الأربعاء 24 نيسان 2024 الموافق لـ 14 شوال 1445هـ

» قراءات ومـــراجعــات

فلسفة العذاب الدائم


لا ريب أنّ ذلك من الإشكالات المطروحة في هذا المجال والتي تتعلّق بخلود الكافرين في النار، وأنّه لابدّ من الموازنة بين المعصية والجزاء، وهذه القضية من القضايا التي لفتت انتباه العقلاء دائماً وخاصة رجال القانون الجزائي.*

ولكن يمكن الإجابة عن الإشكال المذكور بصور مختلفة،وهي:
1. انّ هذا الإشكال يرد لو كان الجزاء أمراً جعلياً، فلا ريب أنّ قوانين العقلاء ورجال القانون ترى أنّه لابدّ من الموازنة بين الجرم وجزائه، فللسرقة جزاء يناسبها، وللشتم جزاء يناسبه، وللقتل جزاء يناسبه، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون الجزاء خارجاً عن تلك الموازنة، فدائماً توجد موازنة بين الجرم والجزاء.

ومن هنا نرى أنّ بعض المقننين يرون أنّ بعض تلك العقوبات متناسبة مع حجم الجرم وبعضها الآخر غير متناسب وتوجد بينهما فاصلة كبيرة. وأمّا إذا ذهبنا إلى أنّ الجزاء ليس أمراً اعتبارياً جعلياً وإنّما هو أمر تكويني ملازم لوجود الجرم بمعنى انّه توجد رابطة تكوينية بين الجرم وجزائه، وانّ الجزاء تجسيم للذنب المقترف أو الجرم المرتكب، فحينئذ تنتفي الموازنة المذكورة، إذ يمكن أن يورث العمل في نفس المجرم هيئة لا تفارقه أبداً، فتكون الظلمة الناشئة من الشرك باللّه والتمرّد على أوامره حالة ثابتة تلازم الإنسان دائماً وتنسجم بصورة عينية في العالم الأُخروي، وحينئذ تتّصف بصفة الديمومة والخلود والعذاب الدائم.

2. انّنا لا نسلّم انّ العلاقة بين الخطأ والجزاء علاقة جعلية وعقدية وقابلة للزيادة والنقصان، بل أنّنا نرى وفي الحياة الدنيا قد تكون نتيجة الخطأ لا تنسجم ولا تتوازن مع الخطأ المرتكب، فنجد انّ الخطأ يقع في لحظة واحدة ولكن عقابه دائم، فعلى سبيل المثال لو أقدم إنسان ما على الانتحار ـ لأي سبب كان ـ فقد ارتكب جرماً آنياً، ولكنّه في نفس الوقت خلّف جزاءً غير متناه وهو فقد الحياة إلى الأبد، أو أنّ هذا الإنسان أقدم على إذهاب بصره من خلال اقتراف عمل لا يتجاوز عدّة ثوان، إلاّ أنّ هذا العمل السريع جداً يستتبع نتيجة دائمة وهي فقد البصر مدى الحياة.

وبالطبع انّ ذلك ليس قاعدة دائمة في جميع الأفعال، إذ بعض الأفعال يكون جزاۆها مۆقتاً جداً ولا يتجاوز الدقائق المحدودة.
فمثلاً من يتذوّق الطعام المرّ فانّه يشعر بالألم والمرارة نتيجة ذلك العمل به، ولكنّه في الواقع شعور مۆقت يزول بعد دقائق.

من هنا نعلم أنّ العلاقة بين الجزاء والعمل تكون على نحوين:
1. علاقة توليدية أبدية.
2. علاقة توليدية مۆقتة.

ومن هنا يبحث عن العلاقة بين الجرم والعذاب الأُخروي حيث نقول: إنّ الكفر والشرك هو من قبيل الذنوب التي تكون نتيجتها دائمة وإن كان الجرم مۆقتاً، وذلك لأنّ نفس هذا العمل هو المولد والموجد للنتيجة، وليست النتيجة ناشئة من الاعتبار والجعل والتقنين، ولقد أشارت الآيات والروايات إلى هذه الحقيقة حيث اعتبرت الدنيا مزرعة للآخرة، فقد ورد عن الرسول الأكرم أنّه قال: «الدُّنْيا مَزْرَعَةُ الآخِرَةِ» .وورد هذا المعنى عن علي(عليه السلام) إذ قال:«الْعَمَلُ الصّالِحُ حَرْثُ الاخِرَةِ».( [1]) كذلك ورد هذا المعنى في القرآن الكريم حيث قال سبحانه: ( مَنْ كانَ يُريدُ حَرْثَ الاخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ ... ) .( [2])

