تصدير الموعظة
قال الله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾1.2
أين نجد ما عملنا مُحضَرًا؟
ونحن نسير في دروب الحياة، ونتقلّب على هذه الأرض، كم نحن بحاجة إلى وقفة روحية، نجدّد بها الإيمان في قلوبنا، ونزيل عنها غبار الغفلة والذنوب. ومن الآية أعلاه نحاول أن نطلّ على شيء من العظة، فهي مشيرة إلى حقيقة عظيمة من حقائق الإيمان، وهي يوم القيامة، التطويق فيه، وهي من الحقائق العظيمة التي أوصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكثرة ذكرها، ومع هذا فالكثير لا يحبّون الحديث عنها، أو يتغافلون عن حقيقتها، إنّها حقيقة الموت والقيامة. قال الله - عزّ وجلّ -: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾3.4 5
إنها الحقيقة الكبرى، كل حيٍّ سيفنى، وكل جديدٍ سيبلى، وما هي إلا لحظةٌ واحدة، في مثلِ غمضةِ عين، أو لمحةِ بصر، تخرج فيها الروح إلى بارئها، فإذا العبد في عداد الموتى.
تأمل في ليلتين
ليلتان اثنتان اجعلهم في ذاكرتك، ليلةٌ في بيتك مع أهلك والعيال، مُنَعَّمًا سعيدًا، في عيش رغيد، وفي صحة وعافية، وتضاحِك أولادك وتلاعبهم. والليلة التي تليها، بينما تجرّ ثياب صحتك منتفعًا بنعمة العافية، فرِحًا بقوّتك وشبابك، إذ يهجم عليك المرض، ويأتيك الضعف بعد القوّة، يحلّ الهمّ من نفسك محلّ الفرج، فتبدأ تفكّر في عمر أفنيته، وشباب أضعته، وتتذكّر أموالًا جمعتها، ودورًا بنيتها، وتتألم لدنيا تفارقها، وذريةٍ ضعاف تخشى عليهم الضياع من بعدك، وقد استفحل الداء، وفشِل الدواء،
وحار الطبيب، ويئس الحبيب، ﴿وَجَاءتْ6 سَكْرَةُ7 الْمَوْتِ بِالْحَقِّ8 ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ9﴾"10، ونزلت بك السكرات. ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾, يعني انسحبت الروح من جسدك، بدءًا من أصابع القدمين، شيئًا فشيئًا، إلى أن وصلت إلى الحلقوم، بعيدَ عظام الترقوة. ﴿وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ﴾، ينظرون إليك، قلقون عليك، يحدّقون بك، يضعون أيديهم على جبينك، وأيديهم على نبضك، يقيسون ضغطك، يسمعون ضربات قلبك، يعطونك المنعشات. ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ﴾11"12.
ولا تزال تعالج سكرات الموت، ويشتدّ بك النزع، حتّى إذا جاء الأجل، ونزل القضاء، وفاضت الروح، وبدأ الصراخ والبكاء، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا مِنْ بَيْتٍ إِلا وَمَلَكُ الْمَوْتِ يَقِفُ عَلَى بَابِهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا وَجَدَ الإِنْسَانَ قَدْ نَفِدَ أَكْلُهُ، وَانْقَطَعَ أَجَلُهُ، أَلْقَى عَلَيْهِ غَمَّ الْمَوْتِ، فَغَشِيَتْهُ كُرُبَاتُهُ، وَغَمَرَتْهُ سَكَرَاتُهُ، فَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّاشِرَةُ شَعَرَهَا، وَالضَّارِبَةُ وَجْهَهَا، وَالْبَاكِيَةُ لِشَجْوِهَا، وَالصَّارِخَةُ بِوَيْلِهَا.
فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام: وَيْلَكُمْ، مِمَّ الْفَزَعُ؟ وَفِيمَ الْجَزَعُ؟ وَاللَّهِ، مَا أَذْهَبْتُ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ رِزْقًا، وَلا قَرَّبْتُ لَهُ أَجَلًا، وَلا أَتَيْتُهُ حَتَّى أُمِرْتُ، وَلا قَبَضْتُ رُوحَهُ حَتَّى اسْتَأْمَرْتُ، وَإِنَّ لِي فِيكُمْ عَوْدَةً ثُمَّ عَوْدَةً، حَتَّى لا أُبْقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا.
ثم قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ يَرَوْنَ مَكَانَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلامَهُ لَذَهِلُوا عَنْ مَيِّتِهِمْ، وَلَبَكَوْا عَلَى نُفُوسِهِمْ، حَتَّى إِذَا حُمِلَ الْمَيِّتِ عَلَى نَعْشِهِ رَفْرَفَتْ رُوحُهُ فَوْقَ النَّعْشِ، وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتٍ: يَا أَهْلِي وَيَا وَلَدِي، لا تَلْعَبَنَّ بِكُمُ الدُّنْيَا كَمَا لَعِبَتْ بِي، وَلا تَغُرَّنَّكُمْ كَمَا غَرَّتْنِي، جَمَعْتُ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ، وَمِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ثُمَّ خَلَّفْتُهُ لِغَيْرِي، فَالْمَهْنَأَةُ لَهُ وَالتَّبِعَةُ عَلَيَّ، فَاحْذَرُوا مِثْلَ مَا حَلَّ بِي"13.
وما الحال بعد الموت؟
ينقسم الناس عند الموت وشدتّه، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، إلى فريقين:
الأول: المبشَّرون بالجنّة:
فحالهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾14، ألّا تخافوا ممّا أمامكم من أهوال الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفكم في الدنيا من الأهل والولد والمال. نحن أولياؤكم في الآخرة، نؤنسكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور.
الثاني: المبشَّرون بعذاب الهُون:
فحالهم: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ15 الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ16 بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾17.
هل نبقى في نحيب وأنين؟
لا يعني تذكّر الموت، أو الحديث عن أهوال يوم القيامة وعقباتها، كثرةَ الحزن وطول النحيب وزفرة الأنين مع الإقامة على التفريط، ودون المبادرة إلى التوبة، والمسارعة إلى الأوبة. تذكُّرنا للموت يجب أن يقترن بخوفنا من سوء الخاتمة، وإنّما الأعمال بخواتيمها.
ما الحرمات التي هي أعظم من الكبائر؟
وهناك ذنوب لا نلتفت إليها، وقد تكون أعظم من الذنوب الكبيرة، لما لها من انعكاس على المجتمع بشكل عام. فالذنب الكبير غالبَ الأحيان يكون أثر ذنبه راجع على الفرد نفسه، أما الذنب الذي يكون فيه تقصير اتجاه المجتمع، والذي قد يؤدّي إلى إضعافه وإسقاطه، وما يلحق من تهديم له أو إظهاره بمظهر الهوان، ومنها التعرض للمجاهدين العظام، وعدم إعانتهم، والذي نتنعّم اليوم بالنعم الإلهية المادية والمعنوية ببركة دمائهم الطاهر، فلولا جهادهم ما کنّا ندري أيّ نهج انتهجنا، وأيّ طريق سلكنا، وإلى أين وصلنا، وفي أي أرض سكنّا، بل في أي رقّ حيّنا، وأين سُبيت حرائرنا، واستُعبدت أكبادنا؟.
إنّنا مدينون لهم بأمننا، ووجودنا، وهذا الدين أمانة في أعناقنا إلى يوم القيامة. وإن كنّا لم نتمكّن من أداء شكر هذه النعم، وعرفان جميل مُنعِمها، كم هو قبيح أن يعمد بعضٌ، على الرغم من كلّ هذه البركات التي حظينا بها، جهلًا أو عدوانًا وبمنتهى نكران الجميل؛ إلى إغماض عينيه عن كلّ شيء وإنكار جميع الحقائق والتشكيك بها. إنّني لا أظنّ أنّه يمكن تصوّر كفران للنعمة أقبح وأشدّ من ذلك18، وقد اعتبر بعض العلماء التعرضَ للمجاهدين من أعظم الحرمات عند الله - عزّ وجلّ -.
من مصاديق الحرمات
الأذية المعنوية:
ويكون إلحاق الأذى عبر اللسان، أو التنظير على جهادهم، والْتهام لحومهم عبر الغيبة أو البهتان، أو اللغو، أو إشاعة الفاحشة19 والتفكّه بها، وتوجيه التهم الباطلة ضدّهم، في المجالس العامّة أو الخاصّة أو صفحات التواصل الاجتماعي. وقد ورد عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنِ اغْتَابَ مُؤْمِناً غَازِياً وَآذَاهُ أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِسُوءٍ، نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَسْتَغْرِقُ حَسَنَاتِهِ، ثُمَّ يُرْكَسُ فِي النَّارِ رَكْساً إِذَا كَانَ الْغَازِي فِي طَاعَةِ اللَّهِ - عزّ وجلّ -"20.
وما أجمل تعبير المتنبي21:
لا خَيْل عِندك تُهْدِيها ولا مالُ فلْيُسْعِد الـنُّطْقُ إن لم تُسْعِد الْحالُ
الأذية الأمنية:
من أعظم مصاديق الأذى، إذاعة وإفشاء المرء سرَّ أخيه المجاهد، حتّى مع اختلافهما أو افتراقهما. والفاشي هنا يتحمّل أمام الله يوم القيامة وزرَ ما أقدم عليه. ومن البديهي أن من الأمور الرئيسة والخطيرة لأيّ تجمّع جهادي هو أسراره وأساليب تحرّكه، والأعداء يبثّون وسائلهم التجسسية في المجتمعات لتحصيل المعلومات عن المجاهدين وتحرّكاتهم وأساليبهم في العمل، بغية الإيقاع بهم.
فما عاقبة الفعل؟ قتل المجاهدين
فعن الإمام الصادق عليه السلام "أما والله ما قتلوهم بأسيافهم، ولكن أذاعوا سرّهم وأفشوا عليهم فقتلوا"22. والحفاظ على أسرار المجاهدين يعني أن يضرب أبناء المجتمع الحاضن حذَرًا أمنيًا لمنع تسرب أيّ معلومة عنهم للأعداء، فحتى ما تتصوّره جزئية، فهي مهمّة وخطيرة لدى الطغاة، حتّى ولو كلمة واحدة، فإنّها قد تؤدّي إلى كشف مكانهم أو خططهم، أو قتلهم، فما النتيجة؟ الشراكة في دمهم.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "يجيء يومَ القيامة رجلٌ إلى رجل حتّى يلطخه بالدم والناس في الحساب، فيقول: يا عبد الله، مالي ولك؟ فيقول: أعنتَ عليَّ يومَ كذا وكذا بكلمة فقُتلت"23. وفي رواية أخرى عن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم، فيقول: والله، ما قَتلت ولا شركت في دم، فيقال: بلى، ذكرت عبدي فلانًا، فترقى ذلك حتى قُتل، فأصابك من دمه"24.
الأذية المادية:
ولا شكّ في أن الدنيا هي دار بلاء واختبار وامتحان، وخصوصًا في المادّيّات، والمؤمن فيها ما بين عسر ويسر لاختبار وامتحان، فلو مرّت ساعة عسر وضيق على المؤمن- ومن أبرز مصاديقه المجاهد-، ولم نُعِنْهُ، فما النتيجة؟
خذلانك عند الحاجة:
ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ - عزّ وجلّ - فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ"25.
العذاب الشديد يوم القيامة:
أليس عدم نصرته بالمال من مصاديق الأذية! وتأمل في خطر العاقبة، كما في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ يُضْرَبُ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَدْعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ وَأَفَاقَ قَالَ: عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي؟ فقِيلَ له: إنَّك صَلَّيْت صلاة واحدة بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَمَرَرْت عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ"26.
فما الذي يبقى لك في يوم القيامة؟
ما ألبستَ فقد أبليت، أو تصدقت فقد أمضيت، أو دعيت فقد أعنت، فما أبلغ الرواية عن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ - عزّ وجلّ - يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا بْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ! يَا بْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا بْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي!"27.
الاستبدال:
صدق الله تعالى إذ قال: ﴿هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ28 قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾29.
التطويق بالنار:
كما مرّ أعلاه في الآية الشريفة. فانظر إليهم في إيثارهم، يجودون بأنفسهم، وبزهرة شبابهم، وقد يحتاجون إلينا، فما نقول نحن في رخائنا؟ ونحن نبخل بالقليل الذي قد لا نحتاجه أبدًا!
الأذية في أهله:
في مسيرة الجهاد، قد يسقط شهداء، جرحى، أسرى. وما ينتج عن ذلك، من أيتام وعوائل نفتخر بهم، فلا بدّ أيضًا من أن نتحمل مسؤولياتنا تجاههم، وأن نحتضنهم ونشدّ من أزرهم. واعلم أن خيانة المجاهدين وأذيتهم من بعدهم عظيمة ليست كخيانة غيرهم من الناس.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حُرمَةُ نِساءِ المُجاهِدينَ على القاعِدينَ كحُرمَةِ أُمَّهاتِهم. وما مِن رجُلٍ منَ القاعِدينَ يَخلُفُ رجُلًا منَ المُجاهِدينَ في أهلِه، فيَخونُه فيهِم، إلَّا وقَف له يومَ القيامَةِ، فيَأخُذُ من عمَلِه ما شاء. فما ظَنُّكم؟"30.
وأما اليتيم، فإن ضُرب أو جرت دمعة على خدّه، اهتزّ لذلك عرش الرحمن، كما في الرواية عن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا ضُرِبَ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِبُكَائِهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مَلَائِكَتِي، مَنْ أَبْكَى الَّذِي غَيَّبْتُ أَبَاهُ فِي التُّرَابِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ؟ قَالَ: تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا، لَا عِلْمَ لَنَا. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنَّ مَنْ أَرْضَاهُ فِيَّ فَأُرْضِيهِ مِنْ عِنْدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"31.
وهذا أمير المؤمنين عليه السلام يتأوّه للأيتام، لأنّه يستشعر لذعة اليُتم ومدى الفراغ الذي يُخلِّفه فقدان الأب في نفسيّة الطفل، فيقول32:
ما إن تأوّهتُ في شيءٍ رُزئتُ به كما تأوّهتُ للأطفال في الصِّغَرِ
قد ماتَ والِدُهُم مَن كان يكفلُهُم في النائبات وفي الأسفار والحَضَرِ
وقفة تأملية
مِمَّن يفضحهم الله - عزّ وجلّ - على رؤوس الخلائق مَن أُذِلَّ عنده مؤمنٌ فلم ينصره:
فقد أكّدت الروايات أنّه ما من امرئ مسلم يَخذُل امرأً مسلمًا في موطن تُنتهك فيه حرمته، ويُنتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحبّ فيه نُصرته. وما من امرئ يَنصر مسلمًا في موضع يُنتقص فيه من عِرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موضع يحبُّ فيه نُصرته.
الكفار والمنافقون ينادى بهم على رؤوس الخلائق، هؤلاء الذين كذبوا على الله:
قال الراوي عندما سئل: "كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في النجوى؟"، قال: "سمعته يقول: "يُدنَى المؤمنُ من ربه يومَ القيامة حتى يوضَع عليه كنفُه فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي ربّ أعرف، قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، فيُعطى صحيفة حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق، هؤلاء الذين كذبوا على الله"33.
الظالمون:
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾34.
كاتم الشهادة يطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق:
﴿وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾35.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المناهي أنه نهى عن كتمان الشهادة، وقال: "من كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، وهو قول الله - عزّ وجلّ -: ﴿وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ﴾36.37
هوامش
1- اعلم أنه تعالى لمّا بالغ في التحريض على بذل النفس في الجهاد في الآيات المتقدمة، شرع هاهنا في التحريض على بذل المال في سبيل الله، وبيّن الوعيد الشديد لمن يبخل ببذله فيه، وإيراد ما بخلوا به بعنوان إيتاء الله تعالى إياه من فضله-، للمبالغة في بيان سوء صنيعهم، فإن ذلك من موجبات بذله في سبيله، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ سورة الحديد، الآية 7-، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ، لاستجلاب العقاب عليهم، والتنصيص على شرِّه لهم، مع انفهامها من نفي خيره، للمبالغة في ذلك.
سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ: بيانٌ لكيفية شرّ مآل ما بخلوا به. وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذا الوعيد على طريق التمثيل، أي سيلزمون وبال ما بخلوا به لزوم الطوق. وذهب آخرون إلى أنه على ظاهره، وأنه نوع من العذاب الأخرويّ المحسوس، وأيّدوه بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من آتاه الله مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان - غدتان في رأسه مملوءتان من السمّ، يطوّقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه- يعني شدقيه-، ثم يقول: أنا مالُك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ إلى آخرها. أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج2، ص 355.
2- سورة آل عمران، الآية 180.
3- المعنى اللغوي لقوله تعالى مَتاعُ الْغُرُورِ-: كلّ منفعة توجب الالتذاذ في الحال، وكلّ شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ. فالفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا، فما هو إلا بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به، ولا بقاء له، فإنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول، أَي بَقاء أَيام. فكلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا، قَليلها وكثيرها، يوشك أن يزول عن صاحبه، فما الدنيا والانتفاع بما فيها إلا لذَّةٌ عاجلة وإن امتدت بعض الوقت، ومع ذلك فهي لذة ومتعة زائفة لا حقيقة، لها إذ إنّ متاعها غرورٌ ومتوهَّم، يحمل الإنسان على فعل ما يضره، مثل أن يرى السراب فيحسبه ماء فيضيع ماءه فيهلك عطشًا. وكيف لا، وما الدنيا إلا غُرور بالأَباطيل التي يَغُرُّ الشيطان - وهو الغَرُور - الناسَ بوعد كاذب وأمنيات مهلكة، فالدنيا متاعها غُرور مزيّن، ولا يحتاج إلى زينة إلا كل قبيح.
4- تتضمن الوعد للمصدق والوعيد للمكذب، وقد بدأ فيها بالحكم العام المقضي في حق كل ذي نفس. والتوفية هو الإعطاء الكامل. وقد استدلّ بعضهم بالآية على ثبوت البرزخ، لدلالتها على سبق بعض الإعطاء، وأن الذي في يوم القيامة هو الإعطاء الكامل، وهو استدلال حسن. والزحزحة هو الإبعاد، وأصله تكرار الجذب بعجلة، والفوز الظفر بالبغية. والغرور مصدر غرّ، أو هو جمع غار.
5- سورة آل عمران، الآية 185.
6- المجيء مجاز في الحصول والاعتراء، وفي هذه الاستعارة تهويل لحالة احتضار الإنسان وشعوره بأنه مفارق الحياة التي ألفها وتعلّق بها قلبه.
7- اسم لما يعتري الإنسان من ألم أو اختلال في المزاج، يحجب من إدراك العقل، فيختلّ الإدراك، ويعتري العقل غيبوبة. وهي مشتقة من السكر بفتح فسكون، وهو الغلق، لأنه يغلق العقل. ومنه جاء وصف السكران.
8- الباء في قوله بالحق- للملابسة، وهي إما حال من سكرة الموت-، أي متصفة بأنها حق، والحق: الذي حَقَّ وثبت فلا يتخلّف، أي السكرة التي لا طمع في امتداد الحياة بعدها، وإما حال من الموت، أي ملتبّسًا بأنّه الحق، أي المفروض المكتوب على الناس، فهم محقوقون به، أو الذي هو الجدّ ضدّ العبث.
9- تحيد: تفر وتهرب، وهو مستعار للكراهية، أو لتجنب أسباب الموت.
10- سورة ق، الآية 19.
11- معناه أن الله تعالى يراه من غير مساقة بينه وبينه، فلا شيء أقرب إليه منه، وأقرب من كل من يراه بمسافة بينه وبينه. "ولكن لا تبصرون" معناه: ولكن لا تعلمون ذلك لجهلكم بالله وبما يجوز عليه وما لا يجوز. ويحتمل أن يكون المراد ولكن لا تبصرون الله-، لأن الرؤية مستحيلة عليه. وقيل، معناه: ولكن لا تبصرون الملائكة التي تتولى قبض روحه.
12- سورة الواقعة، الآيتان 85-86.
13- راجع: العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج74، ص189.
14- سورة فصلت، الآية 30.
15- الغمرة بفتح الغين: ما يغمُر، أي يَغُمّ من الماء، فلا يترك للمغمور مخلصاً، وشاعت استعارتها للشدّة تشبيهاً بالشدّة الحاصلة للغريق حين يغمره الوادي أو السّيل، حتّى صارت الغمرة حقيقة عرفيّة في الشدّة الشّديدة، وجَمْع الغمرات يجوز أن يكون لتعدّد الغمرات بعدد الظّالمين، فتكون صيغة الجمع مستعملة في حقيقتها، ويجوز أن يكون لقصد المبالغة في تهويل ما يصيبهم بأنّه أصناف من الشّدائد، هي لتعدّد أشكالها وأحوالها لا يعبَّر عنها باسم مفرد، فيجوز أن يكون هذا وعيداً بعذاب يلقونه في الدّنيا في وقت النّزع. ولمّا كان للموت سكرات، جُعلت غمرةُ الموت غمَرات.
16- الهُون: الهَوَان، وهو الذّلّ، وفسّروه بالهوان الشّديد. وإضافة العذاب إلى الهون لإفادة ما تقتضيه الإضافة من معنى الاختصاص والمِلك، أي العذاب المتمكّن في الهُون المُلازم له.
17- سورة الأنعام، الآية 93.
18- من كلام العلّامة الشيخ مصباح اليزديّ، ألقاها في مكتب سماحة وليّ أمر المسلمين بتاريخ 22 أيلول 2010م، في شرح جملة "وجعل الجهاد عزًّا للإسلام".
19- ما معنى الفاحشة؟ تُطلق الفاحشة بصورة عامة على كل عمل أو قول يشتدُّ قبحه، لكن المقصود بها في النصوص الدينية هي الذنوب والمعاصي الكبيرة.
ما معنى إشاعة الفاحشة؟ المقصود بإشاعة الفاحشة هو إذاعة ونشر أخبارها والتحدث عنها، لما فيها من المفاسد الفردية والاجتماعية، فتوعَّد الذين يقومون بنشر الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
رَوى الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ أَذَاعَ الْفَاحِشَةَ كَانَ كَمُبْتَدِئِهَا، ومَنْ عَيَّرَ مُؤْمِناً بِشَيْءٍ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَرْكَبَهُ" الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج12، ص 296-. كما رُوي عنه عليه السلام أنَّهُ قال: "مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وسَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ - عزّ وجلّ -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص357-، وكذلك رُوي عنه أنَّهُ قال: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ سَتَرَ اللَّهُ - عزّ وجلّ - عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ومَنْ هَتَكَ سِتْرَ مُؤْمِنٍ هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج9، ص109-.
20- الشيخ الكليني، الكافي، ج5، ص9.
21- أبو الطيّب المتنبي 303-354ه- 915-965م- هو أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، أبو الطيب الكندي، الكوفيّ المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية، وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. يوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره. وظلَّ شِعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي.
22- الشيخ الكليني، الكافي ج2، ص371، ح7.
23- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج 29، ص18، ح 35043.
24- الشيخ الكليني، الكافي ج7، ص273، ح10. الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج 29، ص 17، ح43041.
25- أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج4، ص30.
26- المنذري، زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي، الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، ضبط أحاديثه وعلق عليه مصطفى محمد عماره، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1408ه - 1988م، لا.ط، ج 3، ص190.
27- ابن طاووس، السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الحسني الحسيني، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، لا.ن، لا.م، 1399ه، ط1، ص323.
28- أما الاستبدال، فهو لغة: جعل شيء مكان شيء آخر، سواء كان ذلك المجعول عوضًا أم لم يكن، فجعل المال مكان الدار التي تشتريها استبدال، وهكذا. وعرّف في الاصطلاح بأنه: تبديل قوم بآخرين أفضل منهم، لحمل أعباء الرسالة الإلهية.
29- سورة محمد، الآية 38.
30- النسائي، سنن النسائي، ج6، ص51.
31- الفاضل الهندي، الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني، كشف اللثام، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، إيران - قم، 1416ه، ط1، ج11، ص 532.
32- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 33، ص 99.
33- القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن تفسير القرطبي-، تصحيح أحمد عبد العليم البردوني، دار إحياء التراث العربي، لبنان - بيروت، 1405ه - 1985م، ط2، ج7، ص166.
34- سورة هود، الآية 18.
35- سورة البقرة، الآية 283.
36- سورة البقرة، الآية 283.
37- الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، الأمالي، تحقيق ونشر قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة، إيران - قم، 1417ه، ط1، ص514.