يمكن تصوير عظمة يوم الغدير من مجموع رواياته بما يلي
1.اقترن إبلاغ النبي صلى الله عليه واله وسلم للأمة ولاية علي عليه السلام بظروف ومميزات خاصة، مثل الاجتماع الكبير، والأسلوب الخاص في البيان، والمنبر الخاص الذي تفرَّدت به هذه الواقعة التاريخية، وأنها تزامنت مع وداع النبي صلى الله عليه واله وسلم لأمته.وهي خصوصيات فريدة تدل على حرص النبي صلى الله عليه واله وسلم على تحصين الإسلام به من أي تحريف داخلى أو عدوان خارجى.
2.لم يطرح النبي صلى الله عليه واله وسلم قضية الإمامة في يوم الغدير وبعده بصورة توجيهات ونصيحة، بل بصورة حكم الهى وأمر نبوى، ولذلك اقترن إعلانها بأخذ البيعة لعلي عليه السلام من جميع المسلمين.
3.تميَّز إعلان الغدير بظرفه الجغرافى في ملتقى الطرق في الجحفة قبل أن يتفرق المسلمون في طريق عودتهم إلى أوطانهم، وبالصيف الحار الذي كان في تلك الأيام الثلاثة في تلك الصحراء الملتهبة.
4.الظرف الزمانى لبيعة الغدير ووقوعها في موسم الحج الذي هو أعظم تجمع جماهيري للمسلمين.
5.إعلان النبي صلى الله عليه واله وسلم فيها عن قرب رحيله، فإنه صلى الله عليه واله وسلم رحل من هذه الدنيا بعد سبعين يوماً من إلقائه هذه الخطبة.
6. نزول الخطاب الإلهي الخاص للنبي صلى الله عليه واله وسلم بهذا الأمر:﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ ،2 وهو خطاب يختلف عن سائر الخطابات الإلهية للرسول صلى الله عليه واله وسلم.
7.ضمن إبلاغ هذا الحكم الإلهي أبدى النبي صلى الله عليه واله وسلم توجُّسه وخوفه من مؤامرات المنافقين في تلك المرحلة، وتأكيده على أن هذه البيعة هي الضمان لمستقبل الأمة الإسلامية.
8.رافق إعلان النبي صلى الله عليه واله وسلم لإمامة علي والعترة عليهم السلام، الوعد الإلهي بعصمته وحفظه من كيد الأعداء المعترضين. وهما ضمان وعصمة لا نجدهما طيلة عمر النبي صلى الله عليه واله وسلم وتبليغه الرسالة!
9.تميَّزت خطبة الغدير وبيعة الغدير بمفاهيم سامية ومعان عميقة في مقام الولاية للعترة النبوية الطاهرة عليهم السلام.
10.تميَّزت بيعة الغدير بمراسمها الخاصة قبل الخطبة وبعدها، مثل إهداء النبي صلى الله عليه واله وسلم لعلي عليه السلام عمامته الخاصة، وأمره المسلمين بتهنئته وبيعته.
11.تميَّز يوم الغدير بنزول الخطاب الإلهي الخاص بعد بيعة الأمة لعلي عليه السلام:﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ ،3 وهو خطاب لا مثيل له في الخطابات الإلهية السابقة.
12.تميَّزت بيعة الغدير باهتمام خاص من أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم في كل الأجيال.فقد صعد المنبر أميرالمؤمنين عليه السلام في خلافته وطلب من الصحابة أن يؤدوا شهادتهم في بيعة الغدير، ليعرف ذلك المسلمون الذين لم يحضروها4. وكذلك الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث قالت:"ما علمت أن رسـول الله صلى الله عليه واله وسلم ترك يوم الغديـر لأحد حجـة ولا لقائل مقالا"5، وكذلك بقية الأئمة المعصومين عليهم السلام.
كما اهتم علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام برواية هذه الواقعة ونشرها والتأليف فيها بصورة مفصلة، لأنها تمثِّل محور العقيدة بالامامة، وتجسِّد وفاء الأمة لنبيها فى أهل بيته.
13.ومن مميزات حديث الغدير كثرة أسناده من الصحابة والتابعين، وأن كبار الحفاظ والعلماء ألفوا في أسانيده وأثبتوا تواتر أحاديثه، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم!
إن هذه الميزات الضخمة تدل على الأهمية العظيمة للغدير في ثقافة الإسلام، وتثير فينا روح الغيرة على الإسلام لكي نحافظ على هذا الأصل العقائدي الرباني النبوي، وندافع عنه بكل كياننا.
--------------------------------------------------------------------------------
1-أصول الكافى:ج 2 ص 21 ح 8.
2-المائدة 67.
3-المائدة: 3.
4-بحار الأنوار:ج 31 ص 447، ج 37 ص 199.عوالم العلوم:ج 15/3 ص 89، 490.الغدير:ج 1 ص 93.
5-بحار الأنوار:ج 28 ص 186، و ج 43 ص 161.إثبات الهداة:ج 2 ص 115.الخصال:ص 173.دلائل الإمامة: ص 38.