تعريف أيام التشريق
لغةً: التشريق: تفعيل من الشروق، يُقال: شرقت الشمس وأشرقت، أي طلعت وأنارت وأضاءت، وأيام التشريق: هي الأيام التي تكون بعد يوم النحر.[1]
سبب التسمية: سميت بذلك؛ لأنَّ لحوم الأضاحي تُشرّق فيها، أي تُقدّد في الشرقة، وهي الشمس، وقيل غير ذلك.[2]
قال ابن منظور: شرَّقتُ اللحم: شَبْرَقْته طولا وشَرَرته في الشمس ليجِفَّ لأن لحوم الأضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى.[3]
اصطلاحاً: ويستعملها الفقهاء في نفس المعنى اللغوي، فقد قالوا عنها: هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وقال بعضهم: هي يوما. سميت بذلك لان لحوم الأضاحي تشرق فيها: أي تنشر في الشمس، وقيل: سميت بذلك لأن الهدي لا يُنحر حتى تشرق الشمس، وهي الأيام المعدودات في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللّٰهَ فِي أَيّٰامٍ مَعْدُودٰاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقىٰ وَاتَّقُوا اللّٰهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.[4] [5]
الأحكام التكليفية في أيام التشريق
ذكر الفقهاء مجموعة من الأحكام التكليفية في أيام التشريق، ومنها:
التكبير أيام التشريق
قال الفقهاء: لا خلاف في مطلوبية التكبير لمن كان بمنى في هذه الأيام، وإنَّما الخلاف في وجوبه واستحبابه، فالمنسوب إلى المشهور استحبابه، وقيل: بوجوبه.[12]
وصورته كما ورد في الروايات: اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، اللّه أكبر وللّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.[13]
المبيت بمنى ليالي التشريق
يجب على الحاج المبيت بمنى ليلتي الحادي عشر والثاني عشر من الغروب إلى انتصاف الليل، سواء ذهب إلى مكة أم لم يذهب، كما يجب المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً على من لم يتقِ الصيد في إحرامه أو لم يتقِ النساء، ومن لم يفضِ من منى يوم الثاني عشر وأدرك غروب الثالث عشر، فإنهم يجب عليهم المبيت هذه الليالي.[14]
رمي الجمار أيام التشريق
ذكر الفقهاء وجوب رمي الحاج الجمار الثلاث أيام التشريق بترتيب خاص وأحكام خاصة، قال المحقق الحلي: ويجب أن يرمي كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث، كل جمرة سبع حصيات، ويجب هنا - زيادة على ما تضمنه شروط الرمي - الترتيب، يبدأ بالاُولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة ... ولو نسي رمي يومٍ قضاه من الغد مرتباً، يبدأ بالفائت ويعقب بالحاضر.[15]
الإقامة بمنى أيام التشريق
يستحب للحاج - زائداً على المقدار الواجب لفعل المناسك الواجبة من الذبح والرمي وغيرهما - الإقامة في منى أيام التشريق في بياض النهار، فلا يختلط بالمبيت.[16]
الهدي والأضحية في أيام التشريق
أما الهدي - أي الذبح والنحر - فالمشهور لزوم إيقاعه يوم النحر، أي عاشر ذي الحجة - عيد الأضحى - مع الإمكان، [17]
وأما الأضحية التي يستحب فعلها للحاج زائداً على هديه، فأيامها أربعة بمنى وثلاثة بالأمصار، فيجوز إيقاعها أيام التشريق، قال المحقق الحلي: الخامس: في الأضحية، ووقتها بمنى أربعة أيام، أولها يوم النحر، وفي الأمصار ثلاثة.[18]
حرمة الصوم أيام التشريق
من الأيام التي يحرم على المكلفين المقيمين بمنى صيامها أيام التشريق، وقد صرح به أكثر الفقهاء ضمن الصيام المحرم، قال المحقق الحلي: المحظورات تسعة: صوم العيدين، وأيام التشريق لمن كان بمنى ... [19]
النفر والتحصيب في أيام التشريق
من المناسك في أيام التشريق: النفر من منى إلى مكة لفعل مناسكها من الطواف والسعي وغيرها، قال ابن إدريس الحلي: ويوم الحادي عشر يسمى يوم القر؛ لأنَّ الناس يقرون فيه بمنى لا يبرحونه، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني، وليلته تسمى ليلة التحصيب؛ [20] لأنه النفر الأخير، والتحصيب يستحب لمن نفر في النفر الثاني دون الأول ... وقال شيخنا في مبسوطه: وليلة الرابع ليلة التحصيب، فإن أراد (رحمه الله) الرابع من يوم النحر فصحيح، وإن أراد الرابع عشر فغير واضح؛ لأن التحصيب لا يكون إلا لمن نفر في النفر الأخير، والنفر الأخير - بلا خلاف من الأمة - هو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فإن كان ممن أصاب النساء في إحرامه أو صيداً، لم يجز له أن ينفر في النفر الأول، ويجب عليه المقام إلى النفر الأخير.[21]
1- الفيومي، المصباح المنير، ص 310.
2- الجوهري، الصحاح، ج 4، ص 1501.
3- ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص 176.
4- البقرة: 203.
5 أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ص 194.
6 الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 14، ص 192.
7 مغنية، الفقه على المذاهب الخمسة، ج 1، ص 161.
8 عبد الرحمن، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ج 1، ص 337.
9 البقرة: 203.
10- الحج: 27 - 28.
11- الطوسي، التبيان، ج 2، ص 175.
12- النجفي، جواهر الكلام، ج 20، ص 34 - 35.
13- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 7، ص 459.
14- الفياض، مناسك الحج، ص 78.
15- المحقق الحلي، شرائع الإسلام، ج 1، ص 250.
16- النراقي، مستند الشيعة، ج 13، ص 69.
17- النراقي، مستند الشيعة، ج 12، ص 299.
18- المحقق الحلي، شرائع الإسلام، ج 1، ص 239.
19- المحقق الحلي، شرائع الإسلام، ج 1، ص 190.
20- التحصيب: التحصيب هو النزول بمسجد الأبطح الذي نزل به رسول اللّٰه صلی الله عليه وآله وسلم ويستريح فيه قليلا ويستلقي على قفاه. (الصيمري، تلخيص الخلاف وخلاصة الاختلاف، ج 1، ص 413.)
21- ابن ادريس الحلي، السرائر، ج 1، ص 611 - 612.