{النور39-40}.

والنتيجة التي يصل إليها أنّ الأساس في العمل هو الإخلاص عبر الاستفادة من الآية 6 من سورة البيّنة وتوفّر الحسن الفاعلي بالإضافة إلى شرطيّة الإيمان بالله  واليوم الآخر مستفيدا ًمن الآية {10 من سورة فاطر} التي تصرّح بأنّ الكلم الطيّب وهو الاعتقاد السليم يرفع العمل الصالح ويجعله ملكوتيّاً, بالإضافة إلى {الآية18-19 من سورة الإسراء}, حيث تصرّح الآية بأنّه لا بدّ للإنسان من السعي مع توفّر شرط الإيمان للوصول إلى السعادة الأخرويّة .

إلّا أنّ غير المسلمين وإن كانوا يستحقّون الثواب على أعمال الخير التي أقرّتها شريعة الإسلام ولكنَّ مجموعةً من أشكال الحرمان سوف تطالهم بسبب عدم معرفتهم بالشريعة الإلهيّة الكاملة مستفيداً ذلك من{ الآية 20 من آل عمران} التي تعتبر المحسن المسلم مهتدٍ,أمّا المحسن غير المسلم فلا يتمتّع بهذه الصفة. يستفيد الشهيد أيضاً من الآيات {18- 19-20 من سورة الإسراء} للإشارة إلى أنّ مقتضى اللطف الإلهي إيصال كلّ إنسان إلى الهدف الذي يسعى إليه حتّى من كان همّه وهدفه محصوراً بالأهداف الدنيويّة,ومن{ الآية 64 من سورة آل عمران} للدلالة على وجود الفرق بين المشركين والملحدين وأهل الكتاب, حيث تدعو الآية أهل الكتاب إلى كلمةٍ سواء بينهم وبين المسلمين,ومن {الآيات 264 من البقرة,}و{32 من الأنفال},و{112 من البقرة,}{ابراهيم18}  للدلالة على أنهّ لابدّ من التسليم بالإضافة إلى الإسلام,وأنّ الجحود كفرٌ يقتضي حبط الأعمال .أمّا المورد الأخير الذي يستدلّ به بالقرآن في هذا الفصل فهو لإثبات وجود فئة المستضعفين وهم أولئك الذين انقطعت بهم الحيل عن الوصول إلى الحقّ,وأنّ مصير هؤلاء قد يكون العفو الإلهي.{النساء97-99},{التوبة106}.


د- المنهج القرآني في كتاب التوحيد. 

في كتاب التوحيد[16] يبرز أيضاً الحضور القرآني و خاصّةً في الطريقين الأوّلين لإثبات وجود الله؛ بحيث يقسَّمُ الشهيد طرق إثبات وجود الله إلى ثلاثة طرق هي :1- طريق النفس أو الفطرة,2- الطريق العلمي أو شبه الفلسفي,3-الطريق الفلسفي.

فيما يخصّ الطريق الأوّل نرى الشهيد يستخدم القرآن الكريم كمؤيّد للبرهان الذي يسوقه, حيث يُعبّر عن ذلك >القرآن الكريم ينبّه على فطريّة التوحيد والتديّن<و يستخدم سبع آياتٍ قرآنيّة هي {الروم30}, {الأعراف172} ,{ آل عمران 83} ,{ الحديد1} ,{الجمعة 1},{الرعد 15} {,النحل 49 }.

أمّا فيما يخصّ الطريق الثاني, فبرهاني النظم والهداية هما الأهمّ فيه, و في هذا المجال يستخدم المادّة القرآنيّة؛حيث يعتبرأنّ القرآن يدعو إلى معرفة الله من طرق النظم والخلق والهداية, كما أنّه يميّز بين البرهانين بشكلٍ واضح حيث يقول:(لقد استند القرآن إلى برهان الهداية كدليلٍ مستقلٍّ على وجود الله ومعرفته,ولا نجد من ميّز بين برهاني النظم والهداية وذكرهما كدليلين مستقلّين غير القرآن الكريم الذي ذكرهما معاًولكن كبرهانين متمايزين في أربعة مقاطع) ففي{الآية 50 من سورة طه} إشارة إلى كلا البرهانين, وكذلك في الآيات{1-3 من سورة الأعلى}, أمّا {الآية 78 من سورة الشعراء} و{الآيات 1-3 من سورة العلق} فهي تذكر برهان الهداية بشكلٍ مستقلّ.

إنّ الفرق بين البرهانين الذي تبرزه الآيات القرآنيّة يتمثّل في أنّ برهان النظم يهتمّ بهياكل الموجودات, فيستدلّ بطبيعة نظامها على  كونها لها موجدٌ ذو عقلٍ و إرادةٍ.أمّا برهان الهداية فيتناول طريقة عمل الموجودات ؛ ممّا يكشف عن وجود شيءٍ آخر يهديها في حركتها.

إنّ القرآن الكريم لا يكتفي بالتمييز بين برهاني الخلق والهداية , بل يتعدّى ذلك إلى التصريح بشموليّة الهداية , وذلك في {الآية 12 من سورة فصّلت},و {الآية 50 من سورة طه},فمبدأ الهداية عامٌّ يشمل كلَّ المخلوقات , ولا يختصّ بالنباتات والحيوان والإنسان. يستمرّ الشهيد في سوق المؤيّدات القرآنيّة فيما يخصّ برهان الهداية أثناء حديثه عن أنواع الهداية للإنسان, إذ يعتبر أنّ طريق المعرفة لا ينحصر بالتجربة والاستدلال المنطقي , بل هناك نوعٌ آخر يتحقّق بواسطة الإلهام أو ما يسمّيه ب(العلم الإشراقي), وبأنّ القرآن يؤيّد وجود هذا الإلهام في {الآية 35 من سورة النور} عند قوله تعالى:{ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}, كما أنّ هذا النوع من العلم يبرز في آيةٍ أخرى تحت اسم( العلم اللدني)في الآية{ 65 من سورة الكهف},بالإضافة لبروز هذا الإلهام بواسطة الرؤيا؛ حيث يؤيّد القرآن الكريم وجود هذا النوع من الإلهام الرؤيوي في عدّة آيات هي{ يوسف4 }, {يوسف 43 },{يوسف 36 },{الفتح 27} ,{ الإسراء 60 }.

يطرح الشهيد في المحاضرة السابعة عشرة من الكتاب مسألة التوحيد, ووجود الشرور ,والشيطان في الرؤية القرآنيّة. وفي أثناء عرضه لمقدّمات مسالة الشرور يتحدّث عن أنّ الموجود في الكون هو التمايز وليس التمييز, والفرق بينهما أنّ التمييز هو إعطاء المخلوقات عطاءات مختلفة رغم تساوي هذه الموجودات في القابليّات, أمّا التمايز فهو الاختلاف في العطاءات كنتيجة طبيعيّة للاختلاف في القابليّات والأوعية الوجوديّة, وهنا يشير القرآن الكريم إلى سرّ هذا الاختلاف والتمايز في {الآية 17 من سورة الرعد},ثمّ يستخدم القرآن لبيان سرّ خلق الإنسان رغم وجود طبيعة الفساد فيه عبر عرض واقعة أمر لله للملائكة بالسجود لآدم , واعتراضهم على ذلك بحجّة وجود نزعة الشرّ في الإنسان, ثمّ رضوخ الملائكة للأمر الإلهي بعد أن ثبت لهم أنّ هذا الإنسان مؤهّل لبلوغ مقامات عالية جعلته يعلّمهم الأسماء التي جهلوها.وذلك في {الآيات30 -34 من سورة البقرة,} ليستعرِض بعد ذلك فوائد المصائب والشرور عبر الآيات {155 -157 من سورة البقرة}, و{الآية 35 من سورة الأنبياء}, و{الآية 216 من سورة البقرة}.

أمّا فيما يتعلّق بمسألة الشيطان؛ فيستخدم آياتٍ قرآنيّةٍ عديدٍة لبيان محدوديّة دور وسلطة الشيطان في حياة الإنسان وهي {الآيات 39 من سورة الحجر},{40 من سورة الحجر}, {النحل 100} ,{إبراهيم 22} ,{الإسراء64 },كما يستخدم الشهيد الآيات{ 10 من البلد}, و{3من الدهر},و {8من الشمس } لتبيان أنّ وجود الشيطان بما يمثّله من دعوة للشرّ والفساد, ووجود النفس الأمّارة المتأثّرة بالوساوس ضروريٌّ لتحقيق الخير للإنسان لأنّ وجود الخير للإنسان مرهون باختيار الإنسان له مع القدرة على اختيار الشرّ.


ه- المنهج القرآني في كتاب النبوّة.

في كتاب النبوّة[17] يبحث الشهيد حول المعجزة وتعريفها, مع الإشارة إلى النظريّات التي تفسًّر هذه الظاهرة انطلاقاً من آيات القرآن الكريم,وهل أنّ الإيمان بالقرآن الكريم يستلزم  الإيمان بمعاجز الأنبياء؟.

يشير في الكتاب إلى أربع نظريّات في هذا المجال, الأولى تنكر أصل وجود المعاجز. الثانية تُؤوّل المعجزة وتفسّر ما ورد في القرآن الكريم من معاجز بأنّها أمورٌ طبيعيّة وعاديّة . الثالثة تعتبر أنّ المعجزة هي فعل الله وآيته , ولا فرق بينها وبين الأمور غير المعجزة إلّا لجهة كون هذه الآية مسوقة من قبل الله لإثبات صدق الأنبياء.أمّا الرابعة فتعتبر أنّ المعجزة ليست نقضاً للقانون ؛ حيث هناك سننٌ واقعيّةٌ لا تقبل النقض , بل هي هيمنة قانونٍ على قانونٍ آخر, ثمّ يناقش الشهيد هذه النظريّات انطلاقاً من القرآن الكريم حيث ينقل أنّ أصحاب النظريّة الثانية وهي نظريّة التأويل يستدلّون بنوعين من الآيات هي آيات السنن الإلهيّة والآيات التي يُصرٍّح بها  الأنبياء بأنّهم بشرٌ, آيات النوع الثاني هي الآية{ 110 من سورة الكهف}, و{الآيات 90-93 من سورة الإسراء}, وآيات القسم الأوّل كثيرة في القرآن بحيث تصل إلى عشر آيات تصرّح بعدم تبدّل سنن الله في الكون{ كالآية 62 من سورة الأحزاب}, و{الآية 43 من سورة فاطر}, ثمّ ينقل الشهيد علاج المفسِّرين لهذين النوعين من الآيات وأنّها لا تدلّ على مدّعى القائلين بتأويل ما يدلّ على وقوع المعاجز من آيات  القرآن .

يبدأ بعد ذلك بالتمهيد لعرض النظريّة الرابعة التي لا يعتمد أساس البرهنة عليها على القرآن الكريم ,إلّا أنّ  القرآن الكريم يساهم بالتمهيد لهذه النظريّة؛إذ أنّ بعض آيات القرآن يدلّ كما يستنتج على كون المعجزة هي فعل العبد بإذن الله , وليست فعل الله كما تقول النظريّة الثالثة, وهذه الآيات هي{ المؤمن-78}  ,{البقرة-102 },{آل عمران 49} ,{الفرقان 21}.

يبحث الشهيد بعد ذلك مسألة إعجاز القرآن ويعتبر القرآن أهمّ معجزةٍ لنبيٍّ ما , إذ تتميّز هذه المعجزة عن باقي المعجزات بكونها كلام, والكلام يدلُّ على فاعله أفضل ممّا يدلُّ أيّ فعلٍ على فاعله, أماّ الميزة الثانية فهي قابليّة البقاء لهذا الكلام. ليتكلَّم بعد ذلك عن وجوه إعجاز القرآن كالاعجاز البلاغي, والاعجاز الجمالي,والاعجاز المنطقي,وأخيراً إعجاز البحث التوحيدي في القرآن, ثمّ يعقد فصلاً خامساً لإجراء مقارنة بين لغة الفلاسفة ولغة القرآن في وصف الله تعالى.

لن أخوض في تفاصيل بحث الإعجاز لدى الشهيد,إلّا أنّ القارئ لهذا البحث سيظهر له الحبّ العميق الذي يكنّه للقرآن, والقيمة الكبيرة التي يحتلّها في وجدانه وفكره ؛ بحيث ينتقد في طيّات بحثه عدم الاهتمام الحوزوي بالقرآن. كما يدعو إلى البحث في وجوه الإعجاز في القرآن ومحاولة اكتشاف وجوه إعجازيّة جديدة وعدم الاكتفاء بالوجوه التقليديّة, وفي هذا المضمار نراه يشير إلى الإعجاز المنطقي في القرآن  , حيث يعتبر أنّ نفس ما أشار إليه فرنسيس بيكون في كتابه الأورغانون الجديد من الأوهام التي تدفع الإنسان للوقوع في الخطأ في المادّة الفكريّة قد أشار له القرآن قبله, فصنم السوق لدى بيكون قد عبّر عنه القرآن ب(تقليد الماضين),و الصنم الشخصي لديه هو نفسه هوى النفس في القرآن, والصنم الشكلي لدى بيكون يشير إليه القرآن تحت عنوان اتّباع الكبراء, وكذلك ما أشار له ديكارت من أنّ خطأ العلماء يرجع بالأساس إلى سرعة البتّ و الفصل في الأمور قد أشار له القرآن تحت عنوان اتّباع الظنّ .


و- المنهج القرآني في كتاب الإمامة.

في كتاب الإمامة[18] يبرز الحضور القرآني بشكلٍ جليٍّ في استدلالات الشهيد؛ إذ إنَّ طبيعة هذه المسألة كما قلت سابقاً تفترض ذلك,فنراه يعقِد فصلين من فصول الكتاب الستّة للحديث عن الإمامة في القرآن الكريم .

يبحث الشهيد ثلاث آيات أساسيّة متعلّقة بالإمامة هي {الآية الثالثة من سورة المائدة} ,أو آية إكمال الدين, والآية الثانية هي {الآية 55 من سورة المائدة} , و الثالثة هي{الآية 124 من سورة البقرة }, يعرض في بحثه لهذه الآيات الآراء المختلفة في تفسير هذه الآيات ,بالإضافة إلى الإشكالات المثارة لجهة الاستدلال ببعض الآيات والردّ على هذه الإشكالات . ففيما خصّ الآية الأولى يفرّق بين الإتمام والإكمال ؛ حيث يعتبر أنّ الإتمام هو سدّ نقص الشيء عبر تأمين جميع الأجزاء الناقصة , أمّا الإكمال فلا علاقة له بالأجزاء الكمية إذ قد تكون تامّة, ومع ذلك لا يكون الشيء كاملاً, فالاختلاف بينهما هو اختلافٌ بين الكمّي والكيفي, ثمّ يطرح الآراء المطروحة في مسألة اليوم المقصود في الآية ويردّها اعتماداً على قرائن موجودة في نفس الآية, ليدعَّم استدلاله بعد ذلك بالبعد التاريخي وما نقله المؤرّخون في نزول الآية معتمِداً في البحث على ما أورده العلّامة الطباطبائيّ في الميزان[19] , ثمّ يفسّر الآية تفسيراً يعتمد فيه على منهج تفسير القرآن بالقرآن  وهو منهج أستاذه السيّد الطباطبائي, وقد اعتبره الشهيد كما أستاذه المنهج الأنسب لتفسير القرآن الكريم وتحصيل المعرفة القرآنيّةقائلاً: >إنّ مجموعة آيات القرآن تُكوّن مع بعضها بناءً متراصّاً<[20] ,و>أنّ آيات القرآن تفسّر بعضها بعضاً<[21], أمّا الآيات التي يستعين بها لتفسير الآية فهي الآيات{ 109 من سورة البقرة}, و{الآية 11 من سورة الرعد}, و{الآية 53 من سورة الأنفال} .

يطرح قبل الخوض في تفاصيل الآية الثانية الدالّة على الإمامة مسألة الوضع الخاصّ للآيات المتعلّقة بأهل البيت (عليهم السلام)؛ إذ أنّ جميع هذه الآيات تأتي في وسط الآية غير متناسبة مع سياق الآية بحيث أنّ أوّل الآية وآخر الآية يتحدّثان عن أمر لا علاقة له بأهل البيت(عليهم السلام) ليصل أنّ للمسألة سرٌّ, يتمثّل بإدراك الله تعالى للتمرّد والرفض الذي سيلقاه التصريح بفضائل أهل البيت(عليهم السلام)؛ فلم يرد القرآن أن يكتسب التمرّد صيغة التمرّد المباشر في مقابل القرآن  لما سيلحقه هذا من ضررٍ على الإسلام الفتيّ بعد وفاة الرسول (ص).

يعتبر الشهيد أنّ الآية الثانية وإن ذُكِرت كأصلٍ كليّ إلّا أنّها تشير إلى واقعة معيّنة هي واقعة التصدّق بالخاتم. أمّا في تفسير الآية الثالثة, فيعتبر الشهيد أنّ هذه الآية من أهمّ الآيات في موضوع الإمامة وأعجبها إذ أنّها لا تشير إلى شخصٍ بعينه , بل تشير إلى وجود حقيقة باسم الإمامة , وهذه الحقيقة ليست محصورة بما بعد نبيّ الإسلام(ص), بل تعود إلى زمن ظهور الأنبياء, كما أنّ أهمّ ما في هذه الآية هي أنّها تؤيّد مدّعى الشيعة في كون الإمامة لأهل البيت(عليهم السلام) إذ أنّ الآخرين داخلون تحت مصداق الظالمين التي تتحدّث عنه الآية الشامل لكلّ من تلبّس بظلمٍ, ولو مرّةً في حياته.


ز- المنهج القرآني في كتاب المعاد.

في كتاب المعاد[22] يلعب القرآن أيضاً دوراً جوهريّاً في استدلالات الشهيد حيث يعرض في الفصل الأوّل أدلّة القرآن على المعاد؛ فيعتبر أنَّ في القرآن ضربين من الاستدلال على المعاد : الأوّل يستدلّ على المعاد على أساس التوحيد ,بحيث لايمكن أن يكون وجودٌ لله ولا يكون هناك معاد, وذلك في الآية {115 من سورة المؤمنون}, أمّا الضرب الثاني فيأخذ من النظام الموجود دليلاً على القيامة وذلك في الآيات{ 11-16 من سورة المؤمنون}, والآيات{ 4-7 من سورة الحجّ}, ثمّ يستدلّ ب{الآية 18 من سورة الحشر} ليؤكّد على التأكيد الاستثنائي للقرآن على وجود ارتباط بين الدنيا والآخرة, وأنّ الأولى هي مزرعةُ الثانية.

يعرض بعد ذلك خمس نظريّات في تفسير المعاد وهي:

1- إعادة المعدوم.

2-عودة الأرواح إلى الأجساد.

3-عودة الأرواح إلى الله.

4-عودة الأرواح إلى الله بكيفيّة جسمانيّة.

5-تجدّد الحياة الدنيويّة الماديّة بشكلٍ آخر.

أمّا موقف القرآن من هذه النظريّات ,فالقرآن لم يذكر كلمة المعاد في القرآن بل عبَّر بالرجوع إلى الله , وهنايستدلّ بالآية {157 من سورة البقرة},و{الآية 42 من سورة النجم},والآية{ 8 من سورة العلق}, فالرجوع في القرآن , ومن خلال هذه الآيات لم يأتِ بمعنى إعادة المعدوم ولا إشارة إلى عودة الأرواح إلى الأجسام ,كما أنّ نظريّة عودة الأرواح فقط لا دليل لها من القرآن , أماّ النظريّة الرابعة  فيقول الشهيد بأنّ هذه النظريّة تتّسق مع بعض الصيغ القرآنيّة إلّا أنّها يصعب تطبيقها مع صيغٍ قرآنيّة أخرى.

في الفصل الثاني من الكتاب يحشد الكثير من الآيات  القرآنيّة للحديث عن ماهيّة الموت, إذ يعتبر أنّ الموت وهو التوفّي في القرآن من مادّة وفى, وليس من مادّة فوت,فالموت هو استيفاء الشيء بتمامه وكماله حين يحين أجله, وليس هلاكاً وتلفاً واندثاراً.كما يجتهد في حشد الآيات القرآنيّة التي تدلّ على وجود حياة ما بين الموت والقيامة, وهي ما نعبّر عنه بعالم البرزخ. أمّا الآيات المعبّرة عن الموت بالتوفّي فهي {النحل32,}{النحل28}{,الزمر42} ,{الأنعام61,} {الأعراف37,} {يونس104} {,السجدة10-11}.

بعدَ هذه الآيات يبدأ بسوق الآيات الدالّة على وجود عالم البرزخ , وهي الآيات التي تتحدّث عن الحياة بعد الموت ,وهي {البقرة 155}{,وآل عمران169-170 },والآيات التي تتحدّث عن حديث الملائكة والأموات وهي{ النساء97} ,و{النحل32} ,ثمّ الآية التي تتحدّث عن دخول مؤمن آل ياسين الجنّة قبل القيامة,وهي {26-27 من سورة آل ياسين},{الآيات99-100 من سورة المؤمنون}, وهي تصرّح بلفظ البرزخ,كما أنّ الآيات{ 95-96 من سورة الواقعة} تفيد الانتقال المباشر من الموت إلى حياةٍ معيّنة هي البرزخ ,وكذلك الآيات{ 27-30 من الفجر},أمّا{ الآية11 من سورة غافر} فيعتبر أنّ تعبير الآية بالإماتة اثنتين والإحياء اثنتين يشير إلى أنّ الإنسان حينما يغادر الحياة يموت أوّل مرّة ويكون حيّاً في البرزخ,وعندما ينهض في القيامة يحيى جديداً لأنّه كان ميّتاً في البرزخ.

في الفصل الثالث من كتاب المعاد يعرض الشهيد لطبيعة استدلال القرآن على المعاد, إذ يعتبر أنّ في القرآن طرق مختلفة للاستدلال على المعاد:

1 ـ الأولى هي رفع الاستبعاد كما في{ الآية78 -79 من سورةيس}.

2 ـ المنطق القرآني الثاني يقول أنّ الذي يحصل في القيامة ليس أمراً جديداً,بل هو نفسه نظام الموت والحياة المشهود.

3ـ المنطق القرآني الثالث يأخذ نمط الاستدلال فيه شكل الأدلّة الكلامية والفلسفيّة ,وهذه الاستدلالات مُوزًّعة على الآيات {115-116 من المؤمنون}, {21 -22من الجاثية}, 35إلى40 من الدخان},{26إلى28 من ص}{,16 إلى 18 من الأنبياء}.

إنّ ما يجمع هذه الاستدلالات أنّها تحاول أن تنسج علاقةً بين القيامة والخلق,بحيث لولا القيامة لكان هذا الخلق عبثاً.ثمّ يبحث الشهيد بحثاً وافياًهذه العلاقة.

في الفصل الرابع يبحث بحث الروح انطلاقاً من القرآن.وهو من الأبحاث المهمّة في الكتاب إذ يعتبره المطهّري من البحوث الصعبة التي يصعب تفسيرها,إذ أنّ آيات الروح في القرآن متعدّدة الصيغ,  والتفاسير لها مختلفة .من هنا نراه يستفيد كثيراً من تفسير الميزان في هذه البحث , فالسيّد الطباطبائي من أكثر العلماء الذين فصّلوا في هذا المجال, ويستخدم في بحثه جميع الآيات المتعلّقة بالروح,وهي {الإسراء85} ,{النبأ38}{,القدر4}{,النحل2},{الشعراء193-194 },{النحل102,} .

إنّ هذه الآيات بمعظمها تتحدّث عن الروح بصفتها حقيقةً في عرض الملائكة. وقد فسَّرها البعض بكون المقصود من الروح في المقام هو جبرائيل, وهذا ما يرفضه الشهيد استلهاماً من منهج السيّد الطباطبائي في تفسير القرآن بالقرآن, حيث يقابل السيّد جميع الآيات  المتعلّقة بالروح ليصل إلى حقيقتها, فالروح هي الحقيقة التي تحمل الوحي, وتكون إلى جوار الملائكة,[23] أمّا {الآية 52 من سورة الشورى} التي تذكر الروح توأماً للوحي, فقد فسّرها البعض بأنّ المقصود بالروح فيها هي آيات القرآن نفسه, أمّا الشهيد فيعتبر أنّها هي نفس الحقيقة الحاملة للوحي المذكورة في الآيات الأخرى[24], والآية {171 من النساء} تصف المسيح(ع) بالروح إلى جانب هذه الحقيقة , وكذلك الوارد في{ مريم17 }هو إشارةٌ إلى تلك الحقيقة , أمّا {الآية 22 من سورة المجادلة} المتحدّثة عن تأييد المؤمنين بالروح, فالمقصود بها هي الحالة المعنويّة المؤيِّدة من قبل الله تعالى.

      

النقطة الثانية في هذا البحث هي الإشارة إلى الوارد في{ سورة الإسراء-85 } { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}, فهو أيضاً يتبنّى ما ذكره صاحب الميزان في جنبتي البحث في هذه الآية بعد أن يعرض التفاسير المختلفة في هذا المجال,أيّ المقصود من الروح الواقعة مورد السؤال؟, وطبيعة الجواب المذكور في الآية؟, فالسؤال عن الروح لم يأتِ بمعنىً خاصّ,بل إنّ السائلين لمّا رأوا كثرة ورود لفظ الروح في القرآن,  واختلاف هذه الموارد بين الورود المنفصل والورود مع أمورٍ أخرى سألوا عن ماهيّة الروح. والجواب عن السؤال هو الجواب الواقعيّ, وليسَ نهياً عن السؤال عن الروح لعدم إمكان معرفة ماهيّتها, ولشرح هذا الجواب الواقعيّ يستند إلى ما تبنّاه صاحب الميزان وقبله صدر المتألّهين من أنّ الروح هي الوجهة الأمريّة للانسان, فالقرآن الكريم وباستقراء آياته حين يرد فيه لفظ الأمر ويُنسَب إلى الله فالمقصود من ذلك هو الوجود الدفعيّ للأشياء, وحين يرد فيه لفظ الخلق فالمقصود هو الوجود التدريجيّ للأشياء, فالروح عند الإنسان هي الوجهة الأمريّة الدفعيّة  التي تأتي بعد تسوية الإنسان وخلقه بصورةٍ تدريجيّة, وهذا التفسير ينطبق بحسب الشهيد على الروح الإنسانيّة, وعلى الحقيقة الحاملة للوحي إذ هي من جنس أمر الله ترد الزمان والمكان من أفقٍ فوقه, ولا تتكامل تدريجيّاً عبر الزمان والمكان.[25]   


--------------------------------------------------------------------------------
[8]  - راجع المصدر نفسه, من ص59 إلى ص64 ,المدخل الخاصّ بعلم العرفان.
[9] - مطهري,مرتضى(شيخ):التعرّف على القرآن , ترجمة:.محمد جواد المهري,ط1,إيران,لاد,1402 ه,ص12.
[10] - المصدر نفسه,الصفحة نفسها.
 [11]  -مطهري,مرتضى: العدل,ترجمة:عرفان محمود,ط 4 ,طهران,إعداد:مؤسسة أمّ القرى للتحقيق والنشر,دار الهدى,2007م.
[12] -القمر,50 .
[13] - المصدر نفسه,ص54 .
[14] - المصدر نفسه,57 .
[15] - العناوين مذكورة في بحث السنّة في كتاب العدل.
[16] - مطهري,مرتضى(شيخ):التوحيد ,ترجمة:عرفان محمود,ط 4 ,طهران,إعداد:مؤسسة أمّ القرى للتحقيق والنشر,دار الهدى,2007م.
[17] - مطهري,مرتضى(شيخ):النبوّة,ترجمة:جواد علي كسّار, ط 4 ,طهران,إعداد:مؤسسة أمّ القرى للتحقيق والنشر,دار الهدى,2007م.
[18] - مطهري,مرتضى(شيخ):الإمامة,ترجمة:جواد علي كسّار, ط 4 ,طهران,إعداد:مؤسسة أمّ القرى للتحقيق والنشر,دار الهدى,2007م.
[19] - الطباطبائي,محمد حسين,الميزان في تفسير القرآن,مؤسسة الأعلمي للمطبوعات,بيروت ,لبنان,ط1 محقَّقة,1417ه,ج5,ص168 -172
[20] - ا لتعرّف على القرآن,مصدر سابق,ص20 .
[21] - المصدر نفسه,الصفحة نفسها.
[22] - مطهري,مرتضى(شيخ):االمعاد,ترجمة:جواد علي كسّار, ط 4 ,طهران,إعداد:مؤسسة أمّ القرى للتحقيق والنشر,دار الهدى,2007م.
 [23]  -راجع الميزان في تفسير القرآن,مصدر سابق ,ج12 ,ص205- 208 .
[24] - راجع المصدر نفسه,ج18 ,ص 75 -77.
[25] - راجع المصدر نفسه,ج13,ص198,ج13 ص198 .
3080 مشاهدة | 01-07-2013
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة