الثلاثاء 21 أيار 2024 الموافق لـ 11 ذو القعدة 1445هـ

» مفاهيــــم إســـلامــية

الغربة في الوطن


اعتادت أذهاننا أن تجعل مفهوم الغربة مقابل الوطن ، فالمسافر عندنا غريب و المتواجد في وطنه ليس غريباً ، و فهمنا أن من يتحدث لغة قوم فهو بعيد عن الغربة ، بينما من يجهل لغة قوم يعيش بينهم فهو مركوس في الغربة.
لقنّا كذلك أن من يعيش في دولته ، و يحمل جنسيتها ، و يمتلئ جيبه ببطاقاتها و أوراقها و رسمياتها فهو محتضن ، و الغريب هو اللاجئ أو البدون ، الذي لا يحمل رسميات الدولة التي يقطن فيها و لا يستمتع بصورته ممهورة بختمها.
هكذا فهمنا الغربة ، وجود خارج الوطن ، و لغة غريبة عن الناس ، و فقد للبطاقات الشخصية و جواز السفر ، أما الحرمان من الحقوق المتشعبة و الملازمة للمواطنة و حمل الجنسية فلم نعتبرها غربة ، بل قبلناها تحت مسميات صنعنا أرضية القبول لها في قلوبنا ، فرفضنا غربتنا في بلداننا ، و خففناها لـ ( مواطن محروم ) من حقوقه للونه أو لمذهبه أو للغته أو لأي سبب آخر و لكنا لسنا غرباء و نحن في بلداننا و بين قومنا.
في استحضاره لبعض مفاهيم عاشوراء يشير المرحوم الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين لمفهوم الغربة في كتابه الرائع ( عاشوراء ) يتساءل عن المقصود من الغربة التي عاشها الحسين في كربلاء فيقول:
« إن الإمام الحسين سكن مدة طويلة في حياة أمير المؤمنين في الكوفة ، و ذلك بعد بيعة الإمام علي انتقل من المدينة إلى الكوفة . كذلك انتقلت كل العائلة الشريفة مع الإمام إلى الكوفة . الحسن و الحسين و زينب و بقية البنات و الأولاد . الكوفة على مرمى حجر من كربلاء ، يعني أن الإمام سكن في العراق ، و مع ذلك في عبارات موجودة في الزيارات و في الشعر و في اللغة الشعبية « اللهم بغربة أبي عبد الله »».
فأي غربة هذه و الإمام الحسين كان قريباً من هذه المنطقة ، يعرف لغتها ، و يعرفه أهلها ، يكمل الشيخ بقوله:
« إن مفهوم الغربة هذا ، هو أحد المفاهيم الإسلامية الدقيقة جداً في موضوع الفكر ، و في موضوع الإنسان . ما هي مظاهر الغربة ؟ ماذا يصيب الغريب ؟ يكون الغريب غالباً ضعيفاً ، لأنه في مكان لا يعرف فيه أحداً ؛ و يكون الغريب غالباً محتاجاً ، لأنه يكون بعيداً عن مصادر ثروته ، و المصادر التي يمكن أن يأخذ منها المال و الطاقة و ما إلى ذلك . يكون الغريب غالباً وحيداً ، أو شبه وحيد لأنه لا يوجد حوله من يؤنسه و يسلّيه ».
ثم يشير رحمه الله أنه لا معنى لغربة الحسين بما مر من الضعف و الحاجة و البحث عن أنيس ، ليؤكد أن الغربة هنا هي غربة القضية ، و غربة الشرعية التي حاول الظالمون انتزاعها منه ، و غربة النهج الذي جعلوه وراء ظهورهم ، و غربة الفكر الذي حاول الرسول أن يرسخه في المسلمين.
فحين يكون التكوين السياسي طارداً ، و الفكر السائد طارداً ، و الفتاوى المتتالية طاردة ، و الحراك اليومي طارداً ، هنا تكون الغربة و يكون الإنسان بل و المجتمع كله غريباً.
الغربة أن تؤكد بلسانك و بصماتك و أفعالك و تاريخك أنك مسالم و محب للخير و منسجم مع الجميع ، لكنك ترى من يشكك في نزاهتك و وطنيتك لتعيش الغربة و الإقصاء في كل شيء ، و كأن الآذان قد صمت ، يحدثنا يوم كربلاء أن الحسين كان يجتهد في رفع كل لبس محتمل في عقول أعدائه الذين جاءوا لقتاله ، فيبين لهم حسبه و نسبه و مكانته و دواعي موقفه ، و يطلب منهم التأمل و التفكر و التأني فيما يريدون أن يقدموا عليه من قتله و سبي عترته ، لكن شمر بن ذي الجوشن يختصر الموقف و الجواب ليقول للحسين : « يا بن فاطمة إنا لا نفهم ما تقول ».
الغربة أن تشعر بمحدوديتك في العدد ، و أنت تئن و تصرخ و تتوجع ، لكنك في واد و بقية شعبك في واد آخر ، مستعدون للذهاب لأفغانستان و للشيشان و لباكستان و للعراق و لغزة و لكل مكان يسمعون فيه مستغيثاً من المسلمين ، لكنهم يكتفون بالتفرج عليك و كأنك لست بشراً و لا شريكاً في الأرض و لا أخاً في الدين و لا نظيراً في الخلق.
الغربة أن لا تؤتمن على دائرة رسمية في منطقتك لأنك لست أهلاً للأمانة ، فكل الدوائر بما فيها دوائر الخدمات البسيطة تحتاج إلى مهارات خارقة يؤتى بها من آخر الدنيا بكامل طاقمها الإداري و التنفيذي لتشعر بالغربة في دائرة مدخلها يقابل باب منزلك.
الغربة أن يتواصل معك بعض بني قومك من العقلاء و الكرماء الأحرار ، فتبدأ المواقع الإلكترونية البغيضة حملة التشويه لمجتمعك و الضغط عليهم ، تأتي هذه الحملة من جهات مختلفة بعضها على الأقل لا دخل له في القضايا الدينية و العقدية.
الغربة هي أن نذكر الغريب في نهجة و مواقفه و صلابته و نقول في أنفسنا ما أشبه الليلة بالبارحة فهل تركتنا بعدك غرباء يا أبا عبد الله لنعيش بعضاً من ألمك و ظلمك و حرمانك ؟ 1 .

1. الشيخ محمد الصفار ـ « صحيفة الوسط البحرينية » ـ 16 / 2 / 2009 م ـ 7:27 ص .

2088 مشاهدة | 16-02-2017
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة