الجمعة 22 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 12 جمادى الاولى 1446هـ

» قراءات ومـــراجعــات

الخوارج في زمن الأمويين والعباسيين

الخوارج . . و الأمويون
و أما بعد عهد علي عليه السلام فلقد حارب الخوارج الأمويين بضراوة و عنف ، حتى أنهكوا الحكم الأموي ، و مهدوا السبيل لإسقاطه ، و كان إنشغال مروان الجعدي بحربهم مانعاً له عن أن يمد يد العون لعامله نصر بن سيار الذي كان يواجه الضربات الساحقة من أبي مسلم الخراساني القائم بأمر الدعوة العباسية ، بل إن المهلب بن أبي صفرة الذي قاتل الخوارج في عهد الزبيريين و الأمويين معاً قد حاول الاستفادة من شخصية و شعارات طالما جهد الزبيريون و الأمويون في طمسها و القضاء عليها ، فيخطب أصحابه محرضاً لهم على قتالهم ، فيكون مما يقول : " قاتلوهم على ما قاتل عليه أولهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه " ، ثم جعل شعار أصحابه ـ لو تعرضوا للبيات من قبل الخوارج ـ : ( حم ، لا ينصرون ) و هو شعار النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، و يروى أنه كان شعار أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام ، كما يروي المعتزلي .
و يبدو أن سياسة الأمويين الظالمة تجاه الناس ، قد ساهمت في إقبال الناس على الإنخراط في سلك الخوارج لمحاربتهم حتى ليبلغ عدد جيش الضحاك الخارجي مئة و عشرين ألفاً كما يقولون .

الخوارج في العهد العباسي
كما أن الخوارج قد حاربوا العباسيين في مناسبات كثيرة ، و لكن بفعالية أقل مما كانت عليه في السابق ، فإن جذوتهم بدأت تخبوا ، و خطرهم بدأ ينحسر ، و لذا فلا نرى لتفصيل الكلام في حركاتهم كبير فائدة .
نعم . . لا بُدَّ من الإشارة إلى أن نحلة الخوارج قد ظهرت في أواخر العهد الأموي بين البربر في الشمال الإفريقي و قوى أمرهم ، و حاربوا حكام تلك البلاد ، حتى سيطروا على القيروان حتى أخرجها منهم يزيد بن حاتم بن قبيصة ، الذي أرسله المنصور العباسي .
كما أن بعض أسر الخوارج قد حكمت تاهرت لأكثر من 130 عاماً حتى أزالهم عنها الفاطميون . و لعل سر انتشار هذه النحلة بين البربر هو سذاجة هؤلاء و سطحيتهم آنئذٍ ، ثم انجذابهم إلى الشعارات البراقة التي كان الخوارج يرفعونها باسم الدين ، بالإضافة إلى الظروف الخاصة التي كان يعاني منها البربر .
و لكن هؤلاء البربر أنفسهم قد عادوا إلى التشيع بمجرد ظهور الفاطميين ، و كانوا دعامة ملكهم . و إن كان لا يزال البعض منهم يعتنق نحلة الخوارج و يعيشون في بعض المناطق في الشمال الإفريقي حتى الآن .

مفارقات هامة في سياسات الخوارج
و نجد أن المواقف السياسية للخوارج بعض المفارقات مثل :
ألف ـ ما يذكره البعض : من أنهم قد بايعوا زيد بن علي ، حينما ثار على الحكم الأموي ، كما أن بعض شعرائهم و هو حبيب بن جدرة الهلالي قد رثاه حينما استشهد . مع أن زيداً هذا هو حفيد علي عليه السلام الذي قتلهم و أباد خضراءهم ، و كانت دعوته شيعية علوية خالصة .
ب ـ إن شيبان بن سلمة الخارجي ، زعيم الفرقة الشيبانية قد أعان أبا مسلم الخراساني القائم بأمر الدعوة العباسية و ابن الكرماني على العامل الأموي نصر بن سيار .
ج ـ إنهم قد أعانوا ابن الزبير أيضاً ، حيث قد وجدوا : أن من واجبهم أن يمنعوا حرم الله من الغزو الأموي ، فذهبوا إلى ابن الزبير ، فأظهر لهم أنه على رأيهم ، فقاتلوا معه أهل الشام ، ثم امتحنوه فظهر لهم أنه مخالف لهم فتركوه و كان ذلك سنة 64ﻫ .
د ـ قال ابن خلدون : " و ولى مروان على العراق النضر بن سعيد الحريشي ، و عزل به عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، فامتنع عبد الله بالحيرة ، و سار إليه النضر و تحاربا أشهراً ، و كانت الصفرية مع النضر عصبة لمروان ، لطلبه بدم الوليد ، و أمه قيسية " .
و من المعلوم : أن الصفرية هم إحدى فرق الخوارج الكبرى و لا سيما في أواخر العهد الأموي .

انحسار دعوة الخوارج و أسبابه :
قد تقدم ما يوضح بعض أسباب انحسار دعوة الخوارج عن مناطق الحركة العلمية ، و النشاط الثقافي ، و النفوذ و القوة و الازدهار ليعيشوا في مناطق نائية حياة فيها الكثير من مظاهر الجهل و القسوة و البداوة ، و حرمهم إلى حد كبير من المساهمة في المد الثقافي و العلمي الذي كان يزداد قوة يوماً عن يوم ، ثم من التمتع بكثير من الطيبات التي أحلها الله لعباده . حتى أصبحوا في نهاية الأمر لصوصاً سلابين كما أخبر به علي عليه السلام ، و نص عليه عدد من المؤرخين و الباحثين .
و نؤكد على أن مما ساهم في إنحسار دعوتهم ، و تحجيم نشاطهم سرعة تفرقهم ، و تشعبهم فرقاً و أحزاباً ، بسبب أنهم ـ كما قال علي عليه السلام ـ : " معاشر اخفاء الهام سفهاء الأحلام " الأمر الذي أعطى لأعدائهم الفرصة للاستفادة من هذه الحالة ، فكان الملهب يحاول إلقاء الخلاف بينهم ، و قد نجح في ذلك إلى حدٍ ما .
ثم هناك تركيبتهم غير المتناسقة ، ثم ظروفهم الحياتية و حالتهم الفكرية و الثقافية . ثم طبيعة تعاليمهم ، التي كانت تنعكس على مواقفهم ، و على تحركهم السياسي و العسكري ، و غير ذلك ، و تؤثر في حِدِّيتهم في مواقفهم ، و تجعلها تتسم بالعفوية و الارتجال ، و لا تساعد على التخطيط السري المنظم لها .
هذا كله بالإضافة إلى عدم وضوح كثير من الأمور الدينية لهم ، حيث لم يكونوا قادرين على التمييز بين الإيمان و الكفر و موجباتهما .
تساهل الخوارج عبر الزمن
و يلاحظ هنا : أنه كلما طال العهد كلما اتجه الخوارج إلى التخفيف من حدة تعاليمهم و عقائدهم ، تبعاً لازدياد معارفهم و إدراكاتهم لضرورات الحياة . حتى لقد تساهلوا في موقفهم بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام ، فقد جنح التناوتي إلى الاعتدال في مسألة الحكم على علي عليه السلام و هي دائماً من أمهات المسائل عند الإباضية ، فإن عمدة و محور مذهب الخوارج ، و المبرر لوجودهم هو تكفير الخليفتين عثمان و علي عليه السلام . بل لقد نقل لنا بعض الإخوان عن بعض علمائهم في الجزائر : أنهم يظهرون الحب لعلي و آله و ينكرون أن يكون ابن ملجم قاتل علي عليه السلام منهم . فإن صح هذا . فإنه يكون تطوراً جديداً و هاماً جداً في مذهب الخوارج .
و إن تساهل الإباضية في كثير من الأمور ـ حتى أننا لا نجد إلا القليل من أوجه الشبه بينهم و بين أسلافهم في الصدر الأول ـ ليفسر لنا بقاءهم على مر الزمن بينما نجد غيرهم من الفرق قد بادوا و انقرضوا بسرعة منذ القرون الأولى . فإن تساهلهم هذا . . قد ساهم طبيعياً في إزالة كثير من نقاط الضعف التي سبقت الإشارة إلى بعضها .

1807 مشاهدة | 03-11-2017
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة