قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ )، صدق الله العلي العظيم. نستعرض ثلاث نقاط هامة:
الأولى: المقارنة بين الحج وسائر أعمال البر. لأنّ الروايات أفصحت مبينة أنّ الرواة سألوا الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) عن أفضلية الحج بالمقارنة مع بعض الأعمال التي أكد عليها القرآن الكريم، كالصدقة، والعتق في سبيل الله، وكذلك، عند المقارنة بين الحج وبين سائر أعمال البر، فنجد أنّ الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) يؤكدون على أفضلية الحج على مثل هذه الأعمال، وأنّ الحج لا يعدله شيء.
الثانية : الآثار الوضعية المترتبة على الحج. لأنّ الروايات تشير إلى أنّ من أراد أن يستغني من الناحية المادية فليدمن الحج، أي، إنّ الله تبارك وتعالى يُوسع له في رزقه.
الثالثة : ارتباط الولاية لأهل البيت ( عليهم السلام ) بالحج.
الأولى : المقارنة بين الحج وأعمال البِّر.
إنّ الروايات التي وردت فيها الموازنة بين الحج وغيره من سائر أعمال البر كثيرة ومتعددة، وسوف نُركز على نموذجين منها :
الأول : الموازنة بين الحج والصدقة .
هناك روايات تشير إلى الموازنة بين الحج والصدقة باعتبار أنّ الحج يحوي حيثية خاصة لا تُوجد في الصدقة، كالرواية الواردة عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) التي سُئل فيها: أيهما أفضل الحج أم الصدقة؟ قال الإمام ( عليه السلام ) ( ما أحسن الصدقة، ما أحسن الصدقة، ما أحسن الصدقة )، قال الراوي: قلتُ أجل - أي، إنّ الصدقة أمر حسن- فأيهما أفضل، قال الإمام ( عليه السلام ):( ما يمنع أحدكم من أن يحج ويتصدق )، فالإمام يحض السائل على أن لا يكتفي بأحد الأمرين، بل يتصدق ويحج، وهذا أمرٌ أكدت عليه الروايات، وأبانت أنّ الإنسان لا ينبغي له أن يكتفي بأحد أبواب الخير، وأن يعمل الخير من جهة واحدة، بل يُعدد في فعل الخير لأنه لا يعلم أي من الأبواب يؤثر تأثيراً كبيراً على حياته وعلى عالم المعنى لوجوده وذاته, فقال الراوي: قلتُ ما يبلغ ماله ذلك ولا يتسع - أي ليس لديه القدرة على الحج والتصدق- فقال الإمام ( عليه السلام ): ((إذا أراد أن ينفق عشرة (دراهم) في شيءٍ من سبب الحج أنفق خمسة، وتصدق بخمسة, أو قصّر في شيء من نفقته في الحج، فيجعل ما يحبس في الصدقة فإنّ له في ذلك أجراً))، فالإمام يحاول أن يربط السائل بالصدقة والحج, ولا يكتفي بالحج وحده، قال السائل: قلتُ هذا لو فعلناه لاستقام الأمر- أي،نحن لا نتمكن، ونريد أن تعين لنا أي العملين أفضل- فقال الإمام ( عليه السلام ): ((وأنّى له مثل الحج, وأنّى له مثل الحج, وأنّى له مثل الحج)) ، ثم عقب قائلاً : (( إنّ العبد ليخرج من بيته فيُعطى قسماً (أي نصيباً أو سهماً) حتى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة ثم عاد إلى مقام إبراهيم ( عليه السلام ) فصلى ركعتين, فيأتيه ملك فيقف على يساره، فإذا انصرف, ضرب الملك بيده على كتفه فيقول: يا هذا أمّا ما مضى فقد غُفر لك، وأما ما تَستقبل فَجُد))، أي، إنّ الحاج يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
الثانية: الموازنة بين الحج والعتق في سبيل الله .
في الزمان الماضي، كان هناك رقيق، يمكن عتقهم، ولكن، في زماننا لا يوجد عتق الرقاب، ولكن يمكن للإنسان أن يعتق شخصاً في حالة متدنية من الوضع الاقتصادي، ويرفع مستواه من العطاء المادي. وقد وردت روايات متعددة تحض المؤمن على العتق في سبيل الله، ومَد يَدِ المساعدة لتحرير ذلك الإنسان ابتغاء ما عند الله تبارك وتعالى، وفي الكثير من الروايات تأكيد كبير على أهمية العتق في سبيل الله، وقد سأل الرواة الأئمة من أهل البيت ( عليه السلام ) عن الأفضلية بين الحج والعتق في سبيل الله لرقبة؟ فأجاب الإمام ( عليه السلام ) ((الحج))، فقال الراوي: لرقبتين؟ قال الإمام: ((الحج)) فوصل السائل إلى ثلاثين رقبة تعتق في سبيل الله ففضل الإمام ( عليه السلام ) الحج على عتق ثلاثين رقبة، وفي رواية أخرى: ((الحج أفضل من عتق سبعين رقبة في سبيل الله))، ثم سأل السائل الإمام: ما يعدل الحج شيء؟، قال الإمام: ((ما يعدله شيء، والدرهم في الحج أفضل من ألفي ألف فيما سواه))، أي، إنّ الإمام يقول لا تعدلوا بالحج شيئاً.
الثالثة : الآثار الوضعية لفريضة الحج.
هناك آثاراً وضعية متعددة للحج، سوف نستعرض بعضاً منها :
الأول : الوصول إلى جوار الله .
الحج من أفضل أنواع التجارة الرابحة مع الله تعالى، لأنه بمثابة سوق رابحة، لا خسارة فيها، ورد في الرواية (( الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة, العامل فيهما في جوار الله))، والإنسان إذا دخل السوق العادي يمكن أن يكون في جوار الله فيربح، ولكن قد يكون في جوار الشيطان فيخسر، لأنه لا يسير على طبق الموازين الشرعية، أما من ذهب إلى السوق الإلهي وأراد أن يتجر كما ورد في الروايات فالأثر الذي يحصل عليه هو كونه في جوار الله تعالى، ثم الإمام يدفع دخلاً مقدراً كما يقول العلماء، يعني، يدفع شبهة قد ترد في فكر الإنسان، وهي أنّ الإنسان قد يذهب إلى الحج، ولكن يأتيه الموت فلا يكمل حجه، فيقول الإمام: ((إنْ أدرك ما يأمل غفر الله له, وخرج من الدنيا طاهراً مطهراً، واستقبل الآخرة بغفران الذنوب وستر العيوب والبشرى بالجنة، وإنْ قصّر به أجله وقع أجره على الله عزّ وجلّ))، إذاً الحج يُقرب الإنسان من الله تعالى .
الثاني : التوسعة في الرزق .
الروايات تؤكد على أنّ من وجد ضيقاً في رزقه فليُدمن الحج فإنّ الله تبارك وتعالى يُوسع في رزقه، يقول إمامنا زين العابدين ( عليه السلام ): ((حجوا واعتمروا تَصُح أبدانكم وتَتسِع أرزاقكم))، هذان أثران عظيمان يترتبان على الحج، بينما الإنسان قد يبذل المال الكثير ليحصل على الصحة في بدنه، ولكن هناك طُرق يحصل من خلالها الإنسان على الصحة، أشارت إليها الروايات، من أهمها وأعظمها الحج، لأنّ الله تبارك وتعالى جعل الحاج معافى في بدنه، متسعاً في رزقه، ويقول الإمام: ((وتُكفوْن مؤونات عيالكم))، وهذه المئونة ليست فقط في قضايا الرزق، لأنّ الإنسان قد يحتاج أن يؤمن بعض الأشياء لعياله، ولكنه لا يستطيع ذلك حتى ولو توفر لديه المال، بينما إذا أدمن الإنسان الحج، فالله تبارك وتعالى يرفع عنه العوائق ويسهل له كل الأمور التي تحقق له ما يحتاجه لعياله، ثم يقول الإمام زين العابدين ( عليه السلام ): ((الحاج مغفور له وموجوب له الجنة ومستأنف له العمل ومحفوظ في أهله وماله))، الله يحفظه في أهله وماله. فالحج والعمرة كما ورد في الروايات يطردان الفقر عن الإنسان الحاج والمعتمر، ودائماً يرى أنّ أسباب الرزق تُفتح له من قبل الله تعالى، فقد، ورد عن إمامنا الباقر ( عليه السلام ) : (( ثلاثة مع ثوابهنّ في الآخرة: الحج ينفي الفقر، والصدقة تدفع البلية، والبِّرُ يزيد في العُمر))، فهذه الرواية لا تتحدث عما يحصل عليه الإنسان من الثواب في عالم الآخرة، بل عن الأثر الذي يناله الإنسان في الدنيا، وأيضاً ورد عن جابر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ((ما أمعَر الحاج قط))، قيل لجابر: وما معنى قوله ما أمعَر؟ قال جابر: أي ما افتقر الحاج . فمن يدمن الحج لا يفتقر وإنما يتسع رزقه.
الثالثة : ارتباط الولاية لأهل البيت ( عليهم السلام ) بالحج.
هناك رواية لها أهمية خاصة أريد أن أؤكد عليها، ترتبط بالثواب المضاعف الذي يحصل الإنسان عليه إذا حج، مع كونه من المحبين والعارفين بحق أهل البيت ( عليهم السلام ) فهؤلاء يكتمل ما نقص أو قُصِر فيه من الحج، ويصبح لحجهم الطعم المعنوي الخاص، والتميز الفائق، وهذا ما يُركز عليه إمامنا الصادق ( عليه السلام ) عندما يقول: ((من أتى الكعبة فعرف من حقنا وحرمتنا))، ومعنى معرفة حق المعصوم، هو ذلك المعنى الذي فُسِرَ في الروايات، من أنّ الإنسان يشعر أنّ الله تبارك وتعالى افترض عليه الطاعة للمعصوم فيما يقول، وأما المراد من الحُرمة، فأن تعرف القداسة فلا يصدر منك ما يوجب النقص لمقام أهل البيت ( عليه السلام ) بل تكون عقيدتك فيهم، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في حق الملائكة وفي حقهم أيضاً: (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ $ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)، والإمام الصادق يؤكد هذا المعنى، في قوله: ((من أتى الكعبة فعرف من حقنا وحرمتنا ماعرف من حقها وحرمتها لم يخرج من مكة الا وقد غفر له، غفر الله له ذنوبه وكفاه الله ماهمه من أمر الدنيا والآخرة))، فالإنسان يطمع في الحصول على السعادة في الدنيا والرضوان في عالم الآخرة، ولا يتاح له ذلك إلا إذا عَرف حق أهل البيت ( عليهم السلام ).
الأولى: المقارنة بين الحج وسائر أعمال البر. لأنّ الروايات أفصحت مبينة أنّ الرواة سألوا الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) عن أفضلية الحج بالمقارنة مع بعض الأعمال التي أكد عليها القرآن الكريم، كالصدقة، والعتق في سبيل الله، وكذلك، عند المقارنة بين الحج وبين سائر أعمال البر، فنجد أنّ الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) يؤكدون على أفضلية الحج على مثل هذه الأعمال، وأنّ الحج لا يعدله شيء.
الثانية : الآثار الوضعية المترتبة على الحج. لأنّ الروايات تشير إلى أنّ من أراد أن يستغني من الناحية المادية فليدمن الحج، أي، إنّ الله تبارك وتعالى يُوسع له في رزقه.
الثالثة : ارتباط الولاية لأهل البيت ( عليهم السلام ) بالحج.
الأولى : المقارنة بين الحج وأعمال البِّر.
إنّ الروايات التي وردت فيها الموازنة بين الحج وغيره من سائر أعمال البر كثيرة ومتعددة، وسوف نُركز على نموذجين منها :
الأول : الموازنة بين الحج والصدقة .
هناك روايات تشير إلى الموازنة بين الحج والصدقة باعتبار أنّ الحج يحوي حيثية خاصة لا تُوجد في الصدقة، كالرواية الواردة عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) التي سُئل فيها: أيهما أفضل الحج أم الصدقة؟ قال الإمام ( عليه السلام ) ( ما أحسن الصدقة، ما أحسن الصدقة، ما أحسن الصدقة )، قال الراوي: قلتُ أجل - أي، إنّ الصدقة أمر حسن- فأيهما أفضل، قال الإمام ( عليه السلام ):( ما يمنع أحدكم من أن يحج ويتصدق )، فالإمام يحض السائل على أن لا يكتفي بأحد الأمرين، بل يتصدق ويحج، وهذا أمرٌ أكدت عليه الروايات، وأبانت أنّ الإنسان لا ينبغي له أن يكتفي بأحد أبواب الخير، وأن يعمل الخير من جهة واحدة، بل يُعدد في فعل الخير لأنه لا يعلم أي من الأبواب يؤثر تأثيراً كبيراً على حياته وعلى عالم المعنى لوجوده وذاته, فقال الراوي: قلتُ ما يبلغ ماله ذلك ولا يتسع - أي ليس لديه القدرة على الحج والتصدق- فقال الإمام ( عليه السلام ): ((إذا أراد أن ينفق عشرة (دراهم) في شيءٍ من سبب الحج أنفق خمسة، وتصدق بخمسة, أو قصّر في شيء من نفقته في الحج، فيجعل ما يحبس في الصدقة فإنّ له في ذلك أجراً))، فالإمام يحاول أن يربط السائل بالصدقة والحج, ولا يكتفي بالحج وحده، قال السائل: قلتُ هذا لو فعلناه لاستقام الأمر- أي،نحن لا نتمكن، ونريد أن تعين لنا أي العملين أفضل- فقال الإمام ( عليه السلام ): ((وأنّى له مثل الحج, وأنّى له مثل الحج, وأنّى له مثل الحج)) ، ثم عقب قائلاً : (( إنّ العبد ليخرج من بيته فيُعطى قسماً (أي نصيباً أو سهماً) حتى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة ثم عاد إلى مقام إبراهيم ( عليه السلام ) فصلى ركعتين, فيأتيه ملك فيقف على يساره، فإذا انصرف, ضرب الملك بيده على كتفه فيقول: يا هذا أمّا ما مضى فقد غُفر لك، وأما ما تَستقبل فَجُد))، أي، إنّ الحاج يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
الثانية: الموازنة بين الحج والعتق في سبيل الله .
في الزمان الماضي، كان هناك رقيق، يمكن عتقهم، ولكن، في زماننا لا يوجد عتق الرقاب، ولكن يمكن للإنسان أن يعتق شخصاً في حالة متدنية من الوضع الاقتصادي، ويرفع مستواه من العطاء المادي. وقد وردت روايات متعددة تحض المؤمن على العتق في سبيل الله، ومَد يَدِ المساعدة لتحرير ذلك الإنسان ابتغاء ما عند الله تبارك وتعالى، وفي الكثير من الروايات تأكيد كبير على أهمية العتق في سبيل الله، وقد سأل الرواة الأئمة من أهل البيت ( عليه السلام ) عن الأفضلية بين الحج والعتق في سبيل الله لرقبة؟ فأجاب الإمام ( عليه السلام ) ((الحج))، فقال الراوي: لرقبتين؟ قال الإمام: ((الحج)) فوصل السائل إلى ثلاثين رقبة تعتق في سبيل الله ففضل الإمام ( عليه السلام ) الحج على عتق ثلاثين رقبة، وفي رواية أخرى: ((الحج أفضل من عتق سبعين رقبة في سبيل الله))، ثم سأل السائل الإمام: ما يعدل الحج شيء؟، قال الإمام: ((ما يعدله شيء، والدرهم في الحج أفضل من ألفي ألف فيما سواه))، أي، إنّ الإمام يقول لا تعدلوا بالحج شيئاً.
الثالثة : الآثار الوضعية لفريضة الحج.
هناك آثاراً وضعية متعددة للحج، سوف نستعرض بعضاً منها :
الأول : الوصول إلى جوار الله .
الحج من أفضل أنواع التجارة الرابحة مع الله تعالى، لأنه بمثابة سوق رابحة، لا خسارة فيها، ورد في الرواية (( الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة, العامل فيهما في جوار الله))، والإنسان إذا دخل السوق العادي يمكن أن يكون في جوار الله فيربح، ولكن قد يكون في جوار الشيطان فيخسر، لأنه لا يسير على طبق الموازين الشرعية، أما من ذهب إلى السوق الإلهي وأراد أن يتجر كما ورد في الروايات فالأثر الذي يحصل عليه هو كونه في جوار الله تعالى، ثم الإمام يدفع دخلاً مقدراً كما يقول العلماء، يعني، يدفع شبهة قد ترد في فكر الإنسان، وهي أنّ الإنسان قد يذهب إلى الحج، ولكن يأتيه الموت فلا يكمل حجه، فيقول الإمام: ((إنْ أدرك ما يأمل غفر الله له, وخرج من الدنيا طاهراً مطهراً، واستقبل الآخرة بغفران الذنوب وستر العيوب والبشرى بالجنة، وإنْ قصّر به أجله وقع أجره على الله عزّ وجلّ))، إذاً الحج يُقرب الإنسان من الله تعالى .
الثاني : التوسعة في الرزق .
الروايات تؤكد على أنّ من وجد ضيقاً في رزقه فليُدمن الحج فإنّ الله تبارك وتعالى يُوسع في رزقه، يقول إمامنا زين العابدين ( عليه السلام ): ((حجوا واعتمروا تَصُح أبدانكم وتَتسِع أرزاقكم))، هذان أثران عظيمان يترتبان على الحج، بينما الإنسان قد يبذل المال الكثير ليحصل على الصحة في بدنه، ولكن هناك طُرق يحصل من خلالها الإنسان على الصحة، أشارت إليها الروايات، من أهمها وأعظمها الحج، لأنّ الله تبارك وتعالى جعل الحاج معافى في بدنه، متسعاً في رزقه، ويقول الإمام: ((وتُكفوْن مؤونات عيالكم))، وهذه المئونة ليست فقط في قضايا الرزق، لأنّ الإنسان قد يحتاج أن يؤمن بعض الأشياء لعياله، ولكنه لا يستطيع ذلك حتى ولو توفر لديه المال، بينما إذا أدمن الإنسان الحج، فالله تبارك وتعالى يرفع عنه العوائق ويسهل له كل الأمور التي تحقق له ما يحتاجه لعياله، ثم يقول الإمام زين العابدين ( عليه السلام ): ((الحاج مغفور له وموجوب له الجنة ومستأنف له العمل ومحفوظ في أهله وماله))، الله يحفظه في أهله وماله. فالحج والعمرة كما ورد في الروايات يطردان الفقر عن الإنسان الحاج والمعتمر، ودائماً يرى أنّ أسباب الرزق تُفتح له من قبل الله تعالى، فقد، ورد عن إمامنا الباقر ( عليه السلام ) : (( ثلاثة مع ثوابهنّ في الآخرة: الحج ينفي الفقر، والصدقة تدفع البلية، والبِّرُ يزيد في العُمر))، فهذه الرواية لا تتحدث عما يحصل عليه الإنسان من الثواب في عالم الآخرة، بل عن الأثر الذي يناله الإنسان في الدنيا، وأيضاً ورد عن جابر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ((ما أمعَر الحاج قط))، قيل لجابر: وما معنى قوله ما أمعَر؟ قال جابر: أي ما افتقر الحاج . فمن يدمن الحج لا يفتقر وإنما يتسع رزقه.
الثالثة : ارتباط الولاية لأهل البيت ( عليهم السلام ) بالحج.
هناك رواية لها أهمية خاصة أريد أن أؤكد عليها، ترتبط بالثواب المضاعف الذي يحصل الإنسان عليه إذا حج، مع كونه من المحبين والعارفين بحق أهل البيت ( عليهم السلام ) فهؤلاء يكتمل ما نقص أو قُصِر فيه من الحج، ويصبح لحجهم الطعم المعنوي الخاص، والتميز الفائق، وهذا ما يُركز عليه إمامنا الصادق ( عليه السلام ) عندما يقول: ((من أتى الكعبة فعرف من حقنا وحرمتنا))، ومعنى معرفة حق المعصوم، هو ذلك المعنى الذي فُسِرَ في الروايات، من أنّ الإنسان يشعر أنّ الله تبارك وتعالى افترض عليه الطاعة للمعصوم فيما يقول، وأما المراد من الحُرمة، فأن تعرف القداسة فلا يصدر منك ما يوجب النقص لمقام أهل البيت ( عليه السلام ) بل تكون عقيدتك فيهم، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في حق الملائكة وفي حقهم أيضاً: (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ $ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)، والإمام الصادق يؤكد هذا المعنى، في قوله: ((من أتى الكعبة فعرف من حقنا وحرمتنا ماعرف من حقها وحرمتها لم يخرج من مكة الا وقد غفر له، غفر الله له ذنوبه وكفاه الله ماهمه من أمر الدنيا والآخرة))، فالإنسان يطمع في الحصول على السعادة في الدنيا والرضوان في عالم الآخرة، ولا يتاح له ذلك إلا إذا عَرف حق أهل البيت ( عليهم السلام ).