هناك مفاهيم إذا لم تعرف على حقيقتها فإنها تسبب للإنسان انزلاقات في حياته، كما ان هناك وسائل تستلزمها الحياة ولكنها اذا لم تستخدم بالشكل الصحيح فإنها تضر وتؤذي. التوكل على الله.. هذا المفهوم الذي يتلقنه الإنسان ويسمعه في مجالس الذكر ماذا يعني؟ وكيف يتعامل معه؟
البعض يفهمه على انه السكون والركون، وعدم العمل. فقط يتمنى الشيء وينوي التوكل على الله، وهذا لا شك امر خاطئ فهذا يسمى التواكل وليس التوكل. التوكل ان يعمل الإنسان للشيء الذي يريد تحقيقه بمقدار استطاعته، مستمداً قوته من الله تعالى. وفي اي عمل يقوم به الانسان قد يواجه نوعين من المشاكل: مشاكل نفسية. وهي الهواجس والشكوك التي تدور في باله، هل استطيع ام لا؟ سهل ام صعب؟ وهذه لها اثر في ان تقعده عن العمل. وهناك مشاكل خارجية حيث يواجه عقبات اجتماعية، وادارية تنظيمية، وهي ايضا تؤثر عليه سلبا بان ترجعه الى الوراء، بل قد توقفه عن العمل.
هذه المشاكل بنوعيها تتطلب من الانسان قدرة على مواجهتها والتغلب عليها، والتوكل هي القدرة الخارقة التي تفتك بهذه المشاكل، فما دام الانسان واثقا من نفسه، ومن عمله، فهو يمضي في امره ويقول: توكلت على الله.
التوكل حالة نفسية تصد الخوف والفشل، وتدفع المتوكل على الله الى الامام، والمضي قدما لتحقيق عمله، بخلاف المتواكلين، او من لا يتكلون على الله حق الاتكال، فانهم وامام ادنى عقبة يتراجعون.
ولهذا يمدح الله عباده العاملين المتوكلين كما في الاية الت تلوناها: ﴿ ... نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ 1 ثوابهم عظيم، وصفتهم الصبر ﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا ... ﴾ 2 وايضا يثقون بالله تعالى حيث يتوكلون عليه: ﴿ ... وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ 2.
ويقول تعالى في آية اخرى حول من يواجه عقبات اجتماعية تثبطه عن عمله الذي يراه صحيحا: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ 3.
هذه الايات واحاديث رسول الله تعلمنا كيف نتوكل على الله ومتى ولماذا؟ وتعلمنا ان لا تكون المشاكل مهما كثرت سببا لليأس والاحباط 4.
1. القران الكريم: سورة العنكبوت (29)، الآية: 58، الصفحة: 403.
2. a. b. القران الكريم: سورة العنكبوت (29)، الآية: 59، الصفحة: 403.
3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 173، الصفحة: 72.
4. الموقع الرسمي لسماحةالشيخ حسن الصفار*جريدة الدار الكويتية 18 / 9 / 2010م. العدد/818.