3. هناك قاعدة منطقية وفلسفية معروفة تقول:
«ذاتي الشيء لا يختلف ولا يتخلف» بمعنى أنّه لا يمكن إزالته من مكانه بصورة كلّية، وحينئذ فإنّ الإنسان كما أنّه خلق مقترناً بسلسلة من الصفات والخواص الذاتية التي لا تنفك عنه أبداً، فمن الممكن أن يكون الكفر والشرك الدائم ـ و خاصة العمدي منه ـ كالخصلة والسجيّة الثانوية والدائمة للإنسان بحيث تصبح من ذاتياته بنحو «لا يختلف ولا يتخلّف» وبالنتيجة تكون سبباً للعذاب الدائم( [3]).( [4])

المصادر:
* الشيخ جعفر السبحاني
[1] . نهج البلاغة: الخطبة23، طبع صبحي الصالح.
[2] . الشورى: 20.
[3] . يقول الحكيم السبزواري في حاشيته على الأسفار: وما يقول المصنّف انّ القسر لا يدوم وانّ الطوارئ والعوارض تزول، فجوابه: انّه ليس قسراً ولا عروضاً، بل تصير الكيفية الظلمانية، جوهرية والعرضية السيّئة ذاتية، فإنّ الفطرة الإنسانية ذاتية لا تزول والفطرة الثانية أيضاً ذاتية، إذا صارت ملكة جوهرية، إذ العادة طبيعة ثانوية.(الأسفار:9/347).
[4] . منشور جاويد:9/403ـ 405.

1968 مشاهدة | 31-07-2016
جامعة المصطفى (ص) العالمية -فرع لبنان- ترحب بكم

مناقشة رسالة للطالبة آمنة فرحات

أشكال السنن وصِيَغها في القرآن الكريم

العدد 54-55 من مجلَّة الحياة الطيّبة

ندوة كاتب وكتاب: الله والكون برواية الفيزياء الحديثة

ندوة كاتب وكتاب: التاريخ السياسي والاجتماعي لشيعة لبنان

زيارة للمجلس العلوي في منطقة جبل محسن

ورشة تقنيات قراءة في كتاب

ورشة تقنيات تدوين رؤوس الأقلام

ورشة أسس اختيار الموضوع ومعايير صياغة عنوان الرسالة

زيارة إلى ممثّليّة جامعة المصطفى (ص) في سوريا

زيارة إلى حوزة الإمام المنتظر (عج) في بعلبك

ندوة علميّة الذكاء الاصطناعي.. التقنيّات والتحدّيات

عزاء عن روح الشهيد جعفر سرحال

حفل توقيع في جناح جامعة المصطفى (ص) العالميّة

دورة في مخارج الحروف العربيّة

دورة إعداد خطيبة منبر حسيني

احتفال في ذكرى المولد الشريف

لقاء مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهوريّة الإسلاميّة

وفد من حوزة الإمام الخميني (قده) يزور الجامعة

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

صباحيّة قرآنيّة في حوزة السّيدة الزهراء (ع)

لقاء تعريفي مع طلاب حوزة أهل البيت (عليهم السلام)

زيارة المقامات الدينيّة وحوزة الامام الخميني (قده) في سوريا

دعوة للمشاركة في مؤتمر الإمام الحسين (ع) والنهضة الفكريّة

حفل تكريم سفير الجمهوريّة الإسلاميّة في لبنان

جلسة للجنة الفلسفة والكلام

مسابقة في حفظ أربعين حكمة للإمام علي (عليه السلام )

مناقشة بحث: الاجتهاد الفقهي بين روح الشريعة والمنهج المقاصدي.

المنهج التفسيري عند الإمام الخميني (قده)

الملتقى العلميّ السنوي الثاني للحوزات العلميَّة في لبنان

مناقشة بحث: أثر الزمان والمكان على موضوعات الأحكام

المسابقة العلميّة الثانية بين طلاب الحوزات العلميّة

صدور العدد (47) من مجلة الحياة الطيّبة