30/4/2018م
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقية الله في الأرضين.
مرحباً بكم كثيراً يا أعزائي، لقد نوّرتم أجواء حسينيتنا بحضوركم الصادق الإيماني الثوري وبكلماتكم وبآرائكم، وأذقتمونا حلاوة اللقاء بحشدٍ عظيمٍ من الطبقة الكادحة المؤمنة المضحّية. الحق أن مجتمعنا العمالي ـ كما أشاروا وقلتُ أنا مراراً ـ طبقة مخلصة مؤمنة صادقة كادحة، ليست كادحة في المعمل فقط بل كادحة أيضاً في أجواء الثورة لأصل الثورة وللدفاع عن الثورة وفي فترة الحرب المفروضة.
اليوم قريب من يوم النصف من شعبان، فأشير إشارة [مختصرة] إلى عيد النصف من شعبان؛ فالنصف من شعبان هو مظهر الأمل بالمستقبل؛ أي إنَّ كُلَّ الآمال التي نحملها بشيء معين قد تتحقق وقد لا تتحقق، لكن الأمل بالإصلاح النهائي بواسطة الوليّ المطلق للحق تعالى سيدنا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه وأرواحنا فداه) أملٌ لا يقبل التخلف. «السَّلامُ عَلَيك يا وَعدَ اللهِ الَّذي ضَمِنَه» (2)، إنَّه وعد الله المضمون. «السَّلامُ عَلَيك اَيهَا العَلَمُ المَنصُوبُ والعِلمُ المَصبُوبُ والغَوثُ والرَّحمَةُ الوَاسِعَةُ وَعداً غَيرَ مَكذُوب» (3). هذا وعدٌ إلهي لا يقبل التخلف. وليس هذا ما نقوله نحن الشيعة فقط، لا يقوله المسلمون فقط، بل إنَّ كل أديان العالم تنتظر مثل ذلك اليوم. وميزتنا هي أننا نعرف الشخص المقصود ونشعر بوجوده ونؤمن بحضوره ونتكلم معه ونخاطبه ونطلب منه وهو يجيبنا. هذا هو الفرق. أما الآخرون ـ المسلمون غير الشيعة أو المتدينون غير المسلمين ـ فيعتقدون بشيء غير واضح، لكننا نحن الشيعة لا [لسنا كذلك]، واضح ما الذي نريده ومع من نتكلم. النصف من شعبان يوم الأمل. أعزائي، أيها الشباب الأعزاء، أيها العمال الأعزاء، اعرفوا قدر الأمل، وحافظوا عليه في قلوبكم، الأمل بتغيّر وجه العالم المُظلم الحالك المشوّة القابع اليوم تحت هيمنة القوى الكبرى. اعلموا وثقوا أنَّ هذا الوضع سوف يتغير، وكونوا على ثقة بأنَّ أجواء الظلم والجور التي تشاهدونها في العالم اليوم والعسف ومنطق القوة وسوء الكلام والخبث والرذالة ـ ومظهرها الزعماء الأمريكيين والزعماء الصهاينة وآخرون غيرهم على هذا النحو بدرجات تزيد أو تنقص ـ هذا شيءٌ سوف يتغير بلا شك، وهذا هو الأمل الذي نحمله. يجب أن نساعد ونطلب من الله ونسعى نحن لتقديم هذا اليوم وتقريبه إن شاء الله.
وأشير إشارة أيضاً إلى شهر شعبان. ينبغي عدم الغفلة عن شهر شعبان. شهر شعبان عيدٌ من أوّله إلى آخره، مثله مثل شهر رمضان الذي هو عيدٌ من أوله إلى آخره أيضاً، [إنه] عيد أولياء الله. كل يوم يستطيع فيه الإنسان أن يهتم لنقاء روحه ونورانية قلبه فذلك اليوم يومٌ مغتنمٌ وهو يوم عيد. شهر شعبان شهر هذه الفرص منذ يومه الأول إلى يومه الأخير. الاستغفار في هذا الشهر، والدعاء في هذا الشهر، والزيارة في هذا الشهر، والتضرّع في هذا الشهر، وقراءة القرآن في هذا الشهر، وأداء الصلاة في هذا الشهر، هذه كلها فُرص. إننا يجب أن نبذل كل جهدنا لعمارة الدنيا وهذا مما لا شكَّ فيه، ولكن ينبغي أن نسعى لعمارة القلوب أيضاً، يجب أن نعمّر قلوبنا، فبالقلب العامر يمكن خلق عالم جيد. إذا لم يكن القلب عامراً، وإذا كان القلب كدراً أسوداً مذنباً فقد يستطيع التقدم بالتقنية إلى الأمام ويصل بالتقانة إلى الوضع الذي هي عليه اليوم وأكثر، لكنَّ العالم لن يكون عالماً حلواً طيباً، سيكون العالم عالماً مرّاً تنعدم فيه العدالة. العالم الحلو يتحقق عندما تكون قلوب أصحاب القرار والعاملون والمتحرّكون والمبادرون، وإذا أمكن قلوب عامة الناس، عامرةً منيرةً. لا تغفلوا عن شهر شعبان.
أقول شيئاً عن قضايا العمل والعمال، وأقول شيئاً باختصار عن القضايا العالمية التي تواجهنا. فيما يتعلق بقضايا العمال، تعتبر القوى البشرية واحدة من أكبر [وأهم] ثروات أي بلد. أي إنَّ قيمة وجود العامل والمصمّم والمهندس والناشط للإنتاج في أي مجال في البلاد أكبر بكثير من [قيمة] المصادر الجوفية ومن الذهب ومن النفط ومن الماس وما شاكل. فهذا هو ما يمكنه أن يعمّر بلداً. لاحظوا الآن أنَّ هناك بلداناً ينتج فيها كل أو أكثر ماس العالم لكنهم يعيشون في تعاسة وفقر، لماذا؟ لأنهم لا يمتلكون الطاقات البشرية الكافية ولا يمتلكون القوى الإنسانية، لا يمتلكون القوى الإنسانية المفكرة. القوى الإنسانية هي أكبر ثروة في أي بلد، وأنتم هي تلك القوى الإنسانية. أنتم العمال وأنتم صانعي فرص العمل، وأنتم المهندسين، وأنتم المصممين، وأنتم الناشطين في مختلف المجالات، أنتم القوى الإنسانية. هذه هي القيمة العالية للقوى الإنسانية، وطبقة العمال هي جزء من هذه القيمة الراقية وهذه الثروة العظيمة.
جهود عمّالنا جهود تفوق الحدّ المألوف والمتوسط في العالم من حيث القيمة. هذا ما قلته مراراً حول القطاعات المختلفة، حول الطلبة الجامعيين، وحول المحققين والباحثين، ثم إنَّ التقارير التي يرفعونها تؤيد كلها هذا المعنى، وهذا ما أعتقده بخصوص العمال أيضاً. العامل الإيراني من أفضل العمال في العالم؛ أي إنَّ يده الفنانة وفكره ودوافعه العالية أرقى من المتوسط العالمي. وهذا في حين لم يكن هناك اهتمام بالعمل والعامل والمجتمع العمالي والإنتاج والقضايا الوطنية خلال عهد القمع وفترة الظلم البهلوي (4) وقبل ذلك خلال حقبة الغفلة والنوم الدائم القاجاري (5). طبعاً كان الوضع هكذا في العهد القاجاري بسبب الحماقة والتخلف الذهني، وفي العهد البهلوي بسبب الخيانة. ومع ذلك اكتسبت قوى العمل والعمال خلال فترة الثورة حراكاً ونشاطاً جديداً وتقدّمت من حيث الكمّ والكيف، ونحن نشاهد أنَّ متوسط القدرات والمميزات لدى العامل الإيراني أعلى من المتوسط العالمي.
كان هنا بالأمس معرضٌ صغيرٌ للمنتجات الداخلية قمت بزيارته (6)، ذهبتُ وشاهدتُ لعدة ساعات هذا المعرض واطلعتُ على أعمالكم. الحق [يُقال] أنه ينبغي تقبيل يد العامل الإيراني الفنانة، يجب تقبيل أياديكم. هذا الإنتاج الداخلي القيّم من حيث الكيفية على الرغم من كلِّ هذه المشاكل التي عندنا وعلى الرغم من الحظر الذي يمنع المواد الأولية [الخام] ويمنع الآلات المتطورة، ومع أنّ مستكبري العالم يخلقون لنا شتى أنواع المشاكل، ومع ذلك عندما ينظر المرء للمنتجات يتعجّب من تميّزها! وقد كانت هناك كل الأشياء. عشرات الشركات جاءت بمنتجاتها ـ هذه المنتجات والأعمال نفسها التي تنجزونها أنتم ـ إلى هنا وعرضتها، من أقمشة وأحذية وملابس وأثاث وخزف وكريستال إلى الأدوية ولوازم التجميل والأدوات المنزلية والثلاجات والأدوات والقرطاسية وكل شيء، وهو ما عرضوه علينا هنا بالأمس ـ وقد طالت الزيارة عدة ساعات ـ كانت كلها مميزة وممتازة. في الحقيقة ينحني الإنسان مبجِّلاً للقوى العاملة الداخلية! وعندما أقول دعم البضائع الإيرانية إمّا لا يُصدِّق البعض أو لا يعملون! دعم البضائع الإيرانية يعني دعم هذا العامل ودعم قوى العمل ودعم الإنتاج. إنه دعم شامل، وعلى الناس ممارسة هذا الدعم، وعلى الحكومة أيضاً القيام بهذا الدعم، على الجميع أن ينهضوا بهذا الدعم.
