الأحد 24 تشرين الثاني 2024 الموافق لـ 14 جمادى الاولى 1446هـ

» مفاهيــــم إســـلامــية

سلسلة الكمالات

عندما نقارن شجرةً مع قطعة حجر أو كثيبٍ من تراب، فإنّنا سنجد أنّ الشجرة تملك بالفعل قُوىً خاصّة لا توجد في الحجر والتراب. وعلى الرغم من التشابه بين ذرّاتها وجزئيّاتها، فإنّ الآثار التي تنتجها الشجرة لا تولد من الحجر والتراب.


نستطيع أن نعرضَ هذه الحقيقة بالنحو الآتي:
إنّ في الشجرة كمالًا بالفعل هو الصورة النباتيّة وهو منبع ظهور الأفعال والآثار الخاصّة بالنباتات. كما أنّ النباتات تملك كمالات -بالقوّة- لا تملكها الجمادات استعدادًا للوصول إليها، فإنّ قلم شجيرة مثمرة مستعدٌّ أن يُنتج سلال الفواكه الحلوة؛ الأمر الذي لا يوجِد استعداده في الحجر والخشب.
من البديهيّ، فإنّ النبات عندما يمتلك هذه الفعليّة والقوّة المذكورة، فإنه ليس فقط لا يفقد الصفات الجسمانيّة والقوى الطبيعيّة، بل إنّه بالاستعانة بها يؤدّي أعماله ويطوي مسير تكامله، فيمكن أن نستنتج من ذلك أنّ الموجود النباتيَّ يستخدم قواه الطبيعيّة للوصول إلى كمالاته. ومن الطبيعيّ أنه يحتاج إلى هذه القوى ولكن إلى الحدّ الذي يستفيد فيه من هذه القوى لصالح كماله.
كذلك الحيوان، فإنّه واجدٌ للقُوى النباتيّة، بالإضافة إلى الحسّ والحركة الإراديّة اللَّذَيْن هما من لوازم الصورة الحيوانيّة. وبالنحو نفسه نجده يستخدم القُوى النباتيّة لتكامله الحيوانيّ، ويحتاج إليها بالمقدار الذي تؤثّر فيه في وصوله إلى كماله الحيوانيّ. والإنسان أيضًا بدوره واجدٌ لِلْقُوى الطبيعيّة والحيوانيّة، بالإضافة إلى القوى الناتجة من صورته الإنسانيّة. فهو يستخدم القوى السابقة كلّها لصالح تكامله الإنسانيّ بالمقدار الذي تؤثّر في تحقيق هدفه، ولكن كما رأينا كثرة الأوراق والأغصان مانعة من تكامل شجرة التفّاح؛ فإنّه لا يمكن جعل الاستفادة اللّامحدودة من القوى النباتيّة والحيوانيّة مفيدة لتحقيق الهدف التكامليّ الإنسانيّ.


نستنتج من هذا البحث بعض النتائج:
أ. يمكن تقسيم الموجودات المادّيّة حسب الكمالات الوجوديّة إلى درجات، ومن بين الموجودات التي نألفها نجد الجمادات في الدرجة السفلى، ثم النباتات، ثم الحيوانات في الوسط، ويقع الإنسان في الدرجة العليا.
من البديهيّ في مثل هذا التدرّج أنّ الملحوظ هو نوع الكمال وقيمته، لا حجمه ومقداره. ولذا، فلا مجال للاعتراض علينا بأنّه لو كان الإنسان أكمل الحيوانات، فلماذا لا يمكنه أن يأكل بقدر أكْل البقرة، ويركض كالغزال، ويفترس كالأسد تمامًا، كما لا يُقال في سموّ النباتات على الجمادات، بأنّه لو كانت الشجرة أسمى من الحجر والتراب، فلماذا لا تمتلك الشجرة وزن الجبال الهملايا؟ ولماذا لا توجد في أعماقها معادن الذهب والنفط؟
ب. إن أيّ موجود مادّيّ في درجةٍ أعلى من الوجود يمتلك القُوى الأَدْون من درجته؛ ليستخدمها في سبيل تكامله.
ج. إنّ الاستفادة من القوى الأدون يجب أن تكون بالقدر المفيد للوصول إلى الكمالات الأعلى، وإلّا فإنّها تعود سببًا للركود وتوقّف السير التكامليّ، وقد تؤدّي إلى التراجع والهبوط أحيانًا.
د. بملاحظة البحث السابق، نستنتج أنّ الكمال الحقيقيّ لأيّ موجود عبارةٌ عمّا تقتضيه آخر فعليّة له، وإن كان هذا الكمال نفسه ذا مراتب ودرجاتٍ مختلفةٍ، فإنّ أعداد التفاح لشجر التفاح كمالٌ، ولكنّه ذو مراتب. أمّا سائر الكمالات التي تختلف عن هذا الكمال اختلافًا ماهويًّا، وهي بالطبع في درجات أدون منه، فهي لا تُعدُّ من كمالات هذا الموجود، بل هي مقدّمات ووسائل لكماله.
وعليه، يمكننا أن نقسّم الكمال إلى قسمين: أصيل وآليّ، أو حقيقيّ ونسبيّ، كما يمكننا أن نقول بوجود مراتب الكمالات الأصليّة.
هـ. لكي نعيّن مقياسًا للاستفادة من القوى الأدون، تلزم ملاحظة الكمال الحقيقيّ الأصيل. بعبارة أخرى، لا يمكن اعتبار الصفات الوجوديّة الأدون مقدّمات الكمال، أو كمالات نسبيّة، إلّا إذا كانت مقدمّات للوصول إلى الكمال العالي الحقيقيّ، ومن هنا يتأكّد لزوم معرفة الكمال الحقيقيّ للإنسان.

*آية الله الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي (قده)

2068 مشاهدة | 01-11-2021
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مجلس عزاء عن روح الشهيد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه

رحيل العلامة المحقق الشــيـخ علي كـوراني العاملي (رحمه الله)

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

المسابقة العلمية الرابعة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

حفل تكريم المشاركات في دورة مشروع الفكر الإسلامي في القرآن

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

احتفال في ذكرى المولد الشريف

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة