تتفق المذاهب الإسلامية جميعاً حول الكثير من المسائل، وما يجمعها أكثر مما يفرقها، ولو أرادت الاجتماع حول ما يجمع لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق، إلا أن إثارة نقاط الخلاف فيما بينها هو العمل الأكبر الذي تقوم به القوى المستكبرة والمستعمرة، وتسخر له الكثير من الوسائل الدعائية والإعلامية، والأبواق والأقلام المأجورة، فلماذا نترك هذا الكم الهائل من عناصر الوحدة والاعتصام، ونتلهى بتفاصيلنا الصغيرة، فبدل من أن نكون الأمة الأكثر تماسكاً، وإذ بنا نصير بسبب هذا الاختلاف أمما متفرقة متصارعة فيما بينها؟
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"إن الذين يدعون الإسلام، ويسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم يجدوا ذلك الإسلام الذي كتابه القرآن، وقبلته الكعبة، ولم يؤمنوا بالإسلام. إن الذين آمنوا بالإسلام إنما هم الذين يقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذي يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾1 فيلتزمون بكل ما تقتضيه الأخوّة. تقتضي الأخوة أن يتأثر جميع الإخوان أينما كانوا إذا ألمّت بكم مشكلة، وأن يفرحوا جميعاً لفرحكم"2.
ويقول حول وسائل الإعلام التي تروج للمسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية:
"إنهم يحاولون عبثاً زرع الفرقة. إن المسلمين إخوة فيما بينهم ولا يتفرقون من خلال الأعلام السيى لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة وهي الشيعة والسنة، أن السنة في طرف والشيعة في طرف آخر، قد وقعت بسبب الجهل والإعلام الذي يمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بين الشيعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفين فيما بينهم، يحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضد أخرى بين نفس الإخوة أهل السنة.
جميع طوائف المسلمين تواجه اليوم قوى شيطانية تريد اقتلاع جذور الإسلام.
هذه القوى التي أدركت أن الشيء الذي يهددها هو الإسلام، وإن الشيء الذي يهددها هو وحدة الشعوب الإسلامية.
على جميع المسلمين في كل بلدان العالم أن يتحدوا اليوم فيما بينهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى في مكان آخر وتطرح نفسها أيضاً"3.
وسنتحدث عن بعض مراكز الوحدة التي يمكن للمسلمين استغلالها بشكل كبير ليرتقوا معاً إلى المكان الذي أرادهم الله تعالى أن يكونوا فيه:
1 ـ الحج والوحدة الإسلامية:
"الحج هو تنظيم وتدريب وتأسيس لهذه الحياة التوحيدية، والحج هو ميدان تجلي عظمة طاقات المسلمين واختبار قواهم المادية والمعنوية.
الحج كالقرآن، ينتفع منه الجميع، ولكن العلماء والمتبحّرين والعارفين بآلام الأمة الإسلامية، إذا فتحوا قلوبهم لبحر معارفه، ولم يرهبوا الغوص والتعمق في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسيصطادون من أصداف هذا البحر جواهر الهداية والوعي والحكمة والرشاد والتحرر، ولارتووا من زلال الحكمة والمعرفة إلى الأبد"4.
الحج فريضة إلهية لها أبعاد توحيدية كبيرة، وهي مؤتمر كبير يجمع المسلمين من كل الأقطار وكما يقول الإمام الخميني قدس سره، أنه لا تقدر أي دولة في العالم أن تنظم هكذا مؤتمر حاشد يوحد بين أصحاب المذاهب المختلفة في مناسك متحدة نحو قبلة واحدة وبيت واحد، في طاعة إله واحد مستنين بسنة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يقول قدس سره:
"والآن وبينما يتوجه مسلمو الدول المختلفة في العالم إلى كعبة الآمال وحج بيت الله الحرام وإقامة هذه الفريضة الإلهية العظيمة والمؤتمر الإسلامي الكبير، في أيام مباركة ومكان مبارك، فإنه يجب على المسلمين المبعوثين من قبل الخالق تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي، ولا يكتفوا بالظاهر. فالكل يعلم أن أي مسؤول وأية دولة لا يمكنها إقامة مثل هذا المؤتمر العظيم، وهذه هي أوامر الباري جل وعلا التي أدت إلى انعقاد هذا المؤتمر. ومع الأسف فإنّ المسلمين على طول التاريخ لم يتمكنوا من الاستفادة بشكل جيد من هذه القوة السماوية والمؤتمر العظيم لصالح الإسلام والمسلمين"5.
ولأجل ما في الحج من القدرة على التوحيد بين المسلمين فإن علينا أن نسعى بكل طاقاتنا لاستثمار هذه الفرصة التي تمر علينا في كل عام مرة، لتوحيد المسلمين وتحديد الخطر الذي يواجههم جميعاً للتعاضد والتكاتف في مواجهته، يقول قدس سره:
"ومن جملة الوظائف في هذا الاجتماع العظيم دعوة الناس والشعوب الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الاختلافات بين طبقات المسلمين، ويجب على الخطباء والكتّاب المساهمة في هذا الأمر المهم وبذل الجهد من أجل إيجاد جبهة المستضعفين، فيمكن ـ من خلال وحدة الجبهة، واتحاد الكلمة، وشعار لا إله إلا الله ـ التخلص من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستغلين، والتغلب على المشاكل من خلال الأخوة الإسلامية"6.
كما أن الأبعاد السياسية لمناسك الحج لا تكاد تخفى كيف لا وقد سمي الحج بالحج السياسي العبادي، وقد كتبت العديد من المؤلفات التي تعالج الأبعاد السياسية لهذا المؤتمر الإلهي الكبير.
يقول الإمام قدس سره:
"وثمة أبعاد سياسية عديدة في الاجتماعات، والجماعات والجمعة وخاصة اجتماع الحج الثمين، منها الاطلاع على مشاكل الإسلام والمسلمين الأساسية والسياسية، فيمكن من خلال اجتماع العلماء والمثقفين والمتدينين الزائرين لبيت الله الحرام، طرحها ودراستها وإيجاد الحلول لها،
وتقديم تلك الحلول لدى العودة إلى البلدان الإسلامية، في الاجتماعات العامة، وبذل الجهد لرفعها7.
2 ـ العدو المشترك للمسلمين والمستضعفين
لا شك أن وحدة العدو الذي يواجهه المسلمون من أهم المسائل التي تلزمنا بالاتحاد ونفي الاختلاف، فوحدة العدو يطال الأمة المتشرذمة بشكل أفضل كما نراه اليوم في الحروب التي يقوم بها الإستكبار العالمي على البلدان الإسلامية محاولاً الاستفراد بكل بلد منه على حدة ثم ينتقل منه إلى آخر، فإذا اتحدت الأمة وكانت صفاً واحداً شكلت بذلك سدا منيعا يخلق الرعب في نفوس الأعداء يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾8.
وقد أكد الإمام الخميني قدس سره على هذه المسألة في الكثير من الخطابات التي توجه بها للعالم الإسلامي، يقول قدس سره:
"في مرحلة هجوم القوى الكبرى على البلدان الإسلامية مثل (هجوم السوفيت) على أفغانستان وقتل المسلمين الأفغانيين دون رحمة وبوحشية لمعارضتهم تدخل الأجنبي في مقدراتهم، أو أمريكا الضالعة في كل فساد، ومع الهجوم الشامل (الذي تشنه) إسرائيل المجرمة على المسلمين في فلسطين ولبنان العزيز، ومع (تنفيذ) المشروع الإسرائيلي الإجرامي الرامي إلى نقل عاصمتها إلى بيت المقدس وتوسيع جرائمها ومذابحها الوحشية بين المسلمين المشردين من أوطانهم، وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه المسلمون أكثر من أي وقت آخر إلى وحدة الكلمة، عملاء قوى الاستكبار في مركز القوة في بلاد المسلمين، إلى التفرقة بين المسلمين، ولا يألون جهداً في ارتكاب كل جريمة على هذا الطريق، يأمر بها سيّدهم"9.
وما أكثر النداءات التي وجهها الإمام الخميني قدس سره إلى المسلمين منبهاً إياهم إلى العدو المشترك الذي يواجههم وأنهم باتحادهم يقفون كسد منيع أمام أطماعه فها هو الإمام يخاطب المسلمين وكأنه يعيش اليوم فيما بينهم:
"أيها البحر العظيم من المسلمين! اهدروا، وحطموا أعداء الإنسانية، فإن اتجهتم إلى الله والتزمتم بتعاليم السماء فالله تعالى وجنده العظام معكم. إن أهمّ وأمضّ مسألة تعاني منها الشعوب الإسلامية، وغير الإسلامية في البلدان الخاضعة هي مسألة أمريكا. الحكومة الأمريكية باعتبارها (حكومة) أقوى بلد في العالم لا تألوا جهداً في ابتلاع المزيد من الذخائر المادية للبلدان الخاضعة. أمريكا العدو الأول للشعوب المحرومة والمستضعفة في العالم، أمريكا لا تتردّد في ارتكاب أية جريمة من أجل فرض سيطرتها السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية على العالم الخاضع لها. إنها تستثمر الشعوب المظلومة في العالم بدعاياتها الواسعة التي تدبلجها الصهيونية العالمية. إنها ورموزها المشبوهة الخائنة تمصّ دماء الشعوب المقهورة حتى كأن حق الحياة خاص بها وبأتباعها.
أيها المسلمون المتضرّعون (إلى الله) جوار بيت الله، ادعوا للصامدين أمام أمريكا وسائر القوى الكبرى"10.
ويقول أيضا في نداءٍ آخر للمسلمين الحجاج:
"إن شرط تحقق الآمال الفطرية والإنسانية في كل المناسك والمواقف هو اجتماع كل المسلمين في هذه المراحل والمواقف ووحدة كلمة جميع الطوائف الإسلامية دون أن تفرق بينهم اللغة واللون والقبيلة والطائفة والوطن والعصبيات الجاهلية، وشرط ذلك النهوض المنسجم بوجه العدوّ المشترك.. وهو عدّو الإسلام العزيز، هذا العدو تلقى في عصرنا صفعة من الإسلام، ولذلك يرى الإسلام سداً أمام أطماعه، ويسعى عن طريق بث التفرقة والنفاق لأن يزيل هذا المانع المحسوس من طريقه، ويحرك عملاءه، وعلى رأسهم رجال الدين الحسّاد الدنيويون المتملّقون على أعتاب السلطان، كي ينفّذوا أهدافه في كل مكان وفي مختلف الأوقات وخاصة في موسم الحج والاجتماعات المقدسة.
على المسلمين المجتمعين في مواقف هذه العبادة الرامية إلى تجميع المسلمين من كل أرجاء الأرض ليشهدوا منافع لكل المستضعفين في العالم، وأيّ منافع أعظم من قطع يد الطامعين عن البلدان الإسلامية؟ عليهم أن يراقبوا بحذر الأعمال المعادية للإسلام والقرآن الصادرة من هؤلاء العملاء الخبثاء ورجال الدين المفرّقين، وعليهم أن يطردوا الذين لا يقبلون النصيحة منهم ولا يعيرون أهمية للإسلام ولمصالح المسلمين، فهؤلاء أفظع من يالطواغيت وأخبث منهم"11.
3ـ القرآن الكريم:
ليس من الغريب أن يكون القرآن الكريم من أهم مصادر الوحدة الإسلامية، إذ أنه:
أولاً: كتاب المسلمين جميعهم.
وثانياً: هو الجذر الأساس وآياته الكثيرة داعية للوحدة وعدم التنازع والاختلاف.
وثالثاً: لم يخاطب مسلماً دون مسلم بل خاطب المسلمين جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وقومياتهم وألوانهم.
من هنا كانت دعوة الإمام الخميني قدس سره الدائمة للمسلمين لئلا يهجر القرآن بين ظهرانيهم وكيف لا وهو الذي يصدح بهم ليل نهار ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾12.
يقول قدس سره:
"إني أذكِّر الحجّاج المحترمين أن لا يغفلوا في جميع المواقف المعظّمة وطيلة فترة سفرهم إلى مكة المكرمّة والمدينة المنوّرة عن الاستئناس بالقرآن الكريم، هذه الصحيفة الإلهية وكتاب الهداية، لأن كل ما عند المسلمين وما سيكون، على طول امتداد التاريخ الماضي وكذلك في المستقبل، إنما هو من بركات هذا الكتاب المقدّس".
وفي أحد النداءات التي وجهها لحجاج بيت الله الحرام قال قدس سره:
"ينبغي على الحجّاج لبيت الله الحرام المحترمين لأي مذهب أو قومية انتموا أن يرضخوا لأحكام القرآن الكريم،ويقفوا في مواجهة سيل الشياطين الذين يريدون اقتلاع الإسلام الذي طهر الشرق والغرب وعملاءهم الذين لا إرادة لهم، ويمدوا يد الأخوة الإسلامية لبعضهم البعض وينتبهوا للآيات الكريمة التي تدعوهم إلى الاعتصام بحبل الله، وتنهاهم عن الاختلاف والتفرقة، وينبغي الاستفادة أكثر عضوياً وسياسياً من هذه الفريضة العبادية السياسية الإسلامية، في تلك الأمكنة الشريفة التي شيّدت بحق لأجل مصالح الموحدين والمسلمين في العالم، والإلتفات إلى سر التضحية والفداء الإبراهيمي ـ الإسماعيلي، حيث يجب الوقوف في سبيل الله إلى حد التضحية والفداء بأعز وأغلى ثمرة وجوده والدفاع عن الأهداف الإلهية".
كما أن الإمام الخميني قدس سره يعتبر أن مشكلة المسلمين الكبرى هي في هجرهم لهذا الكتاب الإلهي العظيم الذي يتضمن الهداية للبشر جميعاً:
"إنّ مشكلة المسلمين الكبرى تتمثل في هجرهم القرآن، والانضواء تحت لواء الآخرين".
"المهم هو أن يعمل المسلمون بالإسلام والقرآن، فالإسلام ينطوي على كلّ المسائل المرتبطة بحياة البشر في الدنيا والآخرة، وفيه كلّ ما يرتبط بتكامل الإنسان وتربيته وقيمه"13.
والأخطر من هذا أن يصير القرآن الكريم مستغلاً بشكل سيء من قبل أعداء الإسلام وهذا أخطر ما يمكن أن يتعرض له القرآن والمسلمون على حد سواء وهذا ما حدا بإمام الأمة الراحل قدس سره إلى أن يحذر بشكل متكرر منه إذ يقول:
"واأسفاه أن القرآن وهو كتاب الهداية لم يعد له من دور سوى في المقابر والمآتم، بسبب الأعداء المتآمرين والجهلة من الأصدقاء. كان الحال كذلك وما زال، فأصبح الكتاب ـ الذي ينبغي أن يكون وسيلة لتوحيد المسلمين والعالمين، ودستوراً لحياتهم أصبح وسيلة للتفرقة وإثارة الخلاف، أو عُطّل دوره كلياً.
نحن نفخر، ويفخر شعبنا المتمسك بالإسلام والقرآن بأننا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ حقائق القرآن الممتلئة دعوة إلى الوحدة بين المسلمين، بل البشرية من المقابر باعتبارها أنجع علاج منقذ للإنسان من القيود المكبلة لرجليه ويديه وقلبه وعقله، والسائقة له إلى الفناء والعدم والرق والعبودية للطواغيت"14.
وإضافة إلى أن القرآن مصدر للوحدة وآياته داعية لها فإن القرآن فيه من الآيات المنبهة للغافلين عن أمور الأمة من قصص حرب النبي مع المشركين وجهاد المؤمنين ما ينبه المسلمين إلى وجوب النهوض والقيام إلى جبهات الحق يقول الإمام الخميني قدس سره:
"ومن مطالب هذه الصحيفة النورانية أحوال الكفار والجاحدين والمخالفين للحق والحقيقة والمعاندين للأنبياء والأولياء عليهم السلام ، وبيان كيفية عواقب أمورهم وكيفية بوارهم وهلاكهم كقضايا فرعون وقارون ونمرود وشدّاد وأصحاب الفيل وغيرهم من الكفرة والفجرة. ففي كل واحدة منها مواعظ وحكم، بل معارف لأهله. ويدخل في هذا القسم قضايا إبليس الملعون، ويدخل في هذا القسم أيضاً أو أنه قسم مستقل قضايا غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي فيها أيضاً مطالب شريفة مذكورة، منها كيفية مجاهدات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإيقاظ المسلمين من نوم الغفلة، وبعثهم للمجاهدة في سبيل الله، وتنفيذ كلمة الحق وإماتة الباطل"15.
4 ـ شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
إن رسول الإسلام وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم شخصية تجمع المسلمين بكافة مللهم وأعراقهم، فهو رسولهم جميعاً، وكلهم متفقون على أنه القائد الأول والملهم، والقدوة والرجل الإلهي الأكمل، وأنه دعا إلى أن يكون المسلمون يداً واحدة في مواجهة أعدائهم وقوى الشر الطامعة، وهذا ما بينه الإمام الخميني قدس سره في الكثير من الخطابات:
"أراد رسول الإسلام أن يحقق وحدة الكلمة في كل العالم، أراد إخضاع جميع بلدان العالم لكلمة التوحيد، أراد أن يخضع الربع المسكون بكامله لكلمة التوحيد، بيد أن أغراض سلاطين تلك الفترة من جهة، وأغراض علماء النصارى واليهود وأمثالهم من جهة أخرى، منعته من تحقيق ذلك، والآن فإنهم يمنعون ذلك أيضاً...
إن تكليف رؤساء الإسلام الآن وسلاطين الإسلام ورؤساء الجمهوريات الإسلامية أن يضعوا هذه الاختلافات البسيطة الموسمية جانباً، فلا يوجد عرب وعجم، ولا ترك وفرس، بل هناك الإسلام، كلمة الإسلام، يجب عليهم أن يتبعوا رسول الإسلام في طريقته في المواجهة والصراع، ويكونون تبعاً للإسلام. إنهم إذا حافظوا على وحدة كلمتهم،إذا وضعوا هذه الاختلافات الموسمية البسيطة جانباً، إذا كانوا جميعاً يداً واحدة. ويقال أن عدد المسلمين 700 مليون نسمة، لكن هذا العدد المتفرق لا يعادل مليوناً، فلا فائدة في 700 مليون إنسان متفرق، وإن آلاف الملايين المتفرقة لا تنفع أيض، أما لو كان 200 مليون من هذا العدد أو 400 مليون متّحدين، ويداً واحدة أخوية، ومحافظين على ثغورهم، وقاموا بحماية حدودهم، واشتركوا جميعاً في كلمة التوحيد المشتركة بين الجميع، وفي المصالح الإسلامية المشتركة بين الجميع، ووحّدوا كلمتهم، فإذا وحّد هؤلاء كلمتهم، فإن اليهود لن يعودوا ليطمعوا في فلسطين، فسبب هذه الأمور أنهم لا يسمحون لكم بالاتحاد" 16.
فدعوة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هي دعوة لنا جميعا لنبذ خلافاتنا وهل هناك أفضل من كلمة التوحيد التي زرعها في نفوسنا كلمة باقية خالدة لتوحدنا.
--------------------------------------------------------------------------------
1- سورة الحجرات، الآية:10.
2- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
3- المصدر السابق.
4- كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
5- كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
6- كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
7- كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
8- سورة الصف، الآية:4.
9- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ. ق.
10- مقتطفات من نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ. ق.
11- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 1 ذي الحجة 1406هـ. ق.
12- سورة الأنبياء، الآية: 92.
13- الكلمات القصار الجزء الأول.
14- من خطاب له قدس سره يتحدث فيه عن عظمة القرآن الكريم.
15- المصدر السابق.
16- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.