طرحوا مشكلات هي مشكلات صنّاع فرص العمل، وهي أيضاً مشكلات العامل، مشكلات الضمان ومشكلات قلة الإمكانيات ومشكلات السيولة النقدية ومشكلات الضرائب، ومشكلات المصارف والبنوك، ومشكلات وزارة الاقتصاد، ومشكلات من نواح مختلفة، يجب حلّ هذه المشكلات، وينبغي العمل والمبادرة بنحو جازم وكامل لإزالة هذه المشكلات. عندما تُزال هذه المشكلات، وعندما تدعم البضائع الإيرانية، وعندما يُعرف قدر العمل الذي ينجزه العامل الإيراني، عندها لن نشهد معملاً يقول: «إننا نعمل بثلث القدرة الإنتاجية». وقد قال لنا البعض هذا الشيء بالأمس إن لنا هذه الإمكانيات ونعمل بهذه الطريقة: نعمل بثلث القدرة أو بنصف القدرة. لماذا؟ أين ثلثي عمّالهم الآخرين؟ هذا ما سيكوِّن بطالة متراكمة في البلاد. عندما نقول «دعم البضائع الإيرانية» فمعنى ذلك خلق فرص عمل وأعمال وأن لا يبقى العامل بلا عمل، وبمعنى أن لا يبقى شبابنا المتعلم يفكّر بالجلوس خلف طاولات الدوائر، بل يعلم أنه يستطيع العمل في القطاعات المختلفة بما يتناسب وشأنه. إذا حصل دعم البضائع الإيرانية فسيحصل هذا. لماذا يُصرّ البعض على إلقاء أموالهم في جيوب الشركات الأجنبية؟ أيّ داءٍ هذا أنه يجب استهلاك البضاعة الأجنبية؟ أحياناً لا يكون لدينا بضاعة إيرانية مماثلة، لا بأس، لا نقاش هنا. ثمة بعض البضائع لا يكون من المجدي إنتاجها في الداخل، وهي غير مجدية، لا بأس. لا يوجد لدينا في الداخل مماثلاتها الإيرانية، ولكن حين يكون هناك في الداخل بضاعة مماثلة إيرانية تنتج في الداخل وترتقي في بعض الأحيان إلى مستوى البضاعة الأجنبية من حيث الجودة وتفوقها في بعض الأحيان، فلماذا يجب أن يُصرّ البعض على استهلاك البضاعة الأجنبية والماركة الأجنبية الفلانية وما شاكل؟ أيّ داءٍ هذا؟ أيّ سوء فهمٍ واعوجاج فهمٍ يعاني منه البعض؟ لنقم باستهلاك البضائع الإيرانية، لنقرّر، المؤسسات الكبيرة، والحكومة ذاتها، والآخرون والكل، ليقرروا دعم البضائع الإيرانية. ليس لدينا تعصبٌ ضد الآخرين ولا نريد معاداتهم بل نريد أن ندفع أبناءنا وشبابنا وعمّالنا نحو العمل، نريد أن نشغلهم بالعمل وننقذهم من مضرات البطالة. للبطالة كثيرٌ من المضرات، لها مضار اجتماعية، ولها مضار أمنية، ولها مضار أخلاقية، لها شتى صنوف المضار. هذا ما نريده، السبيل إلى ذلك هو دعم البضائع الإيرانية. ينبغي التحيّز للبضائع الإيرانية والإنتاج الإيراني ودعمه.
وهذه هي خير مجابهة للعدو. لاحظوا يا أعزائي، لقد أدرك أعداؤنا وعلموا أنهم لن ينتفعوا شيئاً في الحرب العسكرية الصلدة [المباشرة]. قبل سنوات من الآن قال أحد الرؤساء الأمريكيين ـ وقد كان هو أيضاً مثل هذا (7) سيّئ الأخلاق وهجّاء ويقول كلاماً فارغاً ـ قال أشياء ضدنا. وقد قلتُ حينها في إحدى الكلمات "إنّ عهد توجيه الضربات والفرار قد ولّى، فإذا ضربتم سوف تتلقون ضربة" (8). وهذا ما يعلمونه، يعلمون أنهم إذا دخلوا حلبة الاشتباك والنزاع الصلد والعسكري معنا فسوف يتورطون. نعم، سوف يتسببون لنا بالضرر، لكنهم قد ينالوا أضعاف ذلك الضرر. هذا ما أدركوه. والسبيل الذي وجدوه هو الحرب الاقتصادية والحرب الثقافية وما شاكل. وللجانب الثقافي محله، لكن المطروح اليوم بالنسبة لأعدائنا هو الحرب الاقتصادية. غرفة عمليات أمريكا ضدّنا عبارة عن وزارة الخزانة الأمريكية التي هي وزارة اقتصادهم وماليتهم. هناك أقاموا غرفة عمليات ضدنا. حسنٌ، ما هو السبيل لمواجهة الحرب الاقتصادية؟ هو أن نهتمّ باقتصادنا في الداخل. عندما يكون اقتصادنا تابعاً فستكون هناك مشكلات. طبعاً أنا لا أعتقد بأنه يجب قطع العلاقات الاقتصادية مع العالم أو أنَّ بالمستطاع قطعها، واضح أنه لا يمكن قطعها، فالعالم اليوم مترابط كله ومتصل بعضه ببعض، لكن الاعتماد على الخارج خطأ في خطأ. يجب عدم الاعتماد. نعم، ليذهبوا ويقيموا علاقات مع العالم بذكاء وتدبير وسياسة صحيحة ومتابعة صائبة. العالم كبير، ليس العالم أمريكا وبعض البلدان الأوروبية فقط. العالم واسع جداً، ليذهبوا ويقيموا علاقات بالمقدار اللازم ولكن لا تتسمّر أعينهم على أية قوة خارجية، لتتركز أنظارهم على العنصر الداخلي، لينظروا إلى هذه القيمة الكبيرة: القوى الإنسانية الداخلية. عندما يشاهد الشعب أننا نحن المسؤولين نصرّ على حلّ مشكلاتنا في الداخل والاستفادة من طاقات الداخل فسوف يتحمّل ويساعدنا حتى لو سبّب ذلك له بعض الصعاب. هذا ما ينبغي على مسؤولي البلاد المحترمين التنبّه له وهو عدم التوكّؤ على الخارج.
من طرق الأمريكيين لمواجهة نظام الجمهورية الإسلامية المستقل والمطالب بالحرية ـ وهم يعارضون مطالبته بالحرية هذه ويعارضون استقلاله، ويقولون انضووا تحت لوائنا ومظلتنا وأطيعوا أوامرنا وخططوا سياساتكم طبقاً لإرادتنا لأن أسلحتنا أكثر وقوتنا أكثر وأموالنا أكثر، هذا ما يريدونه ـ من طرقهم هو هذا العمل الاقتصادي. وطريق آخر ـ من أجل أن تطلعوا وتتنبّهوا ـ تحريض بعض الحكومات القليلة الفهم، وما عسانا نقول ونعبّر! الحكومات عديمة التنبّه في منطقتنا، تحريضها على خلق خلافات واشتباكات ومعارك وما شاكل. يذهب الأمريكيون ويجتمعون بالسعوديين ليحرضوهم ضد الجمهورية الإسلامية. إذا كنتم تريدون التحريض فلماذا لا تحرضون الصهاينة وهم خدامكم، وهم بمعنى من المعاني خدامهم وبمعنى آخر سادتهم؟ فلماذا تحرضون أولئك التعساء السعوديين؟ يقولون نريد أن تنشب حربٌ بين المسلم والمسلم. من خططهم تشجيع وتحريض وحث بلدان من هذا القبيل ـ وقد ذكرت السعوديين الآن كمثال ـ لمواجهة الجمهورية الإسلامية ومجابهتها والوقوف ضدها وجهاً لوجه. إذا كان لديهم عقل فيجب أن لا ينخدعوا بتحريضات هذا العدو، وإذا جابهوا الجمهورية الإسلامية وجهاً لوجه فسوف يتلقون ضربة بالتأكيد ويخسرون. إنهم يريدون أن لا يتحملوا هم تكاليف مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية وشعب إيران المقتدر، بل يلقون التكاليف على عاتق هذا القبيل من الحكومات في المنطقة.
يجب على الأمريكيين أن يغادروا منطقة غرب آسيا. من ينبغي أن تقطع قدمه عن هذه المنطقة هو أمريكا وليس الجمهورية الإسلامية.
مهمّة أمريكا زعزعة الأمن، وأين ما وضع الأمريكيون أقدامهم خلال هذه السنوات زعزعوا الأمن. أين ما ذهبوا ـ سواء في منطقة غرب آسيا حيث نحن أو في مناطق أخرى من العالم ـ أين ما ذهبوا زعزعوا الأمن وأزالوه. إما أنهم أطلقوا حرباً داخلية أو اقتتالاً بين الإخوة أو جلبوا التعاسة للناس أين ما ذهبوا. لذلك ينبغي إزالة الوجود الأمريكي في منطقة غرب آسيا، ويجب على الأمريكيين أن يغادروا منطقة غرب آسيا. من ينبغي أن تقطع قدمه عن هذه المنطقة هو أمريكا وليس الجمهورية الإسلامية. نحن الجمهورية الإسلامية، ونحن أهل هذه المنطقة، والخليج الفارسي دارنا، وغرب آسيا دارنا، هنا دارنا، وأنتم الأجانب وجئتم من مكان بعيد ولكم أهداف خبيثة وتريدون زرع الفتنة، أنتم من يجب أن تغادروا. واعلموا أن الأمريكيين وأمثالهم سوف تقطع أقدامهم عن هذه المنطقة.
من الأمور التي أشدّد عليها في مضمار دعم البضائع الإيرانية وقد قلتُ ذلك مراراً ـ والسيد الوزير حاضر هنا أيضاً ـ ويجب متابعته بجدّ إن شاء الله في الحكومة، قضية الحؤول دون الاستيراد المنفلت والحيلولة الجادة دون التهريب، وهذه هي شكوى وعتاب الكثير من هؤلاء المسؤولين والناشطين في مجال إنتاج البضائع الإيرانية مثل صنّاع فرص العمل والمستثمرين والعمّال المهرة وآخرين، شكواهم أنَّ البضائع الأجنبية تدخل ومعظمها بجودة منخفضة وتتنافس ـ تنافساً غير متكافئ وغير متوازن ـ مع البضائع الداخلية وتحد من انتشار البضائع الداخلية. هذه من جملة الأمور التي ينبغي الحؤول دونها بالتأكيد. طبعاً الأمور التي طرحها السيد الوزير اليوم هنا والأعمال التي تم إنجازها أو يجري إنجازها هي أيضاً أعمال قيمة، فليتابعوا الموضوع إن شاء الله ليتحقق المطلوب وتظهر نتائج الأعمال وتكون محسوسة وملموسة، ويكون مجتمعنا العمالي وخصوصاً عمالنا الشباب الأعزاء متفائلين بالمستقبل مطمئنين له أكثر فأكثر إن شاء الله.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الهوامش:
في بداية هذا اللقاء ألقى السيد علي ربيعي وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي كلمة وقدّم تقرير عمل بالمناسبة.
جانب من زيارة آل ياسين.
الاحتجاج، ج 2، ص 493 (زيارة آل ياسين).
إشارة إلى النظام البهلوي الشاهنشاهي البائد.
إشارة إلى الدولة القاجارية التي حكمت إيران قبل الدولة البهلوية.
زيارة سماحته لمعرض البضائع الإيرانية الذي أقيم في حسينية الإمام الخميني (رحمه الله) بتاريخ 29/04/2018 م.
كناية عن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
من ذلك كلمة سماحته في لقائه بمسؤولي البلاد ومدراء الدولة بتاريخ 22/09/2007 م.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيّما بقية الله في الأرضين.
مرحباً بكم كثيراً يا أعزائي، لقد نوّرتم أجواء حسينيتنا بحضوركم الصادق الإيماني الثوري وبكلماتكم وبآرائكم، وأذقتمونا حلاوة اللقاء بحشدٍ عظيمٍ من الطبقة الكادحة المؤمنة المضحّية. الحق أن مجتمعنا العمالي ـ كما أشاروا وقلتُ أنا مراراً ـ طبقة مخلصة مؤمنة صادقة كادحة، ليست كادحة في المعمل فقط بل كادحة أيضاً في أجواء الثورة لأصل الثورة وللدفاع عن الثورة وفي فترة الحرب المفروضة.
اليوم قريب من يوم النصف من شعبان، فأشير إشارة [مختصرة] إلى عيد النصف من شعبان؛ فالنصف من شعبان هو مظهر الأمل بالمستقبل؛ أي إنَّ كُلَّ الآمال التي نحملها بشيء معين قد تتحقق وقد لا تتحقق، لكن الأمل بالإصلاح النهائي بواسطة الوليّ المطلق للحق تعالى سيدنا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه وأرواحنا فداه) أملٌ لا يقبل التخلف. «السَّلامُ عَلَيك يا وَعدَ اللهِ الَّذي ضَمِنَه» (2)، إنَّه وعد الله المضمون. «السَّلامُ عَلَيك اَيهَا العَلَمُ المَنصُوبُ والعِلمُ المَصبُوبُ والغَوثُ والرَّحمَةُ الوَاسِعَةُ وَعداً غَيرَ مَكذُوب» (3). هذا وعدٌ إلهي لا يقبل التخلف. وليس هذا ما نقوله نحن الشيعة فقط، لا يقوله المسلمون فقط، بل إنَّ كل أديان العالم تنتظر مثل ذلك اليوم. وميزتنا هي أننا نعرف الشخص المقصود ونشعر بوجوده ونؤمن بحضوره ونتكلم معه ونخاطبه ونطلب منه وهو يجيبنا. هذا هو الفرق. أما الآخرون ـ المسلمون غير الشيعة أو المتدينون غير المسلمين ـ فيعتقدون بشيء غير واضح، لكننا نحن الشيعة لا [لسنا كذلك]، واضح ما الذي نريده ومع من نتكلم. النصف من شعبان يوم الأمل. أعزائي، أيها الشباب الأعزاء، أيها العمال الأعزاء، اعرفوا قدر الأمل، وحافظوا عليه في قلوبكم، الأمل بتغيّر وجه العالم المُظلم الحالك المشوّة القابع اليوم تحت هيمنة القوى الكبرى. اعلموا وثقوا أنَّ هذا الوضع سوف يتغير، وكونوا على ثقة بأنَّ أجواء الظلم والجور التي تشاهدونها في العالم اليوم والعسف ومنطق القوة وسوء الكلام والخبث والرذالة ـ ومظهرها الزعماء الأمريكيين والزعماء الصهاينة وآخرون غيرهم على هذا النحو بدرجات تزيد أو تنقص ـ هذا شيءٌ سوف يتغير بلا شك، وهذا هو الأمل الذي نحمله. يجب أن نساعد ونطلب من الله ونسعى نحن لتقديم هذا اليوم وتقريبه إن شاء الله.
وأشير إشارة أيضاً إلى شهر شعبان. ينبغي عدم الغفلة عن شهر شعبان. شهر شعبان عيدٌ من أوّله إلى آخره، مثله مثل شهر رمضان الذي هو عيدٌ من أوله إلى آخره أيضاً، [إنه] عيد أولياء الله. كل يوم يستطيع فيه الإنسان أن يهتم لنقاء روحه ونورانية قلبه فذلك اليوم يومٌ مغتنمٌ وهو يوم عيد. شهر شعبان شهر هذه الفرص منذ يومه الأول إلى يومه الأخير. الاستغفار في هذا الشهر، والدعاء في هذا الشهر، والزيارة في هذا الشهر، والتضرّع في هذا الشهر، وقراءة القرآن في هذا الشهر، وأداء الصلاة في هذا الشهر، هذه كلها فُرص. إننا يجب أن نبذل كل جهدنا لعمارة الدنيا وهذا مما لا شكَّ فيه، ولكن ينبغي أن نسعى لعمارة القلوب أيضاً، يجب أن نعمّر قلوبنا، فبالقلب العامر يمكن خلق عالم جيد. إذا لم يكن القلب عامراً، وإذا كان القلب كدراً أسوداً مذنباً فقد يستطيع التقدم بالتقنية إلى الأمام ويصل بالتقانة إلى الوضع الذي هي عليه اليوم وأكثر، لكنَّ العالم لن يكون عالماً حلواً طيباً، سيكون العالم عالماً مرّاً تنعدم فيه العدالة. العالم الحلو يتحقق عندما تكون قلوب أصحاب القرار والعاملون والمتحرّكون والمبادرون، وإذا أمكن قلوب عامة الناس، عامرةً منيرةً. لا تغفلوا عن شهر شعبان.
أقول شيئاً عن قضايا العمل والعمال، وأقول شيئاً باختصار عن القضايا العالمية التي تواجهنا. فيما يتعلق بقضايا العمال، تعتبر القوى البشرية واحدة من أكبر [وأهم] ثروات أي بلد. أي إنَّ قيمة وجود العامل والمصمّم والمهندس والناشط للإنتاج في أي مجال في البلاد أكبر بكثير من [قيمة] المصادر الجوفية ومن الذهب ومن النفط ومن الماس وما شاكل. فهذا هو ما يمكنه أن يعمّر بلداً. لاحظوا الآن أنَّ هناك بلداناً ينتج فيها كل أو أكثر ماس العالم لكنهم يعيشون في تعاسة وفقر، لماذا؟ لأنهم لا يمتلكون الطاقات البشرية الكافية ولا يمتلكون القوى الإنسانية، لا يمتلكون القوى الإنسانية المفكرة. القوى الإنسانية هي أكبر ثروة في أي بلد، وأنتم هي تلك القوى الإنسانية. أنتم العمال وأنتم صانعي فرص العمل، وأنتم المهندسين، وأنتم المصممين، وأنتم الناشطين في مختلف المجالات، أنتم القوى الإنسانية. هذه هي القيمة العالية للقوى الإنسانية، وطبقة العمال هي جزء من هذه القيمة الراقية وهذه الثروة العظيمة.
جهود عمّالنا جهود تفوق الحدّ المألوف والمتوسط في العالم من حيث القيمة. هذا ما قلته مراراً حول القطاعات المختلفة، حول الطلبة الجامعيين، وحول المحققين والباحثين، ثم إنَّ التقارير التي يرفعونها تؤيد كلها هذا المعنى، وهذا ما أعتقده بخصوص العمال أيضاً. العامل الإيراني من أفضل العمال في العالم؛ أي إنَّ يده الفنانة وفكره ودوافعه العالية أرقى من المتوسط العالمي. وهذا في حين لم يكن هناك اهتمام بالعمل والعامل والمجتمع العمالي والإنتاج والقضايا الوطنية خلال عهد القمع وفترة الظلم البهلوي (4) وقبل ذلك خلال حقبة الغفلة والنوم الدائم القاجاري (5). طبعاً كان الوضع هكذا في العهد القاجاري بسبب الحماقة والتخلف الذهني، وفي العهد البهلوي بسبب الخيانة. ومع ذلك اكتسبت قوى العمل والعمال خلال فترة الثورة حراكاً ونشاطاً جديداً وتقدّمت من حيث الكمّ والكيف، ونحن نشاهد أنَّ متوسط القدرات والمميزات لدى العامل الإيراني أعلى من المتوسط العالمي.
كان هنا بالأمس معرضٌ صغيرٌ للمنتجات الداخلية قمت بزيارته (6)، ذهبتُ وشاهدتُ لعدة ساعات هذا المعرض واطلعتُ على أعمالكم. الحق [يُقال] أنه ينبغي تقبيل يد العامل الإيراني الفنانة، يجب تقبيل أياديكم. هذا الإنتاج الداخلي القيّم من حيث الكيفية على الرغم من كلِّ هذه المشاكل التي عندنا وعلى الرغم من الحظر الذي يمنع المواد الأولية [الخام] ويمنع الآلات المتطورة، ومع أنّ مستكبري العالم يخلقون لنا شتى أنواع المشاكل، ومع ذلك عندما ينظر المرء للمنتجات يتعجّب من تميّزها! وقد كانت هناك كل الأشياء. عشرات الشركات جاءت بمنتجاتها ـ هذه المنتجات والأعمال نفسها التي تنجزونها أنتم ـ إلى هنا وعرضتها، من أقمشة وأحذية وملابس وأثاث وخزف وكريستال إلى الأدوية ولوازم التجميل والأدوات المنزلية والثلاجات والأدوات والقرطاسية وكل شيء، وهو ما عرضوه علينا هنا بالأمس ـ وقد طالت الزيارة عدة ساعات ـ كانت كلها مميزة وممتازة. في الحقيقة ينحني الإنسان مبجِّلاً للقوى العاملة الداخلية! وعندما أقول دعم البضائع الإيرانية إمّا لا يُصدِّق البعض أو لا يعملون! دعم البضائع الإيرانية يعني دعم هذا العامل ودعم قوى العمل ودعم الإنتاج. إنه دعم شامل، وعلى الناس ممارسة هذا الدعم، وعلى الحكومة أيضاً القيام بهذا الدعم، على الجميع أن ينهضوا بهذا الدعم.
طرحوا مشكلات هي مشكلات صنّاع فرص العمل، وهي أيضاً مشكلات العامل، مشكلات الضمان ومشكلات قلة الإمكانيات ومشكلات السيولة النقدية ومشكلات الضرائب، ومشكلات المصارف والبنوك، ومشكلات وزارة الاقتصاد، ومشكلات من نواح مختلفة، يجب حلّ هذه المشكلات، وينبغي العمل والمبادرة بنحو جازم وكامل لإزالة هذه المشكلات. عندما تُزال هذه المشكلات، وعندما تدعم البضائع الإيرانية، وعندما يُعرف قدر العمل الذي ينجزه العامل الإيراني، عندها لن نشهد معملاً يقول: «إننا نعمل بثلث القدرة الإنتاجية». وقد قال لنا البعض هذا الشيء بالأمس إن لنا هذه الإمكانيات ونعمل بهذه الطريقة: نعمل بثلث القدرة أو بنصف القدرة. لماذا؟ أين ثلثي عمّالهم الآخرين؟ هذا ما سيكوِّن بطالة متراكمة في البلاد. عندما نقول «دعم البضائع الإيرانية» فمعنى ذلك خلق فرص عمل وأعمال وأن لا يبقى العامل بلا عمل، وبمعنى أن لا يبقى شبابنا المتعلم يفكّر بالجلوس خلف طاولات الدوائر، بل يعلم أنه يستطيع العمل في القطاعات المختلفة بما يتناسب وشأنه. إذا حصل دعم البضائع الإيرانية فسيحصل هذا. لماذا يُصرّ البعض على إلقاء أموالهم في جيوب الشركات الأجنبية؟ أيّ داءٍ هذا أنه يجب استهلاك البضاعة الأجنبية؟ أحياناً لا يكون لدينا بضاعة إيرانية مماثلة، لا بأس، لا نقاش هنا. ثمة بعض البضائع لا يكون من المجدي إنتاجها في الداخل، وهي غير مجدية، لا بأس. لا يوجد لدينا في الداخل مماثلاتها الإيرانية، ولكن حين يكون هناك في الداخل بضاعة مماثلة إيرانية تنتج في الداخل وترتقي في بعض الأحيان إلى مستوى البضاعة الأجنبية من حيث الجودة وتفوقها في بعض الأحيان، فلماذا يجب أن يُصرّ البعض على استهلاك البضاعة الأجنبية والماركة الأجنبية الفلانية وما شاكل؟ أيّ داءٍ هذا؟ أيّ سوء فهمٍ واعوجاج فهمٍ يعاني منه البعض؟ لنقم باستهلاك البضائع الإيرانية، لنقرّر، المؤسسات الكبيرة، والحكومة ذاتها، والآخرون والكل، ليقرروا دعم البضائع الإيرانية. ليس لدينا تعصبٌ ضد الآخرين ولا نريد معاداتهم بل نريد أن ندفع أبناءنا وشبابنا وعمّالنا نحو العمل، نريد أن نشغلهم بالعمل وننقذهم من مضرات البطالة. للبطالة كثيرٌ من المضرات، لها مضار اجتماعية، ولها مضار أمنية، ولها مضار أخلاقية، لها شتى صنوف المضار. هذا ما نريده، السبيل إلى ذلك هو دعم البضائع الإيرانية. ينبغي التحيّز للبضائع الإيرانية والإنتاج الإيراني ودعمه.
وهذه هي خير مجابهة للعدو. لاحظوا يا أعزائي، لقد أدرك أعداؤنا وعلموا أنهم لن ينتفعوا شيئاً في الحرب العسكرية الصلدة [المباشرة]. قبل سنوات من الآن قال أحد الرؤساء الأمريكيين ـ وقد كان هو أيضاً مثل هذا (7) سيّئ الأخلاق وهجّاء ويقول كلاماً فارغاً ـ قال أشياء ضدنا. وقد قلتُ حينها في إحدى الكلمات "إنّ عهد توجيه الضربات والفرار قد ولّى، فإذا ضربتم سوف تتلقون ضربة" (8). وهذا ما يعلمونه، يعلمون أنهم إذا دخلوا حلبة الاشتباك والنزاع الصلد والعسكري معنا فسوف يتورطون. نعم، سوف يتسببون لنا بالضرر، لكنهم قد ينالوا أضعاف ذلك الضرر. هذا ما أدركوه. والسبيل الذي وجدوه هو الحرب الاقتصادية والحرب الثقافية وما شاكل. وللجانب الثقافي محله، لكن المطروح اليوم بالنسبة لأعدائنا هو الحرب الاقتصادية. غرفة عمليات أمريكا ضدّنا عبارة عن وزارة الخزانة الأمريكية التي هي وزارة اقتصادهم وماليتهم. هناك أقاموا غرفة عمليات ضدنا. حسنٌ، ما هو السبيل لمواجهة الحرب الاقتصادية؟ هو أن نهتمّ باقتصادنا في الداخل. عندما يكون اقتصادنا تابعاً فستكون هناك مشكلات. طبعاً أنا لا أعتقد بأنه يجب قطع العلاقات الاقتصادية مع العالم أو أنَّ بالمستطاع قطعها، واضح أنه لا يمكن قطعها، فالعالم اليوم مترابط كله ومتصل بعضه ببعض، لكن الاعتماد على الخارج خطأ في خطأ. يجب عدم الاعتماد. نعم، ليذهبوا ويقيموا علاقات مع العالم بذكاء وتدبير وسياسة صحيحة ومتابعة صائبة. العالم كبير، ليس العالم أمريكا وبعض البلدان الأوروبية فقط. العالم واسع جداً، ليذهبوا ويقيموا علاقات بالمقدار اللازم ولكن لا تتسمّر أعينهم على أية قوة خارجية، لتتركز أنظارهم على العنصر الداخلي، لينظروا إلى هذه القيمة الكبيرة: القوى الإنسانية الداخلية. عندما يشاهد الشعب أننا نحن المسؤولين نصرّ على حلّ مشكلاتنا في الداخل والاستفادة من طاقات الداخل فسوف يتحمّل ويساعدنا حتى لو سبّب ذلك له بعض الصعاب. هذا ما ينبغي على مسؤولي البلاد المحترمين التنبّه له وهو عدم التوكّؤ على الخارج.
من طرق الأمريكيين لمواجهة نظام الجمهورية الإسلامية المستقل والمطالب بالحرية ـ وهم يعارضون مطالبته بالحرية هذه ويعارضون استقلاله، ويقولون انضووا تحت لوائنا ومظلتنا وأطيعوا أوامرنا وخططوا سياساتكم طبقاً لإرادتنا لأن أسلحتنا أكثر وقوتنا أكثر وأموالنا أكثر، هذا ما يريدونه ـ من طرقهم هو هذا العمل الاقتصادي. وطريق آخر ـ من أجل أن تطلعوا وتتنبّهوا ـ تحريض بعض الحكومات القليلة الفهم، وما عسانا نقول ونعبّر! الحكومات عديمة التنبّه في منطقتنا، تحريضها على خلق خلافات واشتباكات ومعارك وما شاكل. يذهب الأمريكيون ويجتمعون بالسعوديين ليحرضوهم ضد الجمهورية الإسلامية. إذا كنتم تريدون التحريض فلماذا لا تحرضون الصهاينة وهم خدامكم، وهم بمعنى من المعاني خدامهم وبمعنى آخر سادتهم؟ فلماذا تحرضون أولئك التعساء السعوديين؟ يقولون نريد أن تنشب حربٌ بين المسلم والمسلم. من خططهم تشجيع وتحريض وحث بلدان من هذا القبيل ـ وقد ذكرت السعوديين الآن كمثال ـ لمواجهة الجمهورية الإسلامية ومجابهتها والوقوف ضدها وجهاً لوجه. إذا كان لديهم عقل فيجب أن لا ينخدعوا بتحريضات هذا العدو، وإذا جابهوا الجمهورية الإسلامية وجهاً لوجه فسوف يتلقون ضربة بالتأكيد ويخسرون. إنهم يريدون أن لا يتحملوا هم تكاليف مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية وشعب إيران المقتدر، بل يلقون التكاليف على عاتق هذا القبيل من الحكومات في المنطقة.
يجب على الأمريكيين أن يغادروا منطقة غرب آسيا. من ينبغي أن تقطع قدمه عن هذه المنطقة هو أمريكا وليس الجمهورية الإسلامية.
مهمّة أمريكا زعزعة الأمن، وأين ما وضع الأمريكيون أقدامهم خلال هذه السنوات زعزعوا الأمن. أين ما ذهبوا ـ سواء في منطقة غرب آسيا حيث نحن أو في مناطق أخرى من العالم ـ أين ما ذهبوا زعزعوا الأمن وأزالوه. إما أنهم أطلقوا حرباً داخلية أو اقتتالاً بين الإخوة أو جلبوا التعاسة للناس أين ما ذهبوا. لذلك ينبغي إزالة الوجود الأمريكي في منطقة غرب آسيا، ويجب على الأمريكيين أن يغادروا منطقة غرب آسيا. من ينبغي أن تقطع قدمه عن هذه المنطقة هو أمريكا وليس الجمهورية الإسلامية. نحن الجمهورية الإسلامية، ونحن أهل هذه المنطقة، والخليج الفارسي دارنا، وغرب آسيا دارنا، هنا دارنا، وأنتم الأجانب وجئتم من مكان بعيد ولكم أهداف خبيثة وتريدون زرع الفتنة، أنتم من يجب أن تغادروا. واعلموا أن الأمريكيين وأمثالهم سوف تقطع أقدامهم عن هذه المنطقة.
من الأمور التي أشدّد عليها في مضمار دعم البضائع الإيرانية وقد قلتُ ذلك مراراً ـ والسيد الوزير حاضر هنا أيضاً ـ ويجب متابعته بجدّ إن شاء الله في الحكومة، قضية الحؤول دون الاستيراد المنفلت والحيلولة الجادة دون التهريب، وهذه هي شكوى وعتاب الكثير من هؤلاء المسؤولين والناشطين في مجال إنتاج البضائع الإيرانية مثل صنّاع فرص العمل والمستثمرين والعمّال المهرة وآخرين، شكواهم أنَّ البضائع الأجنبية تدخل ومعظمها بجودة منخفضة وتتنافس ـ تنافساً غير متكافئ وغير متوازن ـ مع البضائع الداخلية وتحد من انتشار البضائع الداخلية. هذه من جملة الأمور التي ينبغي الحؤول دونها بالتأكيد. طبعاً الأمور التي طرحها السيد الوزير اليوم هنا والأعمال التي تم إنجازها أو يجري إنجازها هي أيضاً أعمال قيمة، فليتابعوا الموضوع إن شاء الله ليتحقق المطلوب وتظهر نتائج الأعمال وتكون محسوسة وملموسة، ويكون مجتمعنا العمالي وخصوصاً عمالنا الشباب الأعزاء متفائلين بالمستقبل مطمئنين له أكثر فأكثر إن شاء الله.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الهوامش:
في بداية هذا اللقاء ألقى السيد علي ربيعي وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي كلمة وقدّم تقرير عمل بالمناسبة.
جانب من زيارة آل ياسين.
الاحتجاج، ج 2، ص 493 (زيارة آل ياسين).
إشارة إلى النظام البهلوي الشاهنشاهي البائد.
إشارة إلى الدولة القاجارية التي حكمت إيران قبل الدولة البهلوية.
زيارة سماحته لمعرض البضائع الإيرانية الذي أقيم في حسينية الإمام الخميني (رحمه الله) بتاريخ 29/04/2018 م.
كناية عن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
من ذلك كلمة سماحته في لقائه بمسؤولي البلاد ومدراء الدولة بتاريخ 22/09/2007 م.