الثورة والتحوّلات في الداخل والخارج
كانت الثورة بالدرجة الأولى تحوّلًا في المجتمع الإيراني، وبالدرجة الثانية في مجمل الأمّة الإسلاميّة. ومن ثمّ في المعادلات الكبيرة لعالم السياسة؛ إذ غيّرت جغرافيا القوّة في العالم، خصوصًا في بعض مناطق العالم.. كانت الثورة حدثا عظيما. واليوم، راحت هذه العظمة تبرز مؤشّراتها ودلائلها.
أ ــ قلع النظام الإستبدادي واستبداله بآخر "شعبي"
فالتحوّل الذي حصل في إيران هو تغيير وقلع نظام استبداديّ، مغلق، ظالم، تعسفيّ، على رأسه حكّام ورؤساء متعطّشون للدنيا، وللشهوات، ولا يفكّرون إلّا بأنفسهم؛ ساسة غافلون عن الإنسان والإنسانيّة، ومن حيث التبعيّة، أسرى سياسات الآخرين ومطيعون لا محالة لقوى التسلّط والهيمنة. كان هذا هو التحوّل الأساسي.. ومن ثمّ تبديل [ذلك الوضع] إلى مجتمع رشيد، واعٍ، ذي عزيمة راسخة، مع شعب له القدرة على الانتخاب، وله حقّ الانتخاب؛ بعزّة وشموخ بين المجتمعات البشريّة وله تأثيره على سائر المجتمعات. كان هذا هو التحوّل الرئيس الذي وقع.
• التحوّل العظيم: الحريّة من هيمنة الآخرين
مضت ثلاثون سنة على هذا التحوّل الهائل، واستخدم أعداء الشعب الإيراني وأعداء نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، شتّى الأساليب والحيل؛ علّهم يتمكّنوا من إخضاع هذا الشعب ثانية، وإعادة تلك الهيمنة الجهنميّة، التي فرضوها على إيران العزيزة عشرات الأعوام ولم يكونوا على استعداد للتخلّي عنها. القضيّة هي أنّ شعبًا استطاع بقوّته وغلبته وعزمه وإرادته- أن يحرّر نفسه من الهيمنة القسريّة للآخرين. لكنّهم يحاولون إعادة هذه الهيمنة. لم يستطيعوا ذلك طبعًا، ولن يستطيعوا في المستقبل أيضًا.
ب ــ الثورة تغير جغرافيا القوة في العالم
فقد غيّرت الثورة شكل النظام العالمي غير العادل، الذي يقسّم العالم إلى مهيمنين وخاضعين للهيمنة. اعتاد العالم بعد القرن السابع عشر والثامن عشر للميلاد - حيث برزت ظاهرة الاستعمار - على أنّ تمسك بضع دول بيدها مصير البلدان في العالم - حكومات وشعوبًا - اعتمادًا على قدراتها العسكريّة وليس على قدراتها الأخلاقيّة.
اعتاد العالم على أن تمتلك بعض [الدول] هذه الأسلحة القاهرة وأن تستسلم لها أكثريّة الحكومات والشعوب في العالم. ثمّ يكون لبعض هؤلاء المستسلمين - بحسب شطارتهم - وضعٌ ماديّ أفضل من سواهم؛ وبعضهم الآخر لا؛ لم يكن لديهم مثل هذا الوضع. وهم أشبه بغلمان وعبيد سيد: قد يكون لبعضهم زاد وحياة أفضل، دون بعضهم الآخر الذي تجتمع له العبوديّة والجوع.
و قد غابت هذه العادة عن العالم بفضل الثورة الإسلاميّة، واتّضح أنّ مواقف القوى المهيمنة في العالم وكلامها ليس الكلام الأخير. إنّما الشعوب هي التي تتّخذ المواقف الأخيرة.. عزم الشعوب وإيمانها هو الذي يقول الكلمة الأخيرة. هذا ما علّمه الشعب الإيراني للآخرين.
* من كلمة الإمام الخامنئيّ في لقائه منتسبي القوّة الجويّة في الجيش الزمان: 7-2-2009