السبت 23 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 13 جمادى الاولى 1446هـ

» مفاهيــــم إســـلامــية

حقيقة الصوم

اعلم انّ الصوم أجره عظيم، و ثوابه جسيم، و ما يدلّ على فضله من الآيات و الاخبار أكثر من أن يحصى، و هي معروفة مشهورة، فلا حاجة الى ذكرها، فلنشر الى ما يتعلق به من الأمور الباطنة:

(ما ينبغي للصائم)

ينبغي للصائم أن يغضّ بصره عن كلّ ما يحرم النظر اليه، او يكره، او يشغل القلب و يلهيه عن ذكر الله تعالى، و يحفظ اللسان عن جميع آفاته المتقدمة، و يكف السمع عن كل ما يحرم او يكره استماعه، و يكف بطنه عن الحرام و الشبهات، و يكف سائر جوارحه عن المكاره. و قد ورد في اشتراط جميع ذلك في الصوم في ترتب كمال الثواب عليه اخبار كثيرة. و ينبغي ايضا الا يستكثر من الحلال وقت الافطار بحيث‏يمتلي‏ء، اذ ما من وعاء ابغض الى الله عز و جل من بطن ملى‏ء من حلال، كيف و السر في شرع الصوم قهر عدو الله، و كسر الشهوة و الهوى، لتتقوى النفس على التقوى، و ترتقى من حضيض حظوظ النفس البهيمية الى ذروة التشبيه بالملائكة الروحانية، و كيف يحصل ذلك اذا تدارك الصائم عند الافطار ما فاته ضحوة نهاره، لا سيما اذا زيد عليه في الوان الطعام، كما استمرت العادات في هذه الاعصار، و ربما يؤكل من الاطعمة في شهر رمضان ما لا يؤكل فى عدة شهور. و لا ريب في ان المعدة اذا خليت من ضحوة النهار الى العشاء، حتى هاجت‏شهوتها و قويت رغبتها، ثم اطعمت من اللذات، و اشبعت من الوان المطاعم، و جمع ما كان ياكل ضحوة الى ما ياكل ليلا، و اكل الجميع في الليل مرة او مرتين او اكثر، زادت لذتها، و تضاعفت قوتها، و انبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها، فلا يحصل ما هو المقصود من الصوم، اعني تضعيف القوى الشهوية التي هي وسائل الشيطان، فلا بد من التقليل، و هو ان ياكل في مجموع الليلة اكلته التي كان ياكلها كل ليلة لو لم يصم، من دون ضم مما ياكل في النهار اليه، حتى ينتفع بصومه. و الحاصل: ان روح الصوم و سره، و الغرض الاصلي منه: التخلق بخلق من اخلاق الله تعالى، اعني الصمدية، و الاقتداء بالملائكة في الكلف عن الشهوات بقدر الامكان، و هذا انما يحصل بتقليل الاكل عما ياكله في غير وقت الصوم، فلا جدوى لمجرد تاخير اكلة و جمع اكلتين عند العشاء، ثم لو جعل سر الصوم ما يظهر من بعض الظواهر، من ادراك الاغنياء الم الجوع و الانتقال منه الى شدة حال الفقراء، فيبعثهم ذلك على مواساتهم بالاموال و الاقوات، فهو ايضا لا يتم بدون التقليل في الاكل.

(ما ينبغي للصائم عند الافطار)
ينبغي لكل صائم أن يكون قلبه بعد الافطار مضطرباً، معلقاً بين الخوف و الرجاء، إذ ليس يدري أيُقبل صومه فهو من المقربين أو يردّ عليه فهو من الممقوتين، وليكن الحال كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها.

روى: "أنّ الامام أبا محمّد الحسن المجتبى عليه السلام مرّ بقوم يوم العيد و هم يضحكون، فقال عليه السلام: إن الله تعالى جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلّف أقوام فخابوا، فالعجب كلّ العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون، وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه، و المسي‏ء عن إساءته! "، أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك.



(درجات الصوم)

للصوم ثلاث درجات:

الأولى-صوم العموم: و هو كفّ البطن و الفرج عن قضاء الشهوة، و هذا لا يفيد أزيد من سقوط القضاء والاستخلاص من العذاب.

الثانية-صوم الخصوص: و هو الكف المذكور، مع كف البصر والسمع و اللسانو اليد والرجل وسائر الجوارح عن المعاصي، وعلى هذا الصوم تترتب المثوبات الموعودة من صاحب الشرع.

الثالثة-صوم خصوص الخصوص: وهو الكفان المذكوران، مع صوم القلب عن الهمم الدنية، والاخلاق الرديّة، والافكار الدنيويّة، وكفه عمّا سواه بالكلية، ويحصل الافطار في هذا الصوم بالفكر في ما سوى الله و اليوم الآخر، وحاصل هذا الصوم اقبال بكنه الهمة على الله، و انصراف عن غير الله، و تلبس بمعنى قوله تعالى: "قل الله ثم ذرهم‏"، و هذا درجة الانبياء والصديقين والمقربين، و يترتب عليه الوصول الى المشاهدة و اللقاء، و الفوز بما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب أحد. و إلى هذا الصوم أشار مولانا الصادق عليه السلام حيث قال: "قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الصوم جنة، أي ستر من آفات الدنيا وحجاب من عذاب الآخرة، فاذا صمت فانوِ بصومك كفّ النفس عن الشهوات، وقطع الهمة عن خطرات الشياطين، وانزل نفسك منزلة المرضى، ولا تشتهِ طعاماً ولا شراباً، وتوقع في كل لحظة شفاءك من مرض الذنوب، و طهر باطنك من كل كدر وغفلة وظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه الله. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: الصوم لي و انا أجزى به.



والصوم يميت مراد النفس وشهوة الطبع، و فيه صفاء القلب، و طهارة الجوارح، و عمارة الظاهر و الباطن، و الشكر على النعم والاحسان الى الفقراء، وزيادة التضرع و الخشوع و البكاء، و حبل الالتجاء الى الله، وسبب انكسار الهمة، و تخفيف الحساب، و تضعيف الحسنات، وفيه من الفوائد ما لا يحصى و لا يعد، و كفى بما ذكرنا لمن عقله ووفق لاستعماله‏" (15).

تتميم

من صام شهر رمضان إخلاصاً لله و تقرّباً إليه، و طهّر باطنه من ذمائم الاخلاق، وكفّ ظاهره عن المعاصي و الآثام، واجتنب عن الحرام، و لم يأكل إلا الحلال، ولم يفرط في الأكل، وواظب على جملة من النوافل والأدعية وسائر الآداب المسنونة فيه، استحق للمغفرة والخلاص عن عذاب الآخرة، بمقتضى الأخبار المتواترة. ثم إن كان من العوام، حصل له من صفاء النفس ما يوجب استجابة دعوته، وإن كان من أهل المعرفة، فعسى الشيطان لا يحوم على قلبه، فينكشف له شي‏ء من الملكوت، لا سيّما في ليلة القدر، إذ هي الليلة التي تنكشف فيها الأسرار، وتفيض على القلوب الطاهرة الأنوار، والمناط والعمدة في نيل ذلك تقليل الأكل بحيث‏ يحسّ ألم الجوع، إذ من جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو محجوب عن عوالم الأنوار، و يستحيل أن ينكشف له شي‏ء من الأسرار.

2266 مشاهدة | 27-06-2014
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة