الأربعاء 24 نيسان 2024 الموافق لـ 14 شوال 1445هـ

» إضـــــاءات قــــرآنــية

وإن منكم إلا واردها


نص الشبهة:
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ ، والخطاب عامّ يشمل المؤمن والكافر ، وبدليل ما بعد الآية: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ ، حيث قوله: ﴿ ... وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا ... ﴾ ، أي الجميع يَرِدُونها فيخرج المؤمن ويُترك الظالم بحاله . الأمر الذي يتنافى وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾ ، فيكف الوئام ؟!

الجواب: (الشيخ معرفت)
وقد ذَكَر المفسّرون هنا وجوهاً ، أوجهُها ـ ما عن ابن مسعود والحسن وقتادة واختاره أبو مسلم ـ أنّه بمعنى الإشراف عليها ليَشهدوا ذلك العرض الرهيب ، فالمؤمنون يَجوزونها ويَدنون منها ويَمرّون بها وهي تتأجّج وتتميّز وتتلمّظ ، ويَرَون العتاة ينزعون فيقذفون فيها .
قال تعالى : ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ... ﴾ 1 لن يكونوا لوحدِهم بل ﴿ ... وَالشَّيَاطِينَ ... ﴾ 1 الذين هم قادتُهم ، وبينهما صلة التابع والمتبوع والقائد والمَقود ، ﴿ ... ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴾ 1 جاثين على رُكَبِهم في ذلّ وفَزَع ، ﴿ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ﴾ 2 ، فلا يُؤخذ أحدٌ جُزافاً من تلك الجُموع المتكاثفة ، ﴿ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا ﴾ 3 ليكونوا طليعةَ المقذوفينَ فيها .
وبعد ، فيأتي دور المؤمنينَ الذين سَبَقت لهم مِن اللّه الحُسنى ، فيأتي زَرَافات منهم ، يَمرّون بهذا المشهد الرهيب ، فيُزَحزَحون عنها وفي منجاةٍ منها يَجوزونه ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا ... ﴾ 4 أي نجعلهم في منجاةٍ منه ﴿ ... وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ 4 أي نَدعهم جاثمين على رُكَبِهم على شفا جُرُفٍ هارٍ ؛ لينهار بهم في نار جهنّم .
فقد كان المُراد بالورود هنا هو الإشراف عليها ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ... ﴾ 5 ، وقوله : ﴿ ... فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ... ﴾ 6 ، إذ ليس المُراد من الورود هنا الدخول ، بل الدنوّ والاقتراب ، قال الراغب : الورود ، أصله قَصْدُ الماء ، ثُمّ يُستعمل في غيره 7 قوله : ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ ... ﴾ 5 أي قَصَدَه واقترب منه . والوارد : الذي يتقدّم القوم ليَرِد الماء ويَسقي لهم ، قوله : ﴿ ... فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ ... ﴾ 6 أي ساقيهم من الماء المورود .
قال : ويقال لكلّ مَن يَرِد الماء وارد ، وقوله تعالى: ﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ... ﴾ 8 ، ومنه : وَرَد ماءَ كذا أي حَضَره 9 .
وفي أمثال العرب : ( أنْ تَرِد الماء بماءٍ أكيس ) 10 ، أي من الكياسة والاحتياط أنْ يكون واردُ الماء مُستَصحِباً مع شيء من الماء ، ولعلّه يَرِد الماء فلا يجده.
قال زهير ـ شاعر الجاهليّة :
فـلمّا وَرَدْنَ الـماءَ زُرقـاً جِمامُهُ *** وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخيّمِ 11
أراد : فلمّا بَلَغْنَ الماء أَقَمْنَ عليه .
قال الزّجاج : والحُجّة القاطعة على أنّهم لا يَدخلونها هي قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾ 12 .
وللطبرسي هنا كلام مُذيّل ونَقل آراء ، اقتصرنا على الأرجح منها ، فليراجع 13 .
ولابن شهر آشوب توجيهٌ لطيفٌ بإرجاع ضمير الخطاب إلى مُنكري الحشر على طريقة الالتفات 14 15 .

1. a. b. c. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 68 ، الصفحة : 310 .
2. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 69 ، الصفحة : 310 .
3. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 70 ، الصفحة : 310 .
4. a. b. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 72 ، الصفحة : 310 .
5. a. b. القران الكريم : سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 388 .
6. a. b. القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 237 .
7. المفردات ، ص519 .
8. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 71 ، الصفحة : 310 .
9. المصدر .
10. مجمع الأمثال للميداني ، ج1 ، ص32 ، رقم 129 .
11. هذا البيت من معلّقته المشهورة ، يقول : فلمّا بلغتْ الضعائن الماءَ وقد اشتدّ صفاءُ ما جُمع منه في الآبار والحياض عَزَمْنَ على الإقامة ، فَوَضَعْنَ العِصيّ وعَمَدن إلى نصبِ الخيام كما في المتحضّر ، والزُرقة : شدّة الصفاء ، والجِمام : جمع جَمَّ الماءَ ، وجمّته ، وَوَضعُ العِصيّ كناية عن الإقامة ؛ لأنّ المسافر إذا عزم على الإقامة بمكانٍ وضع عَصاه ، والتخيّم : نصب الخيام . ( شرح المعلّقات السبع للزوزني ، ص77 ) .
12. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 101 و 102 ، الصفحة : 330 .
13. مجمع البيان ، ج6 ، ص525 ـ 526 .
14. متشابهات القرآن لابن شهر آشوب ، ج2 ، ص107 .
15. شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : الأُستاذ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة ، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص 279 ـ 281 .


1728 مشاهدة | 07-03-2017
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

لقاء مع المربي العلامة الشيخ حبيب الكاظمي

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة