ليس غريباً أن تكون زيارة الأربعين إحدى العلامات التي تميّز المؤمن، فهي علامة ينالها الإنسان بالتضحية والدم، وهي أصدق تعبير عن الحبّ والولاء لآل البيت النبوي في مقابل من التزموا طاعة الشيطان وآل أبي سفيان.
وهذه الزيارة هي واحدة من الأمور التي أرست خط استمرار النهج الحسيني، إن لم نقل أنّها حفظت هذا النهج وأبقت وهجه شعلةً لا تنطفئ إلى عامنا هذا.
فماذا كان الحال لو لم تكن زيارة الأربعين في الوجود؟
وهل كان مقام الحسين سيشهد مثل هذا الزحف البشري؟
هي زيارة ضربت أعماق التاريخ ليصل صوتها ومداها إلى مسمع كلّ الأجيال تصرخ فيهم وتنادي بأنّ الحقّ كان ولا يزال يتطلب وقفة عزٍّ وتضحية وبذل وعطاء كالذي فعله الإمام الحسين (عليه السلام)، وأنّ هناك خطّان لن يلتقيا إلى يوم القيامة حيث يفصل الله تعالى بين عباده.
وأمّا بالنسبة للرواية التي رواها داود بن القاسم (أبو هاشم الجعفري)، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام)، أنّه قال: " عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ إِحدى وخَمْسِينَ، وَ زِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَ التَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَ تَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَ الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".
فهي بالتأكيد ناظرة إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، وليس المراد منها زيارة أربعين مؤمناً، وإلّا لكان المناسب حذف الألف واللام، فيقول (عليه السلام): "زيارة أربعين".
ومن الواضح أنّ هذه الرواية صدرت عن الإمام المعصوم لأسباب لا تخفى على أحد حيث أنّها في مقام التأكيد على أمورٍ حاول البعض إخفائها وطمس معالمها .
* تحقيق حول زيارة الأربعين / الشيخ خليل رزق.