عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حجُّوا، فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدَّرَن".
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال: "إن الله عزَّ وجلَّ ليغفر للحاج ولأهل بيت الحاج، ولعشيرة الحاج، ولمن يستغفر له الحاج".
في رواية عن إمامنا الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاه أعرابي فقال له: يا رسول الله إني خرجت أريد الحج ففاتني وأنا رجل ذو مال، فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج.
فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: انظر إلى أبي قبيس فلو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله، ما بلغت به ما يبلغ الحاج!
ثم قال: إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئاً ولم يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره ولم يرفع خفّاً ولم يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه.
قال: فعدَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا موقفاً إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه، ثم قال: أنَّى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاج.
وصية الإمام الصادق عليه السلام للحجاج:
قال الصادق عليه السلام: إذا أردتَ الحجَّ فجرِّد قلبَكَ لله عزَّ وجلَّ مِنْ قبل عزمِكَ من كلِّ شاغلٍ وحجاب كلِّ حاجب، وفوِّض أمورَكَ كلَّها إلى خالقِك، وتوكَّل عليه في جميع ما يظهر مِنْ حركاتِكَ وسكناتِكَ، وسلِّم لقضائِهِ وحكمه وقدره، وودع الدنيا والراحة والخلق، واخرجْ من حقوقٍ تَلزمُكَ من جهةِ المخلوقين، ولا تعتمدْ على زادِكَ وراحلتكِ وأصحابك وقوَّتِك وشبابِك ومالِك، مخافة أن يصيروا لكَ عدوّاً ووبالاً فإنَّ منْ ادعى رضى الله واعتمد على شيءٍ صيَّرهُ لَهُ عدوّاً ووبالاً، ليعلم أنَّه ليس لهُ قوَّة ولا حيلة ولا لأحدٍ إلاَّ بعصمة الله وتوفيقهِ، واستعدّ استعداد من لا يرجو الرّجوع.
وأحسِنْ الصحبةَ، وراعِ أوقات فرائض الله وسنن نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وما يجب عليكَ من الأدب والاحتمال والصبر والشكرِ والشفقةِ والسخاءِ وإيثارِ الزّاد على دوامِ الأوقاتِ، ثمَّ اغسلْ بماء التوبةِ الخالصةِ من ذنوبك، والبسْ كسوةَ الصدق والصفاء والخضوع والخشوع، واحرِمْ عن كلِّ شيءٍ يمنعكَ عن ذكرِ الله ويحجبكَ عن طاعتهِ.
ولبِّ بمعنى إجابة صافية خالصة زاكية لله عزّ وجلّ في دعوتك لهُ، متمسِّكاً بالعروةِ الوثقى، وطفْ بقلبِكَ مع الملائكةِ حولَ العرشِ كطوافِكَ مع المسلمين بنفسِك حول البيتِ، وهروِل هرولةً مِنْ هواك وتبريّاً من جميع حولِكَ وقوَّتِك، فاخرُجْ من غفلتِكَ وزلاَّتِكَ بخروجِكَ إلى منى، ولا تتمنَّ ما لا يحلّ لك ولا تستحقَّه.
واعترف بالخطايا بعرفات، وجدِّدْ عهدَكَ عندَ الله بوحدانيّتَةِ، وتقرَّب إلى الله ذا ثقة بمزدلفة، واصعدْ بروحِكَ إلى الملأ الأعلى بصعودِك إلى الجبل، واذبحْ حنجرتَي الهوا والطمع عند الذبيحة، وارمِ الشهوات والخساسة والدناءة الذَّميمة عند رمي الجمرات.
واحلقْ العيوبَ الظاهرة والباطنة بحلق شعركِ، وادخلْ في أمانِ الله وكنفِهِ وسترِهِ وكلاءتِهِ من متابعةِ مُرادِك بدخولِكَ الحرم، وزرْ البيتَ متحقِّقاً لتعظيم صاحبهِ ومعرفِتِه وجلاله وسلطانهِ، واستلمْ الحجرَ رضاً بقسمتِهِ وخضوعاً لعزَّتِهِ، وودِّعْ ما سواه بطواف الوداع، وصَفِّ روحَكَ وسِرِّك للقاءِ الله يومَ تلقاه بوقوفِكَ على الصّفا، وكنْ ذا مروَّة مِنَ الله نقيّاً أوصافك عند المروة، واستقمْ على شروطِ حجِّكَ ووفاء عهدك الذي عاهدتَ به ربَّكَ وأوجبتَهُ لهُ إلى يومِ القيامة". (الحديث).