الإثنين 25 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 15 جمادى الاولى 1446هـ

» قراءات ومـــراجعــات

من أدلة إيمان أبي طالب(عليه السلام):


فقد روي عن الأئمة(عليهم السلام)، والنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) مما يدل على إيمانه، وأهل البيت أدرى بما فيه، وأعرف بأمر كهذا من كل أحد.

التضحيات والمواقف:
فقد ناصر النبي(صلى الله عليه وآله)، وتحمل المشاق والصعاب العظيمة، وضحّى بمكانته في قومه، وحتى بولده، وتوطينه نفسه على خوض حربٍ طاحنةٍ تأكل الأخضر واليابس في سبيل هذا الدين ..
ولو كان كافراً؛ فلماذا يتحمّل كل ذلك؟!
ولماذا لم نسمع عنه ولو كلمة عتابٍ أو تذمّرٍ مما جرَّه عليه النبي محمد(صلى الله عليه وآله)؟!.
واحتمال: أن يكون قد طمع بمقامٍ دنيوي أعظم.
يرده: أن الطامع إنّما يسعى للحفاظ على حياته لينال ما طمع به، أمّا أبو طالب فكان على استعدادٍ لأن يُقتل هو وجميع أولاده، وعشيرته في سبيل هذا الدين.

تشنيع الأعداء:
وقد استدل سبط ابن الجوزي على إيمانه بأنه لو كان أبو الإمام علي(عليه السلام) كافراً لكان شنّع عليه معاوية وحزبه، والزبيريون وأعوانهم، وسائر أعدائه(عليه السلام)، مع أنه(عليه السلام) كان يذمهم، ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات، ورذالة النسب .

أشعاره الصريحة بالإيمان:
أما تصريحاته وأقواله الكثيرة جداً، فإنّها كلها ناطقةٌ بإيمانه وإسلامه.
ويمكننا أن ندَّعي: أن هذه التصريحات قد جاءت بعد قضيّة إسلام حمزة، أو بعد الهجرة إلى الحبشة.
أما قبل ذلك فكان(عليه السلام) يعمل بالتقيّة أمام قريش على الخصوص.
ويكفي أن نذكر نموذجاً من أشعاره التي عبّر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله: إن كل هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر، من حيث مجموعها.

فمن الشواهد على توحيده، قوله:
مليك الناس ليس له شريك  هو الوهاب ، والمبدي المعيد
ومن تحت السماء له بحق  ومن فوق السماء له عبيد

ومن الشواهد على إيمانه بنبوة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، نذكر:
- ألم تعلموا: أنا وجدنا محمداً نبياً كموسى خط في أول الكتب
- نبي أتاه الوحي من عند ربه ومن قال: لا، يقرع بها سن نادم
- يا شاهد الله علي فاشهد  إني على دين النبي أحمد
- أنت الرسول رسول الله نعلمه عليك نزل من ذي العزة الكتب
- لقد أكرم الله النبي محمداً  فأكرم خلق الله في الناس أحمد
- والله لا أخذل النبي ولا  يخذله من بني ذو حسب
- وقال(رحمه الله) يخاطب ملك الحبشة، ويدعوه إلى الإسلام:
أتعلم ملك الحبش أن محمداً نبياً كموسى والمسيح ابن مريم
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به  فكل بأمر الله يهدي ويعصم
وإنكم تتلونه في كتابكم   بصدق حديث لا حديث الترجم
فلا تجعلوا لله نداً فأسلموا  فإن طريق الحق ليس بمظلم

النار محرمة على أبي طالب(عليه السلام):
ومما يدل على إيمانه ما روي عنه(صلى الله عليه وآله): أن الله عز وجل قال له على لسان جبرائيل: "حُرّمت النار على صلبٍ أنزلك، وبطنٍ حملك، وحجرٍ كفلك".
أما الصلب فعبد الله، وأما البطن فآمنة، وأما الحجر فعمه، يعني أبا طالب(عليه السلام)، وفاطمة بنت أسد، وبمعناه غيره مع اختلاف يسير .

النبي(صلّى الله عليه وآله)يحب عقيلاً حبين:
ومما يدل دلالةً واضحةً على إيمانه: حب النبي(صلى الله عليه وآله) إياه، حتى لقد رُوي عن ابن عباس؛ قال: قال علي(عليه السلام) للنبي(صلى الله عليه وآله): إنك لتحب عقيلاً. قال: إي والله إني لأحبه حبين، حباً له، وحباً لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتولٌ في محبة ولدك ...
ورسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يحب أعداء الله سبحانه، ولا يحب إلا من يحبه الله .

كان على دين الله :
وكان الإمام علي(عليه السلام) يعجبه أن يُروى شعر أبي طالب(عليه السلام)، وأن يدوَّن، وقال: تعلموه، وعلّموه أولادكم؛ فإنّه كان على  دين الله، وفيه علمٌ كثيرٌ .

المسلم المؤمن :
وعن أبي بصير عن الإمام الباقر(عليه السلام)، قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً .

خلاصةٌ جامعةٌ:
وبعد كل ما تقدم نقول: إن إسلام أي شخص أو عدمه، إنما يستفاد من أمورٍ أربعةٍ:
1 - من مواقفه العمليّة، ومعلوم أن مواقف أبي طالب(عليه السلام)، قد بلغت الغاية التي ما بعدها غاية في الوضوح والدلالة على إخلاصه وتفانيه في الدفاع عن هذا الدين.
2 - من إقراراته اللسانيّة بالشهادتين، وقد تقدم قدرٌ من ذلك في شعره وفي غيره في المناسبات المختلفة.
3 - من موقف نبي الإسلام ورائد الحق الذي لا ينطق عن الهوى، والموقف الرضي هذا أيضاً ثابت منه(صلى الله عليه وآله) تجاه أبي طالب(عليه السلام)على أكمل وجه.
4 - من إخبار المطلعين على أحواله عن قرب، وعن حس، كأهل بيته، ومن يعيشون معه. وإنهم مجمعون على ذلك.
بل إن نفس القائلين بكفره لما لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية، حاولوا أن يخدعوا العامة بكلامٍ مبهمٍ، لا معنى له؛ فقالوا: «إنه لم يكن منقاداً»!!.

رواياتهم تدل أيضاً على إيمانه:
ومن أجل أن نوفي أبا طالب(عليه السلام) بعض حقه، نذكر بعض ما يدل على إيمانه من الروايات التي رُويت في مصادرَ غيرِ الشيعة عموماً ونترك سائره، وهو يعد بالعشرات، لأن المقام لا يتسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة، نجملها في العناوين التالية:
النبي صلّى الله عليه وآله يرجو الخير لأبي طالب(عليه السلام):
قال العياض: يا رسول الله، ما ترجو لأبي طالب؛ قال: كل الخير أرجوه من ربي .

أبو بكر فرح بإسلام أبي طالب(عليه السلام):
جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقوده، وهو شيخٌ أعمى، يوم فتح مكة. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ألا تركت الشيخ في بيته حتى نأتيه؟! قال: أردت أن يؤجره الله، لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشدُّ فرحاً مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك الخ .

التشهد قبل الموت :
قال المعتزلي: «روي بأسانيدَ كثيرةٍ، بعضها عن العباس بن عبد المطلب، وبعضها عن أبي بكر بن أبي: أن أبا طالب ما مات حتى قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله» .

استغفار النبي (صلّى الله عليه وآله) له:
وفي المدينة حينما استسقى النبي(صلى الله عليه وآله) لأهلها، فجاءهم الغيث، ذكر(صلى الله عليه وآله) أبا طالب(عليه السلام)، وقال(صلى الله عليه وآله): لله در أبي طالب، لو كان حيّاً لقرت عينه، من ينشدنا قوله.. فأنشده الإمام علي(عليه السلام) من قصيدته أبياتاً فيها قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ورسول الله(صلى الله عليه وآله) يستغفر لأبي طالب(عليه السلام) على المنبر .

تشييع جنازته ومراسم دفنه :
ولما مات أبو طالب(عليه السلام) تبع رسول الله(صلى الله عليه وآله) جنازته، مع أنهم يروون أن ثمة نهياً عن المشي في جنازة المشرك.
كما أنهم يروون أنه(صلى الله عليه وآله) أمر الإمام علياً(عليه السلام) بأن يغسّله، ويكفنه، ويواريه .
وحين التشييع اعترض النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) نعشه، وقال برقةٍ وحزنٍ وكآبةٍ: وصلت رحماً، وجزيت خيراً يا عم، فلقد ربيت وكفلت صغيراً، ونصرت وآزرت كبيراً .

لماذا لم يأمر بالصلاة عليه؟:
وإنما لم يأمر علياً(عليه السلام) بالصلاة عليه، لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد.
ولأجل ذلك قالوا: إن خديجة لم يصلّ عليها النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) حينما توفيت، مع أنّها سيدة نساء العالمين.

أبو طالب(عليه السلام) الداعية إلى الإسلام:
كما أن أبا طالب(عليه السلام) الذي يدعو ملك الحبشة إلى الإسلام، هو الذي دعا ولده جعفر إلى ذلك، وأمره بأن يصِل جناح ابن عمه في الصلاة .
وهو أيضاً الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام .
وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين، وأظهر سروره بإسلامه ومدحه على ذلك.
وكذلك الحال بالنسبة لولده أمير المؤمنين(عليه السلام).

الاعتراف بممارسة التقية:
وقد صرّح أبو طالب(عليه السلام) في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله(صلى الله عليه وآله) من قريش، وأن ما جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله) قد قبله الجنان وأنكره اللسان؛ مخافة الشنآن، وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول، ومتابعته على أمره، ففي ذلك الرشاد والسعادة .

موقف النبي(صلّى الله عليه وآله) من أبي طالب(عليه السلام):
ثم هناك ترحّم النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) عليه، واستغفاره له باستمرار، وجزعه عليه عند موته .
ولا يصح الترحّم إلا على المسلم، ولأجل ذلك قال(صلى الله عليه وآله) لسفانة بنت حاتم الطائي: لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه .

شفاعة النبي (صلّى الله عليه وآله) له:
وورد عنه(صلى الله عليه وآله) أيضاً قوله: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي، وأمي، وعمي أبي طالب، وأخ لي كان في الجاهلية . فإن الشفاعة لا تحل لمشرك.

إقراره على زواجه بمسلمة:
وسئل الإمام السجاد(عليه السلام) عن إيمان أبي طالب(عليه السلام)، فقال: واعجباً، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمةً على نكاح كافرٍ؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: الصحيح من سيرة البني الأعظم(صلى الله علي وآله): السيد جعفر المرتضى، ج4، ص10 – 25.

2760 مشاهدة | 16-07-2012
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة