لما اشتد مرض خديجة قالت يا رسول الله : اسمع وصاياي أولاً فإنّي قاصرة في حقك فاعفني يا رسول الله، قال حاشا وكلا ما رأيت منكِ تقصيراً، فقد بلغتِ جهدكِ و تعبتِ في داري غاية التعب و لقد بذلتِ أموالكِ وصرفتِ في سبيل الله مالكِ .
قالت: يا رسول الله الوصية الثانية أوصيك بهذه - و أشارت إلى فاطمة - فإنها غريبة من بعدي فلا يؤذيها أحد من نساء قريش و لا يلطمن خدها و لا يصحن في وجهها و لا يرينها مكروهاً .
و أما الوصية الثالثة ، فإني أقولها لابنتي فاطمة و هي تقول لك فإني مستحية منك يا رسول الله.
فقام النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) وخرج من الحجرة فدعت بفاطمة وقالت: يا حبيبتي وقرة عيني قولي لأبيكِ: إن أمي تقول: أنا خائفة من القبر أريد منك ردائك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفنّني فيه.
فخرجت فاطمة و قالت لأبيها ما قالت أمها خديجة فقام النبي"صلى الله عليه و آله" و أعطى الرداء إلى فاطمة "عليها السلام" و جاءت به إلى أمها فسرت به سروراً عظيماً.
و روي أنه لما توفيت خديجة (عليه السلام) أخذ رسول الله "صلى الله عليه و آله" في تجهيزها و غسّلها و حنّطها فلما أراد أن يكفّنها هبط الأمين جبرائيل و قال: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام و يخصك بالتحية و الإكرام و يقول لك: يا محمد إن كفن خديجة من أكفان الجنة أهداه الله إليها ، فكفنها رسول الله " صلى الله عليه و آله" بردائه الشريف أولاً و بما جاء به جبرائيل ثانياً ، فكان لها كفنان كفن من الله و كفن من رسوله (1) ،
ثم صلى عليها و نزل في قبرها - و لم يكن يومئذ سنة الجنائز - .
وحزن النبي " صلى الله عليه و آله " عليها حزناً شديداً و حزنت فاطمة لفراقها فجعلت تلوذ بأبيها و تقول: أين أمي ؟ وألحت عليه بالقول أين أمي أين أمي!
فنزل جبرائيل وقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام و تقول لها: أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب و عمده من ياقوت أحمر بين آسية امرأة فرعون و مريم بنت عمران .
فقالت فاطمة : إن الله هو السلام و منه السلام و إليه السلام . (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : كتاب قصص فاطمة الزهراء " عليها السلام "
المؤلف : الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
(1) شجرة طوبى - الشيخ محمد مهدي الحائري - ج2 - ص 234
(2) الأمالي - للطوسي